من المعلومات لحماية الطلاب من المتطفلين إليكترونياً

دار الخليج: لم يعد مفهوم الأمية مرتبطاً بالجهل الثقافي أو بعدم القدرة على الكتابة والقراءة، بل بمدى معرفة الإنسان بلغة العصر التي تساعده على مواكبة الوسائل والتقنيات الرقمية، وكيفية التعامل مع الانعكاسات السلبية التي ترافق تطبيقات الثقافة الإلكترونية في الواقع .


 

وبما أن نجاح الرؤية التعليمية في أي بلد يتوقف على مدى مواءمة مدخلات ومخرجات العملية التعليمية مع حاجات العصر وما

تفرضه من متغيرات وأدوات جديدة، أضيف منهاج “أمن وحماية المعلومات” إلى حقيبة المناهج المدرسية لحماية الطلاب من أخطار الاحتيال عبر الإنترنت . أهمية المنهج بعد تطبيقه في جميع المراحل التعليمية في الفصل الثالث من العام الماضي، تتضح في السطور التالية .

إعداد استبيان إلكتروني من قبل وزارة التربية والتعليم للطلاب في الحلقة الثانية والمرحلة الثانوية لقياس معارفهم ومهاراتهم حول أمن المعلومات، كان كافياً للكشف عن حجم الثغرات التقنية عند الطلاب، وضعف المهارات التي تمكنهم من مواجهة لصوص المعلومات أو من يطلق عليهم “الهاكرز” . لذلك قررت الوزارة استحداث منهاج جديد يسهم في تنمية القدرات الأمنية للطلاب على الشبكة العنكبوتية ومواجهة متطلبات العصر التكنولوجي الحديث . أهداف المنهاج والخطوات التي تلت تطبيقه في مدارس الدولة خلال الفصل الثالث من العام المنصرم، توضحه الشيخة خلود بنت صقر القاسمي، مديرة إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم، وتقول: يهدف المنهاج إلى تحسين المهارات التقنية للطلاب، وتمكينهم من الأدوات التي تساعدهم على مواجهة “الهاكرز”، ويركز على توجيه وتوعية الطلاب بالاستخدام الصحيح والآمن للتكنولوجيا، بما ينعكس على أمنهم وسلامتهم وخصوصياتهم، وذلك سعياً إلى تحقيق أهداف الوزارة الاستراتيجية الخاصة بتطوير المناهج وتجويدها لتهيئة الطلاب لمجتمع المعرفة . لافتة إلى ان المنهاج تم إعداده على مراحل عدة، تحت إشراف لجنة من موجهي تقنية المعلومات، ومتخصصين من الهيئة “فريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي”، وبالتشاور مع نخبة مختارة من معلمي ومعلمات تقنية المعلومات ومن كافة المناطق التعليمية لأخذ آرائهم وأفكارهم حول هذا المنهاج والأساليب والأنشطة التربوية التي تتضمنه . مؤكدة أن جميع معلمي ومعلمات تقنية المعلومات خضعوا لدورات تدريبية لإعطاء المنهج بأسلوب حديث، وان الدورات ستستمر بشكل متجدد، كما ان الوزارة ستعمل دوما على تطوير المنهاج، بناء على آراء معلمي ومعلمات المادة، وبناء على التطورات التكنولوجية .

أحمد سلطان الشحي، مدرس المعلوماتية في مدرسة البريرات في رأس الخيمة يقول: المنهج يغطي جميع المراحل التعليمية من الصف 1 إلى الصف 12 ويتألف من نشاطات وعروض مرئية وقصص تصويرية متعددة، تقدم أسلوبا حديثاً في طرح المعلومات، حيث يتضمن تعريف بالتهديدات والمخاطر عبر مواقع الإنترنت والمشكلات الرئيسية الناتجة من الاتصال بها مثل الرسائل غير المرغوب فيها، والبرامج والفيروسات الخبيثة والضارة، وملفات التجسس، والمشكلات الاجتماعية الناتجة عن الإهمال أثناء التعامل عبر الإنترنت، والتصيد الإلكتروني، وقضايا التعدي الإلكتروني وخرق تشريعات حقوق الملكية الفكرية، وأخلاقيات استخدام الحاسب الآلي وطرق المحافظة على الجهاز، وسرية البيانات، وحفظ الخصوصية، وضرورة المحافظة على كلمات المرور وسبل تقويتها لحفظ سرية المعلومات وسلامتها من تسلل المتطفلين، إضافةً إلى أمن متصفحات المواقع الإلكترونية وحماية رسائل البريد الإلكتروني . لافتاً إلى ان الدورات التي خضعوا لها كانت تعريفية أكثر منها تدريبية .

ويقول محمد تيم، مدرس المعلوماتية في مدرسة المجد النموذجية: إن المنهج يقدم إرشادات واضحة للطلاب تعينهم على التحديات والمشكلات التي تعترضهم في مراحلهم الدراسية المختلفة، ولتشجيعهم على استخدام موارد تقنية المعلومات بصورة سليمة وآمنة . ويتضمن نشاطات مختلفة عبر الإنترنت ومحاضرات صممت خصيصاً بهدف الارتقاء بمستوى التعليم في هذا النطاق، وهو مقسم لثلاثة أقسام رئيسة، يتعلق الأول بالصفوف من الأول إلى الخامس، ويركز على سلبيات وايجابيات الإنترنت، والأهمية التعليمية لاستخدام التكنولوجيا، وعرض مجموعة من المواقع التعليمية المفيدة، وأهمية كلمات المرور، والتعرف إلى الفيروسات، والاختراق الإلكتروني . أما القسم الثاني فيتعلق بالصفوف من السادس إلى التاسع، ويركز على وسائل الشبكات الاجتماعات والمراسلات الفورية وكيفية التعامل معها بصورة آمنة، واستخدام الأجهزة المحمولة بأنواعها، وأفضل ممارسات التجارة الإلكترونية ومدى موثوقية مواقعها . والقسم الثالث يستهدف مدارس التعليم الثانوي، ويركز على مفهوم التشفير والترميز، وأنواع الشبكات الإلكترونية، والتهديدات الإلكترونية على الإنترنت، وكيفية التصدي للبرامج الخبيثة، والقواعد الصحية العامة في التعامل مع التكنولوجيا من منظور أخلاقي واجتماعي ووطني، في البيت والعمل . مشيراً إلى ان مادة تقنية المعلومات لا تحتوي على منهج كتابي محدد، لأنها مادة متطورة ومتجددة، لذلك وضع منهج أمن المعلومات على قرص صلب يحتوي على النشاطات والعروض المرئية والقصص التصويرية المتعددة التي تقدم أسلوبا حديثا في طرح المعلومات .

