تطوير المناهج الدراسية في المملكة العربية السعودية

تعليم جديد: تعد المناهج من أهم مكونات النظام التربوي باعتبارها الوسيلة التي تحقق أهداف المجتمع داخل وخارج المؤسسات التربوية. فهي عبارة عن إطار مرجعي يتضمن محتوى المعرفة الاجتماعية والظواهر الطبيعية والبشرية والمهارات والاتجاهات والقيم و مهارات العمل والبحث والاستقصاء والتحليل بما في ذلك قدرتها على حل المشكلات المعاصرة كالبطالة وغيرها.

وتلعب المناهج دوراً مهماً في العملية التربوية إذ تعد المنهل الخصب الذي يزود الطلاب بالمعلومات والمعارف، ويغرس في أنفسهم الاتجاهات والقيم الإيجابية، وعليه يجب أن تبنى بحيث تعكس الفلسفة التي يؤمن بها المجتمع. ولا نقف عند ذلك، بل لابد من إجراء عمليات التعديل والتطوير عليها بغية تلبية الحاجات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية في زمن متسارع ومتغير.

وتعد عملية تطوير المناهج في أي دولة ضرورة يحتمها البحث عن الأساليب والطرق الأفضل لإعداد المواطن الصالح الذي يتمتع بأنماط فكرية وسلوكية تؤهله لكي يكون فاعلاً في حياته الخاصة والعامة وقادراً على خدمة وطنه وأمته ويحقق ما يصبو إليه الوطن من تقدم علمي ورقيّ حضاري، حيث أن عملية تطوير المناهج ليست عملية عشوائية أو ارتجالية، بل تحتاج إلى دراسة وتخطيط ومتابعة.

وتولي المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة التعليم عملية تطوير المناهج أهمية كبيرة، فقد أجريت عمليات تعديل وإضافة على المناهج في المملكة العربية السعودية من نشأتها وحتى وقتنا الحاضر.

واقع تطوير المناهج الدراسية في المملكة العربية السعودية:

تولي المملكة العربية السعودية المناهج الدراسية عناية كبيرة وذلك من خلال استحداث المناهج وحذف البعض وتطوير الآخر بما يتماشى مع الأهداف والخطط حيث تسير وفق الاتجاهات الحديثة في تقويم مناهجها باستمرار وتعديلها. وفيما يلي نستعرض واقع تطوير المناهج الدراسية في المملكة العربية السعودية :

في عام 1428هـ، صدرت موافقة المقام السامي على البدء بتنفيذ مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم – مشروع تطوير- لينطلق بذلك أضخم مشروع يشهده تطوير التعليم العام في المملكة العربية السعودية، بما حواه من برامج راعت التكامل والاحتياج في تطوير العملية التعليمية. ويأتي من أهداف هذا المشروع تطوير المناهج التعليمية بمفهومها الشامل لتستجيب للتطورات العلمية والتقنية الحديثة، وتلبي الحاجات القيمية والمعرفية والمهنية والنفسية والبدنية والعقلية و المعيشية لدى الطالب والطالبة.

ومع مطلع العام الدراسي 1431- 1432هـ، طبقت جميع المدارس الابتدائية والمتوسطة بالمملكة العربية السعودية المشروع الوطني الشامل لتطوير المناهج في حلقته الأولى، حيث بدأ المشروع تدريجياً في ثلاث حلقات كل حلقة تستمر عاماً دراسياً كاملاً. وبدأ كذلك تطبيق مناهج العلوم والرياضيات الحديثة –سلاسل ماجروهل لتعليم العلوم والرياضيات- تدريجياً.

ويعد برنامج المعايير الوطنية لمناهج التعليم العام التابع لهيئة تقويم التعليم والتدريب -والتي صدر قرار مجلس الوزراء بإنشائها وتنظيمها عام 1434هــ- من أحدث الاهتمامات بالمناهج في المملكة العربية السعودية في وقتنا الحاضر. ويسعى إلى تحقيق أكثر من 19 هدفًا من أهداف رؤية المملكة 2030، ووضع مضامينها في سياق تربوي تطبيقي، يرتكز على الدين الإسلامي والعناية باللغة العربية، وعلى مضامين الهوية والمواطنة المسؤولة، وغرس قيم الولاء والانتماء الوطني، وتعزيز قيم الوسطية، والتسامح، وثقافة العمل الجاد، والإيجابية، وتنمية الاقتصاد الرقمي ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال وغيرها من الأهداف المهمة.

ومن أهم ملامح التطور في المناهج في وقتنا الحاضر مايلي:

  • دمج وزارتي التربية التعليم ووزارة التعليم العالي في وزارة واحدة بهدف تطوير التعليم بشكل متكامل.
  • مواءمة الكتب الدراسية لتكون صالحة للبنين والبنات بدلاً عن الكتب السابقة.
  • تفعيل استخدام التقنية وربطها بالكتب الدراسية ودمجها في عملية التعليم والتعلم من خلال مناهج رقمية، كما أنها تركز على تفعيل دور الوسائل التعليمية بشكل أكبر أثناء التدريس واستخدام طرق واستراتيجيات تدريسية حديثة.
  • تركز المناهج على المهارات الأدائية من خلال العمل والممارسة الفعلية للأنشطة وربط المعلومات والتعلم بالحياة الواقعية.
  • تحقيق التكامل والترابط بين المواد الدراسية، وذلك من خلال دمج بعض المواد مع بعضها في كتاب واحد مثل: دمج مواد اللغة العربية بفروعها المختلفة في كتاب واحد.
  • تأليف كتاب للتربية الفنية والمهنية وآخر للتربية البدنية حيث أن هذا المقرر افتقد لكتاب مدرسي في أغلب سنوات إقراره.

