استنهاض تربوي

بينما كنت يومًا من ضمن مراقبي الدِّبلوم العام ، إذ آلمني ما عايشت مع طلابنا ، ألمًا اعتصرني وتاقت منه نفسي أن نبدي حراكًا لما يدور حولنا ، ألمًا جعلني في حيرةٍ هل الأمر طبيعيا أم يوجد خلل لابد من تداركه .
وجدت من طلابنا عدد كبير منهم _ ليس بالهين _ يقفون في إجابتهم على أسئلة سهلة وأمور بديهية ، جعلني هذا المشهد أخلو بتفكيري قليلا وأتساءل ما السبب في ذلك؟!
و الأمر ليس في مادة بعينها و إنما في مختلف المواد كانت المعاناة نفسها، أسئلة بديهية و طلبتنا يتعاملون معها على أنها أسئلة صعبة معقدة منها:
أن يخيَّر في خريطة المكان المناسب لبناء مصنع هل قريبًا من المزارع و الأماكن السكنية أم في السهول والأماكن البعيدة ؟؟ وكأن يطلب منه إثبات تساوي طرفين رياضيين !
وبعمليات سهلة للإجابة عن الأسئلة، تجده يخوض الغمار فيجعل من المسألة البسيطة معركة ضخمة صعبة الفكاك.
وهاهنا أصبحنا نحن مراقبين في قاعات الاختبار وقد مضى عشر سنوات أو أكثر من انتهائنا للدراسة وترْكنا لتلك المقاعد ، إلا أنه ما زالت تلك المعلومات و ذلك الشرح راسخ في عقولنا و مع التذكير العابر نتمكن من الحل سريعا …
فيا ترى ما سبب هذه الطفرة التي تحدث في أجيالنا و أبناءنا و فلذات أكبادنا ؟؟؟!
هل يرجع السبب لمناهجنا الحالية ؟؟!
هل يرجع السبب لمعلمينا الكرام ؟؟!
هل يرجع السبب لطلبتنا النجباء ؟؟!
هل يرجع السبب لأولياء الأمور أم …؟؟!

كلٌّ منا يلقي اللوم و العتاب على جانب و يخلي نفسه من المسؤولية، فهل هذا هو الحل ؟؟؟! و هل سنتقدم بهذا الفكر وهذا الوضع ؟!
إذا لابد لنا من مراجعة كل جوانبنا وإعادة صياغة كل ما له علاقة ولو من بعيد، فكلها لها تأثير بالغ الأثر لأنها تنصبُّ في نفس بشرية مَعقدة تتأثر بكل ما يدور من حولها ، كذلك لابد من تآزر كل من واضعي المناهج و العمل على تفحص المنهج و مدى مناسبته مع طلبتنا.
و من الضروري لمزيد من الجودة أن نقف على معلمينا و طرق تدريسهم و التعرف على الخلل الحادث في طلابنا .
وكذا لابد من بذل الجهد مع طلابنا و تعريفهم بطرق المذاكرة الصحيحة و خلق الدافعية لديهم و تحفيزهم لكسب العلوم المختلفة .
لابد من تثقيف أولياء أمور طلبتنا و كيفية التعامل مع أبنائهم لغرس القيم و العادات الإيجابية في دراستهم و التأكيد على العلم و أهميته لأبنائهم .
لابد من وعي لجميع جوانب المنظومة التعليمية والوقوف على سبب الخلل و تداركه لكي نرتقي معا بأبنائنا بل بمجتمعنا بأسره .

Image

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الإضافات