وعلى الرغم من المدة الزمنية القصيرة التي طبق فيها المنهاج خلال الفصل الدراسي الثالث من السنة الدراسية الماضية، ظهر الكثير من المؤشرات الايجابية في المجتمع المدرسي . وحول هذه المؤشرات يقول مدرس المعلوماتية، سليم أحمد إبراهيم: النشاطات المختلفة التي يحتويها المنهج عبر الإنترنت، والطريقة التفاعلية في نقل المعلومة وتطبيقها، أسهمتا بوضوح في اتباع الطلبة نمطاً جديداً في التعامل مع أجهزة الحاسب الآلي، والشبكات الاجتماعية، وهذه النتائج الأولية من شأنها ان ترتقي بمستوى التعليم في هذا النطاق . مؤكداً ان المنهج في كثير من تفاصيله يراعي إشراك أولياء الأمور في بناء الوعي الأساسي للعلم كون البيت والمدرسة المكون الأساسي نحو إقامة مجتمع معلوماتي واع وآمن للجميع .

وتصف المشرفة العامة موزة بوخاطر اعتماد منهج أمن وحماية المعلومات ضمن مناهج الدراسة بالخطوة المهمة على طريق الصواب، ومن شأن مضمونه أن يثري البعد التنموي في الجانب التعليمي، ويسهم بشكل فعال في كسب الطلاب خبرات علمية وعملية جديدة، تحميهم ان يكونوا ضحايا للمتطفلين والمتحرشين . وتقول: إضافة إلى أهمية الجانب التعليمي في تدريس منهج “أمن وحماية المعلومات” في المدارس، يلعب دوراً اجتماعياً أيضاً لا يقل أهمية عن الجانب الأول، فمعظم أولياء الأمور والأمهات لا يدركون أسرار الإنترنت، والتدابير الوقائية لحمايتهم من الهجمات الإلكترونية الخبيثة، وكيفية اتخاذ التدابير الأمنية الصحيحة . وبالتالي اثراء هذه الثقافة في المدارس سيساهم بشكل فعال على نقلها إلى المنازل .

ويشير عيسى عبدالله، طالب في الصف التاسع، إلى أن الإنترنت هي أكثر ما يجذب الطلاب، ويقضون ساعات طويلة في تصفح المواقع الترفيهية، وبمساعدة المنهج أصبحنا نتعرف إلى جوانب فنية وتقنية مهمة حول كيفية التعامل مع الإنترنت، ويقول: مع بدء العام الدراسي الجديد سيكون لدينا متسع من الوقت لكسب ثقافة معلوماتية متماسكة، ونتعرف إلى الكثير من التطبيقات الإضافية التي لم نتعلمها خلال الفصل السابق لضيق الوقت وعدم الالتزام .

ويضيف الطالب علي صالح، من مدرسة خالد بن الوليد: في السابق كنا نحصن أمننا المعلوماتي بشكل ذاتي ومن خلال بعض الجهود والمعلومات الشخصية، ولكن لم تكن هذه المعرفة علمية بحتة، لذلك ان تصبح منهجاً دراسياً وثقافة سلوكية تدرس منذ الصف الأول، فبدون شك ان هذا سيساعد على سد الكثير من الثغرات التي كنا نقع فيها .

استطلاع “ياهو”

أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة “ياهو” للأبحاث عبر منطقة الشرق الأوسط، نشر حديثاً، أن أكثر من 68% من أولياء الأمور لا يجدون أنفسهم مؤهلين بما فيه الكفاية لتوعية أبنائهم عن الاستخدام الآمن للإنترنت . وأن أبناءهم قد يستفيدون أكثر من خلال مناقشة سبل استخدام الإنترنت بأمان في المدارس أو مع أقرانهم . كما أظهر الاستطلاع أن 43% من أولياء الأمور الذين شملهم المسح يعتقدون بأن أبناءهم سيستفيدون من أصدقائهم في حين رجح 42% منهم أن المدارس هي البيئة المناسبة لتعليم الأبناء سبل الاستخدام الأكثر أمانا للإنترنت .

“مهارات للحياة”

نفذ قسم “بوليتكنيك أبوظبي” التابعة لمعهد التكنولوجيا التطبيقية، برنامجاً متطوراً لتدريب الطلاب من شباب الإمارات في مجال أمن المعلومات بما يمكنهم من حماية أنفسهم ومجتمعهم من سرقة الهوية عبر الإنترنت وآلية حماية البطاقات الائتمانية من التزوير وطرق اكتشاف عمليات الاحتيال المصرفي عبر الإنترنت، وذلك ضمن برنامج “مهارات للحياة “الذي ينظمه مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني بالتعاون مع معهد التكنولوجيا التطبيقية في 18 مؤسسة تعليمية حكومية بمختلف إمارات الدولة .

Image

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الإضافات