وفي العام الدراسي (1439/1440هـ)، تم ربط المناهج الدراسية بالباركود ليساعد في فهم الدرس وشرحه؛ و لزيادة الحصيلة المعرفية لدى الطلاب. كما أعلنت وزارة التعليم عودة منهج الإملاء والخط للمرحلة الابتدائية بدءاً من الصف الثالث الابتدائي خلال الفصل الدراسي الثاني من هذا العام، على أن يتم إقراره في بقية السنوات في المرحلة الابتدائية خلال العام الدراسي القادم. فجميع النصوص التي تحتوي عليها هذه المقررات ستكون مستمدة من رؤية المملكة 2030 ليتم ترسيخها في أذهان الأطفال، وتم إطلاق مقرر مهارات التفكير الناقد والفلسفة لمختلف المراحل الدراسية في مدارس التعليم العام، بدءاً من الفصل الدراسي الثاني، وكذلك العام الدراسي القادم.

دراسات علمية في تطوير المناهج السعودية:

برنامج مقترح في التربية الفضائية قائم على صور الأقمار الصناعية والاستقصاء لتطوير مناهج الفيزياء بالمرحلة الثانوية في المملكة العربية السعودية:

هدفت الدراسة لتطوير مناهج الفيزياء بالمرحلة الثانوية في المملكة العربية السعودية من خلال تحديد قائمة متطلبات ومعايير التربية الفضائية اللازمة لمناهج الفيزياء بالمرحلة الثانوية باستخدام صور الأقمار الصناعية وطريقة الاستقصاء، وذلك من خلال تحليل الأهداف والمحتوى لمناهج الفيزياء، ثم تحديد أسس بناء برنامج في التربية الفضائية الفلكية. وقد تم تقديم تصور مقترح لتطوير مناهج الفيزياء في إطار الأسس السابقة. ولتحقيق أهداف البحث، تم إعداد استبانة من النوع مفتوح الاستجابات لتحديد قائمة مفاهيم ومتطلبات ومهارات التربية الفضائية اللازم تضمينها في مناهج الفيزياء بالمرحلة الثانوية، وتم بناء قائمة معايير التربية الفضائية اللازمة لمناهج الفيزياء في ضوء نتائج الاستبانة السابقة.

تطوير مناهج العلوم بالمرحلة المتوسطة في ضوء المفاهيم العلمية المتضمنة في رؤية المملكة العربية السعودية 2030م:

هدفت الدراسة إلى تطوير مناهج العلوم بالمرحلة المتوسطة في ضوء المفاهيم العلمية المتضمنة في رؤية المملكة العربية السعودية 2030م. ولتحقيق هذا الهدف، تم تحليل محتوى كتب العلوم بالمرحلة المتوسطة، وقد بلغ عدد المفاهيم العلمية الرئيسة بالكتب الستة 483 مفهوماً. كما تم تحليل رؤية المملكة 2030م بحسب المفاهيم العلمية الرئيسة، وبلغ عدد المفاهيم العلمية 125 مفهوماً علمياً. وكان من أبرز نتائج الدراسة:
بلغت نسبة توزيع مفاهيم (مجتمع حيوي) (37%)، وهي النسبة ذاتها التي حظي بها (اقتصاد مزدهر), في حين كانت النسبة الأقل (وطن طموح) وهي (26%). وبلغت نسبة تضمين كتب العلوم بالمرحلة المتوسطة للمفاهيم العلمية الواردة برؤية 2030م (39%) فقط وهي نسبة بسيطة.

فاعلية تطوير وحدة دراسية من كتاب لغتي الجميلة وفق معايير الاقتصاد المعرفي في تنمية التفكير الإبداعي لدى تلاميذ الصف السادس الابتدائي بالمملكة العربية السعودية:

هدفت الدراسة إلى قياس فاعلية تطوير وحدة دراسية من مقرر “لغتي الجميلة” وفق معايير الاقتصاد المعرفي في تنمية التفكير الإبداعي لدى تلاميذ الصف السادس الابتدائي بالمملكة العربية السعودية، وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي لتحليل الوحدة الدراسية وبناء أدواتها، والمنهج التجريبي للتحقق من فاعليتها. وتمثلت الأدوات باختبار في التفكير الإبداعي، وقائمة بمعايير الاقتصاد المعرفي. أما العينة فقد تكونت من 48 تلميذاً من تلاميذ الصف السادس الابتدائي تم اختيارهم وتقسيمهم بطريقة عشوائية إلى مجموعتين متساويتي العدد تجريبية وضابطة. وتم تطبيق أداة الدراسة وكان من أبرز نتائجها: وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات الاختبار القبلي ودرجات الاختبار البعدي لدى تلاميذ المجموعة التجريبية في التفكير الإبداعي ككل وفي المهارات الفرعية.

Image

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الإضافات