الخليج: يثبت طلاب الجامعات من وقت لآخر قدرتهم على مسايرة واقعهم، وتحقيق التفوق على غيرهم ممن تخرجوا، ومن هذه النوعية يأتي طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والذين يؤكدون أن سواعد الشباب قادرة
على ابتكار كل ما هو جديد لصالح المجتمعات .
ومن وقت لآخر تتوالى الابتكارات، ما يجعلها لا تقف عند وقت أو حدود بعينها، ما يعني أن الشباب لا يتوقفون عن تشغيل العقول والسواعد، والبحث الدائم عن كل ما هو جديد ومفيد، ومنها ما تم التوصل إليه من مواجهة القرصنة في الأعمال الفنية، فضلا عن اختراعات أخرى في مجال بصريات “النانو”، وزراعة أسطح المباني بما يفيد البيئة .
قام ثلاثة من الطلاب بإجراء أبحاث مهمة في بصريات “النانو”، وتقدموا للحصول من خلالها على براءات اختراع، وتمكنوا من نشر مقالاتهم في المجلات العلمية، وهم محمود الدسوقي، ومصطفى هنداوي، وعبد الإله عزازي، ويقول الأخير وهو طالب بقسم الفيزياء بالجامعة متخصص فرعياً في الكمبيوتر، أنه تمكن من التوصل إلى أجهزة مبتكرة في حجم “النانو” متصلة بالروابط الضوئية، والتي تسمح للضوء بالمرور بين الرقائق والحلقات الموجودة في اللوحة الأم بأجهزة الكمبيوتر، لتزيد من سرعة هذه الأجهزة وتقلل تكلفتها .
ويصف عزازي، الذي سيعرض عمله على خبراء في هذا المجال ضمن فعاليات مؤتمر دولي بمدينة سان فرانسيسكو خلال فبراير/شباط المقبل، هذا الجهاز بأنه “من أصغر الأجهزة التي تم تصميمها على الإطلاق، بمقياس 500 x 500 نانو متر، وسيتم إرسال التصميم إلى جامعة يابانية لكي يتم تصنيعه، ثم يعاد إلى مصر مرة أخرى لاختباره” .
ويقول إن اللوحات الرئيسية لجهاز الكمبيوتر تحتوي على عدة أنظمة، حيث تتصل المكونات الخاصة بها من خلال إشارات كهربائية تبطئ من سرعة عمل الكمبيوتر، ومن خلال استخدام الروابط الضوئية، سيتم وضع أجهزة صغيرة الحجم فوق الرقائق الموجودة باللوحة الأم لإتاحة إرسال واستقبال العديد من أطوال الموجات الضوئية على ترددات عدة، فيما يعد الضوء حلا جيدا لزيادة سرعة أداء أجهزة الكمبيوتر من دون السماح بالتداخل بين أنظمته الداخلية، سيقدم هذا الجهاز الصغير استجابة دقيقة وسريعة للغاية” .
أما محمود سويلم فيقول: “طالب الجامعة لديه الفرصة لاكتشاف مهاراته وقدراته، وأن يتعرف بشكل أفضل على ما يحب القيام به وما يثير اهتمامه، “ولذلك فإن الجامعة الأمريكية توفر لنا مناخاً مناسباً للتعرف على الجديد في مجالنا، وتمكننا من الاطلاع على الأبحاث العلمية المتاحة” .
ويدرس الدسوقي في قسم الأحياء، وتخصص فرعياً في الفيزياء، والرياضيات، والكيمياء، أما زميله هنداوي، فيدرس هندسة الإلكترونيات، ومتخصص فرعياً في الفيزياء، ويعمل هو وزميله على تصميم عدسات فائقة تتميز بقوى تركيز هائلة لتصوير الأنسجة، بالإضافة إلى ملقاط ضوئي في حجم “النانو” يبث ضوءاً تتبعه الجزيئات ليتم التحكم في مسارها .
وتعد العدسات الفائقة ذات إمكانات عالية في التصوير، حيث تتمكن من رؤية الجزيئات المتناهية الصغر والتي يصعب رؤيتها بالمجهر المعتاد، ويوضح الدسوقي أنه “يمكن مشاهدة البكتيريا بالمجهر داخل أي معمل، لكن لا يمكن أن يرى ما بداخلها من دون استخدام جهاز مثل المجهر الإلكتروني، الذي يبلغ حجمه حجم غرفة، أما مع العدسات الفائقة، التي يبلغ طولها عدة ميكرومترات، فيمكن رؤية ما يوجد بداخل البكتيريا باستخدام أطوال الموجات أو الضوء العادي، دون اللجوء إلى المجهر الإلكتروني” .
وفي سياق علمي وبحثي آخر، يعكس ابتكارات الدارسين، تمكنت مايان صبري، الحاصلة على درجة البكالوريوس في الكيمياء من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، من استخدام طرق علمية لاكتشاف الفن المزور، “وهذه الأساليب تحتوي على تحليل دقيق لبصمة الفنان أو لوحة الألوان” .
وكجزء من مشروع تخرجها، حللت صبري وسجلت كيميائياً لوحة ألوان الرسام المصري طه القرني، وتحدد الهدف من بحثها في إنتاج قاعدة بيانات، هي الأولى من نوعها، لتوثيق اللوحات والأدوات المستخدمة من قبل الفنانين المصريين المشهورين، للتمييز بين اللوحات الحقيقية والمزورة، وذلك لمواجهة القرصنة .
وتقول مايان عن مشروعها، “كانت هذه التجربة مثيرة للاهتمام، لأنها تمزج بين البحث العلمي وعالم الفن، ولم تنشأ من قبل قاعدة بيانات في العالم العربي لخدمة غرض مماثل، لذا أصبحت الحاجة إلى التوثيق والحفاظ على أصالة أعمال الفنانين العرب شيئاً ضرورياً” .
وفي مشروع تخرجها، تشير صبري إلى لوحات الرسام المصري الشهير الراحل محمود سعيد، وواقعة ظهور لوحته المسماة “ذات العيون الخضراء”، للبيع في دار كريستيز في دبي في حين من المعروف أن اللوحة معلقة في بيت سفير مصر بالأمم المتحدة في نيويورك .
وتقول، “يبدو أنه يوجد لوحتان، واحدة منهما أصلية والأخرى مزورة، وإذا كانت لوحة ألوان محمود سعيد متاحة لنا الآن، لاستطعنا اكتشاف أيهما مزورة، بتحليل أصباغ اللوحتين، ولكن للأسف فإن تلك السجلات غير متوفرة” .
ومن بين الدراسات والابتكارات التي تحولت إلى واقع عملي على الأرض بسواعد الشباب، ما أنشأه مركز تنمية الصحراء بالجامعة الأمريكية من أول سطح أخضر فوق مبنى المركز بحرم الجامعة، بهدف تنمية النباتات وتوفير مساحة للتعليم والتدريس، وهو السطح المغطى بالزراعات المقامة فوق سطح غشاء مقاوم للماء، وهو المشروع الذي يحقق أهدافاً اقتصادية، وبيئية وفنية . وتقول سيندي يوسف، الباحث المساعد بمركز تنمية الصحراء، “إن السطح الأخضر يمثل مشروعاً بحثياً تجريبياً لاختبار طرق مختلفة للزراعة فوق الأسطح باستخدام الأوعية الخشبية، ونظام الزراعة المائية الذي يعتمد على ري النباتات من حوض الأسماك ثم فلترة ما يتبقى من المياه لتعود للحوض مرة أخرى
اترك تعليقاً