الوطن: أعجب كل العجب من الذين يُحاربون الإبداع، ويُسخّرون لأجل ذلك طاقات بارعة لإذابة الطموح العلمي والعملي، باتباع خطط وسياسات مفبركة، تُحارب الإبداع والمبدعين، الذين كم نحتاج اليوم لنتاجاتهم الفكرية، في شتى الميادين، ليُسهموا في مسيرة البناء والتنمية.
للأسف ما يقودني لمثل هكذا حديث، هو ما باتت تعايشه مواقع علمية وعملية عدة، من أفكار هدامة لطاقات التجديد، التي كان من الأولى الأخذ بيدها، بدلاً من إقصائها، الوقت الراهن يحتاج لنتاج رؤى وطنية تُدرك قيمة الولاء للوطن والعمل من أجله.
اليوم هُناك مسئولون يقولون ما لا يفعلون، ويتسمّرون في محراب الولاء للوطن وهو منهم براء، وعندما يواجهون مُبدعاً في طريقهم يُزيحونه جانباً، خوفاً من أن يتفوق عليهم، هذا هو الواقع العصي بعينه اليوم.
لو كنا نأخذ بيد كل مُبدع، وكل متفوق، وكل مواطن شغوف لارتياد آفاق المستقبل، لكان لدينا اليوم طاقات وطنية تُغنينا عن خبرات تُكلف الوطن الكثير، وتنقلنا لمستويات معيشية راقية، ولذا فإن الأدهى في هذا الجانب، أن نضع أًطراً ممنهجة لاختيار الطاقات القيادية، بمعايير عقيمة، تغلُب عليها الوجاهة المجتمعية والمصالح الآنية، لنصطدم بواقع أشبه بالخيال المظلم، بيد أن لدينا في الطرف الآخر طاقات فتية، قادرة على إحداث التغيير، والانسجام مع متطلبات المرحلة.
انتهى وقت توزيع الكعكة، وانتهى عصر احتساء المجاملات، اليوم إما أن ننتقل بأنفسنا إلى واقع التفكير المنطقي الجاد، الذي يضع الأمور في نصابها الصحيح، أو أن نرضخ لواقع نذهب ونعود إليه ولا نبارحه ليُصبح عقيماً، علينا اليوم أن نُفكر جيداً، هذا الوطن على امتداد مساحاته وعلى تعدد مُكوناته مليء بالطاقات المُبدعة، التي نحتاج أن نُفتش عنها، وأن نضعها في مكانها الصحيح لتصنع مُنجراً.
كم من الشجر المُثمر الذي نرميه دون أي عناء، بدلاً من الاعتناء به للمستقبل، أصبحنا اليوم نُحارب أنفسنا بأنفسنا، كما الشعر القائل (النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله)، فبدلاً من أن نتعاون ونتكاتف لإنتاج طاقات بشرية مُبدعة وكفؤة، أصبحنا نُسخّر طاقاتنا لإماتة الطموح والإبداع، للأسف ما هكذا تُبنى الأوطان وتُسّخر الطاقات، نحتاج كثيراً إلى وضع الطاقات المُبدعة في مكانها الصحيح فهذه منازلهم.
كفانا خوفاً وكفانا وجلاً علينا أن نكون أكثر واقعيين، لماذا تقبع طاقات عفا عليها الزمن في كراس باتت رثة؟!، طاقات لا تعي معنى التجديد والتطوير والتحديث، بل ولا تعي حتى معنى تحديات المستقبل؟!، في حين هناك كفاءات مُبدعة مُؤهلة علمياً وعملياً قادرة على إحداث الفارق، أليس هذا من الإجحاف في حقها؟!.
سيف الناعبي
اترك تعليقاً