الخليج: نظراً لحاجة المجتمع للطاقات الشابة ودورها الفاعل في التطوير والابتكار، يأتي برنامج “موهبة” ليكمل خطته التوجيهية منذ عامين في تعزيز قدرات طلبة المدارس في المجال الأدبي والفني، من خلال ورش عمل ودروس تنظمها إدارة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ومنطقة الشارقة التعليمية بهدف تنمية المواهب واكتشافها، نتعرف في هذا الموضوع إلى فعاليات البرنامج لمواهب الرسم القصصي بالتحديد، لمرحلتي العاشر والحادي عشر بغية التعرف بأفكارهن وقدراتهن الفنية في هذا الصدد، من خلال تطبيق عملي مباشر مع المدربة المختصة .
رسمت مريم حسين نجار، في الصف العاشر بمدرسة واسط النموذجية، رسومات تعبيرية لموضوع “الورقة التي فرحت أخيراً” القصة المعتمدة في البرنامج، تقول: “قرأت القصة قبل البدء في الرسم وبناء على الفكرة والمعطيات النصية حددت الشخصيات الرئيسية ورسمت ما يدل عليها مثل الورقة وعلبة عصير الليمون، وهذه المشاركة الأولى حفزتني على تنمية مهارات التفكير والرسم في آن” .
كما تجد لطيفة خميس الشحي، في هذا العمل الجماعي دافعاً حقيقياً لتنمية خيالها الأدبي والفني كونها تمتلك حس الكتابة القصصية وشغف الرسم منذ الصغر كما قالت، وتميل إلى فئة الأطفال في رسوماتها وأهم ما تعلمته من هذه الورشة الدقة والانسجام بين الفكرة والخيال ومخرج الرسمة النهائي .
هذه الورش في رأي موزة ماجد، تنمي مهارات التعلم الذاتي والبحث الفني والممارسة الفعلية في تطبيقها، حتى إن كانت البداية مستوحاة من قصة بسيطة للأطفال، لكن الأهم ماذا نتعلم كما قالت وكيف توجه الموهبة، وأضافت: “لم أكن أعي كيف أبني الفكرة قبل البدء بالرسم لكن استعنت بمفردات القصة المكتوبة لكي تحضر في مخيلتي الأدوات اللازمة للرسم ونوع الشخصيات وتفاصيلها وفي النهاية أخرج برسومات مؤثرة ومعبرة تشير للحكاية وما تتضمنها من أحداث تسلسلية يكملها الرسم التعبيري” .
ساعد نوع الرسم الكرتوني نورة الزرعوني، في الصف الحادي عشر علمي، على رسم شخصيات القصة كونها تميل إلى رسم الكرتون الياباني “الأنيمي” ومن خلال توجيهات الأستاذة المتخصصة في الورشة والمشرفين على البرنامج استطاعت استحداث رسومات جديدة وأسلوب مغاير عما رسمته سابقاً، بشكل يعزز مهاراتها الفنية في تحويل الكلمات المكتوبة إلى رسومات بسيطة لا يستعصي فهمها على الفئة المستهدفة .
وترى زميلتها فاطمة إسماعيل، الرسم من خلال القصة منفذاً إبداعياً جديداً يروق لها، وقالت: “في العادة لا أميل إلى رسم الوجوه والشخصيات وتحمست لهذه المشاركة بسبب اعتمادها على الرموز والأشياء المادية بعيداً عن رسم الوجوه، وأعجبت بالفكرة وتعلمت أهم النقاط الواجب الأخذ بها في هذا النوع من الرسم مثل المطابقة بين الفكرة والرسمة، والفئة المستهدفة، وكيفية تطوير الأدوات الفنية من خلال الممارسة والتعلم الذاتي” .
