إنتبــه .. إذا كنـت توبــخ إبنك كثيــراً

د. أسعد سعيد الموسوي*

أهلا بك قارئي العزيز سنبدأ اليوم سلسلة من المواضيع الهامة التي تدخل في صميم التأثير والتغيير في شخصية الأبناء والطلاب ، وبالتالي على شخصية شباب الغد والمستقبل. وأول موضوع هو أثر ما يسببه توبيخنا وكلامنا الحاد على نفسية أبنائنا وطلبتنا الأعزاء.

إود في البداية أن اعلمك ومن خلال مارأيته في سنوات عملي كطبيب أخصائي الطب النفسي لأكثر من 20 سنه، إن هنالك الكثير من الآباء وحتى من فئة الاطباء وأساتذه الجامعة والمختصين يلجأ إلى عقاب أولادهم بالتوبيخ المكترر وبإسماعهم كلمات كثيرة جارحة اعتقادا منهم أن هذا الأسلوب هو الاسلوب الصحيح وبأنه يمكن أن يعوض إسلوب الضرب وعند مناقشتهم يصر البعض على إسلوبه مقتنعاً إن إسلوب التوبيخ الكلامي هو أخف ضررا من إسلوب الضرب.

قارئي العزيز.. إننا نتفق جميعا على إن ضرب الأبناء هو إسلوب خاطيء ويؤثر بشكل واضح على نفسية وشخصية الطفل إذ يصبح الطفل ذو شخصية خجولة والبعض يصبح لديه سلوك عدواني والبعض يصبح مشوش التفكير وضعيف الشخصية. والجديد في الأمر إننا نحتاج ان نراجع أنفسنا فيما نقوله عندما نغضب على أبناءنا عندما يتصرفون بشكل خاطيْ او أثناء تدريس المعلم للطلبة أثناء الحصة المدرسية اليومية. إذ ان التوبيخ والكلا م الجارح المتكرر أثبت ومن خلال الدراسات العالمية بأن له آثار سلبية متعددة على مستقبل الاطفال والطلبة ويمكن أن نلخصنا بالتالي:

شعور الطفل بالدونية وفقدان الثقة بالنفس.

شعور الطفل بالانزعاج والكره والحقد واضطراب في المشاعر ، ولك أن تتصور معي ياقارئي الكريم إن في أحد الايام وأثناء عملي في العيادة النفسية راجعتني احدى الامهات وهي تشكو من تدني مستوى ابنها في المدرسة وبعد فترة قضيتها مع إبنها ومن خلال إتباع اسلوب القصص واسلوب اللعب معه أخبرني بأنه يتمنى أن يموت والده لأنه ينعته ويسمعه كلمات جارحة ويقارنه دائماً بالحيونات بل يسمعه أحياناً إن الحيوانات أفضل منه.!

اخيرا إن التوبيخ المستمر سيقلل من النضج العاطفي لدى الطفل وبالتالي ستصبح لديه في المستقبل صعوبة في تكوين الصداقات مع الاخرين وصعوبة في التأقلم الاجتماعي وبالتالي سيكون هنالك تدني في مستوى الذكاء الاجتماعي وهو ماسنتكلم عنه في مقالاتنا القادمة لأن الذكاء العاطفي اصبح اليوم وبشكل مؤكد أهم من مستوى الذكاء المدرسي أو الاكاديمي.

وقد يتساءل البعض ماذا سنعمل عندما يخطأ الابناء أو يتمادوا في التصرف السيء؟

أقول إن علينا في البداية التعود على إسلوب الهدوء والروية وليس الاسراع بالتوبيخ وذلك حتى نتمكن من سماع كل الاطراف وبالتالي تفهم الاحداث بواقعية وهذا بحد ذاته سيمنحنا وقت إضافي حتى تهدأ اعصابنا وبالتالي نسيطر على كلامنا وكما تعلمون فإن العصبية تجعلنا نتفوه بكلمات جارحة نحو أعز الناس لدينا وبالتالي تشعرنا بالأسى والحزن والندم على ما قلناه, ولنا في مقالاتنا القادمة حديث عن الطرق والتقنيات التي ستمكننا من السيطرة على نوبات الغضب والانفعال إن شاء الله تعالى.

كما إن علينا أن نتبنى إسلوب جديد وهام وهو أن نشرح للطفل أو الطالب ماهو خطأه وما هو السلوك الصحيح قبل معاقبته وقبل توبيخه وهذا مايؤثر بقوةعلى نفسية الطفل وبالتالي يمكن تغير سلوكه الخاطيء بدلا من إسلوب الضرب والتوبيخ اولاً وشرح سبب العقوبه بعدها.

ويمكنك توبيخ الطفل ولكن بدون اهانته وتجرحيه اما اخوته أو أصدقائه وليكن هدفك في العقوبة أن تكون عقوبة خفيفة وأن يكون هدفها أن يعرف الطفل خطأه حتى لا يكرره في المستقبل. كما إن هنالك إسلوب آخر وهو إهمال الطفل كلما يتصرف بشكل خاطيْ وهذا له تأثير قوي على نفسية الاطفال كتأثير العقوبة ويدفع بالابناء الى الكف عن السلوكيات الخاطئة.

وأخيرا تذكر عزيزي المربي وعزيزي المعلم بأنكم قدوة لأطفالكم لذلك عليكم إن لا تلحوا في معاقبتهم بل عليكم تشجيعهم ودعمهم على إي سلوك إيجابي ولو كان صغيرا وهذا ماسيدفعهم الى تكرار السلوكيات الصحيحة ومن ثم الاعتياد عليها وبالتالي سنضمن لأبناءنا ولطلبتنا الاعزاء شخصية سلمية وناجحة.

——————————————-

*طبيب أخصائي اول طب نفسي ومدرب تنمية بشرية

خاص مدارسنا نت: الأحد 13 / 1 / 2013م

Image

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الإضافات