البيان: خدمة المجتمع مسؤولية عامة يتحملها الجميع، لا تقتصر على منصب أو مكانة أو حتى سن معينة، فالعزيمة والإرادة والإصرار والثقة بالنفس والتحلي بروح المسؤولية، كلها محفزات تضع للشخص مكانة عليا في المجتمع مهما كان صغيراً أم كبيراً، وذلك تحديداً ما أثبتته ميمونة منصور الطالبة في الصف الثاني عشر أدبي بمدرسة الصفوح في دبي، التي اختارت أن تسخر إمكاناتها بابتكار فريد، علها تخفف به معاناة شريحة من الناس وإن قلوا، لأنهم الأحوج إلى الاهتمام والرعاية والدعم والمساندة.
البداية كما تشير الطالبة ميمونة منصور، كانت عندما طلبت منها إحدى معلماتها أن تقدم مشروعاً في المادة الدراسية، فاختارت أن تصمم لعبة تثلج بها قلوب الأطفال وترسم البسمة على الوجوه، لكن عند دراسة الفكرة وجدت أن لدى الأطفال العديد من الألعاب والوسائل الترفيهية، ومن الصعب إيجاد وسائل فريدة ناجحة تجذبهم أكثر، عما هو موجود في السوق.
وبقليل من التفكير شعرت ميمونة أن هناك فئة تستحق أن تعيش برفاهية أكثر، وهي بحاجة إلى بدائل ووسائل تحقق لهم حياة أفضل، فبدأت في إعادة بلورة فكرتها من أجل تقديم شيئاً مختلفاً تسهم من خلاله في إدخال السعادة في نفوس مرضى «متلازمة دوان».
وما زاد من قوة عزيمتها على تحقيق ذلك، معاناة شقيقتها التي تكبرها بأعوام قليلة من المرض ذاته، وشعورها الدائم أن طفولتها محرومة من بعض الممارسات التي يجدها الأسوياء في مثل سنها.وتضيف ميمونة إن الخطوة الأولى في مشوارها، كانت تقضي بجمع العديد من المعلومات عن مرض متلازمة دوان.
وقد ساندها في ذلك والداها ومعلماتها الذين رحبوا بالفكرة، وبثوا في صاحبتها الحماس للوصول إلى الهدف الذي وضعته نصب عينيها، ومن خلال مرافقتها لشقيقتها في مراكز تأهيل أطفال متلازمة داون، ومشاهدة الأشخاص الآخرين والتعرف على واقعهم وإدراك بعض متطلباتهم، والتحدث مع المختصين والأطباء، وجدت ميمونة أن أبرز الصعوبات التي تواجه هذه الفئة تكمن في ضعف العضلات والإحساس في بعض أجزاء الجسم، ومنها اليدين، لذلك جنحت بتفكيرها إلى ربط اللعبة الجديدة بالعلاج، والاعتماد عليها كجزء مساعد في تأهيل هذه الفئة.
تقوية العضلات
وتوضح صاحبة الابتكار، أن الفكرة كانت تحمل أهدافاً متعددة أبرزها تقوية عضلات اليد والذاكرة وتفعيل الإحساس، علاوة على تسهيل مهمة العلاج على الأسر، عوضاً عن التوجه إلى المراكز والمستشفيات الخاصة بشكل دوري لتأهيل الأبناء.
وتؤكد أن الألعاب التي عكفت على ابتكارها تنتمي إلى خمس مجموعات، ينمي كل جزء منها وظائف محددة، ويقوي نقاط الضعف لدى المرضى في نقاط معينة، كما حرصت الطالبة ميمونة على تصميم هذه الألعاب بطريقة جذابة تناسب قدرات مرضى متلازمة داون العقلية، وتحظى بإقبال منطقي بمجرد وقوع النظر عليها.
مشيرة إلى أن الجزء الأول من هذه الألعاب يرتكز على اللعب بالسيارة، إذ تعتمد هذه اللعبة على دفع السيارة فوق سطح أملس يتطلب قوة معينة لتحريكها، وبالتالي يسهم في تنمية عضلات اليد بشكل غير مباشر، من خلال الإقبال على هذه اللعبة التي تستهوي عقول الصغار
.أما الجزء الثاني من اللعبة المبتكرة، فقد أطلقت عليه صاحبة الفكرة اسم «لعبة الأمواج» وهي تكملة الجزء الأول، وبه تساهم في تنمية عضلات اليد من خلال زيادة القوة في الدفع. وينمي الجانب الثالث من اللعبة القبضة الخماسية لليد، ثم اللعبة الرابعة التي تهتم بتدريب الأصابع على مسك القلم، لتصل في الجزء الخامس من اللعبة إلى منح المريض القدرة على كتابة الحروف.
وتشير ميمونة إلى أن اللعبة بأجزائها المتكاملة لاقت استحساناً وإقبالاً من الطلبة، وقد شهد الركن الذي خصص لها على هامش معرض «بالعلوم نفكر» الذي نُظّم مؤخراً، تفاعلاً كبيراً من قبل الطلبة وأولياء الأمور وزاور المعرض، إضافة إلى مزاولة شقيقتها للعبة بشكل مستمر، وهو ما أظهر تحسناً بشكل ملحوظ في حالتها الصحية.
اترك تعليقاً