الربط بين النص الأدبي والصورة، وترجمة الرسومات المصاحبة للنص الأدبي هو محور الورشة التي تحدثت عنها من القاهرة د . هدى غريب، الأستاذة في كلية الفنون الجميلة قسم جرافيك، ليس بعيداً عن نوع الرسم الذي يقرب الصورة للطفل والفئات الأخرى، وقالت: “اختيرت مجموعة من الطالبات الموهوبات في الرسم القصصي ومن خلال لقائي معهن على مدى أربعة أيام، بينت لهن أهم الأساسيات المعتمدة في صناعة الصورة القصصية من خيال فكري وربط معنوي وتطبيق عملي يبدأ من الفئة المستهدفة، وركزنا أكثر على فئة الأطفال بأعمارهم المختلفة وماهية الأسلوب الذي يضمن إيصال المعلومة بسهولة وسلاسة، من خلال النص الأدبي سواء كان قصة أو شعراً أو نثراً” .
أشارت منى صقر المطروشي، أخصائية مصادر تعلم في مدرسة واسط النموذجية، ومشرفة على المواهب في مجال القصص والرسم القصصي، إلى دور المدرسة في اكتشاف المواهب وإدماجها في البرامج والورش العملية، وقالت: “التمست في بعض الطالبات حب الرسم القصصي، وبدأنا تطوير الحس الفني لديهن من خلال برنامج “موهبة” الفني وتلمست شخصياً قدرات لافتة لدى بعض الطالبات في مرحلتي العاشر والحادي عشر في وضع الرسومات القصصية، مع العلم أنه توجد مواهب أخرى فنية في المدرسة، لكن ركزنا على هذا النوع من الرسم لتمكين الطالبات فكرياً وفنياً وتوجيههن بصورة تعليمية صحيحة تتبناها خبرات متخصصة في هذا المجال تكسبهن مدارك فنية جديدة عنوانها الابتكار” .
تركز هذه الورش من برنامج “موهبة” على الجانب التدريبي والإنتاجي في فئة الرسم القصصي بالتحديد حسب ما أشارت إليه فاطمة عبد الباقي، موجهة التربية الفنية في منطقة الشارقة التعليمية، التي ابتكرت هذا المشروع بهدف استثمار طاقات الطلبة الموهوبين، وصقلها وتوجيهها فنياً .
وأضافت: “بالتعاون بين منطقة الشارقة التعليمية والمجلس الأعلى للأسرة وبالتحديد مع صالحة غابش التي كتبت القصة الأدبية، انطلقنا في تشجيع الطالبات وحثهن على ابتكار رسومات خاصة بالقصة ولم نكتف بهذا فقط حيث ستطبع القصة وعليها أسماء الطالبات المشاركات في الرسم، وهذا بحد ذاته دافع حقيقي يبث الثقة والعطاء بقدراتهن، ونحن بأمس الحاجة لمثل هذه البرامج والورش التعليمية التي تقف عند مختلف المواهب وأنواعها وتضفي روح العمل الجماعي والرغبة في التطوير والتعلم والمشاركة في مسابقات تنهض بالطلبة إلى مستويات لا تتحقق من دون عمل مستمر وجهد حثيث من الجهات الأكاديمية والتعليمية” .
رعاية المواهب
عن هدف البرنامج ورؤيته، تقول صالحة غابش، مديرة إدارة المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس: “انطلق “موهبة” منذ عامين بالتعاون مع منطقة الشارقة التعليمية، ورابطة أديبات الإمارات في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بهدف رعاية المواهب الفنية والأدبية، التي تمتلئ بها المدارس، سواء في الرسم أو التصوير أو الشعر وغيرها، ولا يمكن تنمية هذه المواهب من دون خطة تدريبية، عملية، فيها تتفاعل الطالبات وذوو الاختصاص والخبرة على أرض واحدة، يقبل فيها النقد والتوجيه، ومن خلال القصة ارتأينا سبلاً جديدة تدمج الحس الفني في الرسومات إلكرتونية، بالذات، التي باتت منتشرة في جيل اليوم ومؤثرة على حد سواء، ولهذا نكمل مع الطالبات مسيرة التعلم والتطوير الممنهج والدوري” .
اترك تعليقاً