مجلة التعليم الإلكتروني: التعلم النقال Mobile Learning يقترن عند البعض بالهواتف المحمولة فقط ولكن المقصود الحقيقي به هو استخدام كل من الهواتف المحمولة وأجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتحركة وأجهزة الكمبيوتر المحمول Laptop والتابلت والأي باد iPad والمساعدات الرقمية الشخصية Personal Digital Assistants في عملية التعليم والتعلم فى أي وقت وفي أي مكان ، ويعد التعلم النقال Mobile Learning امتداد حقيقي للتعلم الإلكتروني E-Learning الذي بدأ يأخذ خطوات جاده وسريعة في المجتمع التعليمي المصري.
وتأخر كثيرًا توظيف التعلم النقال Mobile Learning في التعليم المصري لعدة عوامل بعضها يرتبط بالعدالة في التعلم بين الطلاب والبعض الآخر يرتبط بالتكلفة الباهظة، ولكن دعونا نفكر قليلًا الأن وفي وقتنا الراهن من منا ينزل من منزله بدون مفاتيحه وحافظة نقوده وواحد من أهم عناصر التعلم النقال وهو الهاتف المحمول، ولو حدث ونزلنا بدون الهاتف المحمول ما تأثير ذلك علينا؛ هل سيمر اليوم بشكل طبيعي أم سنشعر بإفتقاد شيء أصبح عنصر هام وأساسي في حياتنا اليومية؛ حتى أنه يمكن أن يوصف الأن بكارت ميموري إضافي للعقل الإنساني الذي أصبح غير قادر على مواجهة الكم الهائل من المعلومات والمتدفق من شبكة الإنترنت.
ولكن السؤال الأن: هل التعليم المصري جاهز لهذه الثورة التكنولوجية أم لا ؟
بدأت العديد من المؤسسات التعليمية وبعض الأفراد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية بشكل شخصي الاهتمام بتوظيف التعليم بالمحمول في العملية التعليمية واستخدام بعض البرامج المجانية والغير مجانية لمساعدة المتعلمين في متابعة التمارين التدريبية والتعليم الذاتي والارشاد المهني لهم، ولكن هل التسرع في تطبيق التعليم بالمحمول في العملية التعليمية لمجرد أنه مستحدث تكنولوجي فقط هو الشكل الأمثل للتطبيق أم يجب الدراسة بعناية لتطبيق أي مستحدث تكنولوجي تطبيق سليم قائم على بعض نظريات واستراتيجيات التعلم ونماذج التصميم التعليمي المرتبطة بهذا المستحدث التكنولوجي، حتى يأتي بالمخرجات المستهدفة من استخدامه وعدم الحكم عليه بالفشل لمجرد التطبيق الغير قائم على أسس علمية وتربوية.
فالتعلم النقال يتميز عن مختلف الوسائل التكنولوجية الآخرى والمستخدمة في العملية التعليمية بعدة مميزات:
أولها التنقل وعدم ثبات عملية التعلم في مكان ثابت والوصول لأي معلومات من خلال المواقع العديدة والمتوفرة في شبكة الإنترنت دون أي قيود للزمان أو حدود للمكان؛ بالإضافة إلى سهولة عملية التنقل بالأجهزة التعليمية لخفة وزنها وصغر حجمها،
ثانيها الحرية والديناميكية وذلك بإعطاء المتعلم مزيد من الحرية لعملية التعلم كي تتم داخل وخارج أسوار المؤسسات التعليمية؛ فتوفير عضو هيئة التدريس لملفات فيديو وصوت وفلاشات متحركة وملفات نصية وغيرها من الملفات كفيل بمساعدة المتعلمين في دراسة المحتوى التعليمي في أي وقت وأي مكان؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر مشاهدة المحاضرات أو الاستماع لها بعد تسجيلها لمراجعتها أكثر من مرة كلما تطلب الأمر ذلك مما يسهم في بقاء أثر المعلومات؛ كما تساعد المناقشات والاختبارات التي يوفرها عضو هيئة التدريس على أجهزة المحمول أو أي جهاز يستخدم في التعلم النقال في تحديد نواحي القصور عند المتعلمين بشكل عام للفرقة الدراسية وبشكل فردي لكل متعلم من خلال التقارير السريعة التي يستقبلها عضو هيئة التدريس على المحمول في صورة رسائل قصيرة أو بالبريد الإلكتروني الخاص به والتي تساعده في اتخاذ ما يلزم من قرارات سريعة لمعالجة هذا القصور، وهذه النوعية من التقارير يصعب الحصول عليها بالطرق التقليدية وخاصة عند تزايد عدد المتعلمين،
وثالثها التكيف وذلك بإعطاء المتعلم الحرية في التفاعل مع أطراف المجتمع التعليمي دون الحاجة للجلوس في أماكن محددة وأوقات معينة أمام شاشات الكمبيوتر من خلال خدمة الرسائل والبريد الإلكتروني وغيرها من وسائل التواصل الإلكتروني،
رابعها التفاعل والتشارك والتعاون بين المتعلمين أنفسهم وبينهم وبين معلميهم بغض النظر عن التباعد الجغرافي؛ فمواقع التواصل الإجتماعي المتوفرة في جميع أجهزة التعلم النقال تساهم في التواصل بين الأصدقاء والزملاء والأشخاص ذوي الاهتمامات المشتركة؛ حتى أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي محور اهتمام العديد من البحوث العلمية والتعليمية لما لها من أثر فعال مساعد في العملية التعليمية،
وخامسها تطوير المتعلمين للمحتوى بنفسهم بواسطة أجهزة التعلم النقال كتسجيل المحاضرة في صورة ملفات فيديو أو ملفات صوتية أو استخدام برامج الحاسوب في تطوير أجزاء المحتوى التعليمي في صورة فلاشات أو ملفات نصية يمكن دراستها في أي وقت وأي مكان؛ وهذه الملفات التي يتم تطويرها بواسطة المتعلمين تساعد في تشارك وتعاون المتعلمين في عملية التعلم من خلال تبادل هذه الملفات فيما بينهم لتعم الفائدة على جميع المتعلمين.
وبالرغم من مميزات التعلم النقال في العملية التعليمية إلا أنه يواجه مجموعة من التحديات منها حقوق الملكية الفكرية لحماية المحتوى التعليمي من الطبع والنشر، كذلك مدى توفر بنية تحتية وشبكات لاسلكية وأجهزة حديثة لتوظيفه واستخدامه في العملية التعليمية، كما أن قصر عمر البطارية وصغر حجم الشاشة وحجم المفاتيح وتواضع القدرة التخزينية لبعض أنواع أجهزة التعلم النقال كالموبايل على سبيل المثال وليس الحصر يؤثر على اتجاه بعض المستخدمين لاستخدامه أو الاعتماد عليه، بالإضافة إلى أهم تحدي وهو التطور السريع والمتلاحق في إنتاج أجهزة التعلم النقال وتغير نماذجها مما يجعل من مواكبتها للبرامج وتطوير المحتوى أمرًا ليس سهلًا؛ هذا بجانب للتكلفة الباهظة لبعض أنواع أجهزة التعلم النقال.
ونستخلص مما سبق أن هذا الجيل من المتعلمين وأعضاء هيئة التدريس يجب أن يستعدوا لدخول التعلم النقال Mobile Learning في عمليات التعليم والتعلم، وعلى كل منهم إعطاء الفرصة لإنجاح هذه الثورة التكنولوجية لمميزاتها المتعددة، فعلى أعضاء هيئة التدريس دراسة أفضل الاستراتيجيات التعليمية التي يمكن استخدامها في التعليم المصري لتطبيق هذا المستحدث التكنولوجي؛ وعلى المتعلمين أن يحاولوا تغيير الفكر الجامد للشكل التقليدي لعملية التعلم لفكر جديد يساهم في بناء جيل تكنولوجي جديد ذو مهارات متميزة يساهم في رفع مكانة الدولة المصرية على المستوى العربي والعالمي.
بقلم د. رامي ذكى إسكندر / م. رنا محفوظ حمدي