أصبح الطالب اليوم محور العملية التعليمية، ما يعني الاستجابة لحاجاته وقدراته التعلمية، وبالتالي فإنه بات من الواضح ان استخدام التقنيات الفنية والثورة المعلوماتية الضخمة من خلال تكنولوجيا المعلومات في حاجة تعليمية تستجيب لحاجات المتعلم سواء على المستوى الفردي أو على مستوى التعلم الحديث الذي يواكب متطلبات المرحلة .
تعد مبادرة “الصفوف الإلكترونية” (إي كلاس) التي أطلقها مجلس ابوظبي للتعليم كتجربة اولى بدءاً من العام الحالي في ست مدارس تشمل الصفين الثالث والرابع الابتدائي بواقع مدرستين في كل منطقة تعليمية بإمارة ابوظبي ولمدة عام واحد، جزءاً من النموذج الذي يسعى له المجلس في المدارس الجديدة، بهدف تعزيز التفكير النقدي للتلاميذ والتعلم المعاصر من خلال استخدام مختلف الموارد والتكنولوجيا، حيث تم ربط كل مدرسة من المدارس الست بشبكة فيديو كونفرانس وتجهيز الصفوف باللوحات الإلكترونية التفاعلية التي تعمل باللمس ويتم التحكم بها من طاولة التلميذ لتشجيع المعلمين والطلبة على تبادل المعرفة والمعلومات على المستويين المحلي والعالمي في جو من التعاون الفعال والعمل الجماعي .
كما تم تزويد كل طالب بجهاز حاسب محمول وكمبيوتر لوحي (آي باد)، بحيث تقلل هذه المبادرة (الصف الإلكتروني) من وجود الكتب في المستقبل مصدراً رئيساً اوحد للتعلم، وذلك ضمن خطة إصلاح العملية التعليمية بشكل سريع، وجذب الطالب للتعلم والاكتشاف .
مفهوم جديد
في البداية، يقول الدكتور مغير خميس الخييلي المدير العام لمجلس ابوظبي للتعليم ان مبادرة الصف الإلكتروني هي بداية لسلسلة المبادرات الفعالة التي يتبناها المجلس بهدف تطبيق مفهوم جديد ومبتكر في إطار النموذج المدرسي الجديد، حيث يشارك في المرحلة التجريبية مديرو المدارس ورؤساء
هيئات التدريس ومديرو مجموعات المدارس والهيئات التدريسية والادارية والباحثون والطلبة واولياء الأمور عن طريق دعم جهود التخطيط وإبداء آرائهم وملاحظاتهم حول هذه المبادرة الرائدة، مشيراً إلى ان المرحلة التجريبية ستسهم في تعزيز تلك المبادرة عند تعميمها في المستقبل .
المجلس استحدث هذا المشروع الجديد ليجعل من الطالب محوراً للعملية التعليمية ولمساعدة الطلبة على النجاح والتفوق مع القدرة على مواصلة مسيرة التعليم العالي والتغلب على تحديات سوق العمل، مشيراً إلى انه يأتي في إطار الخطة الاستراتيجية العشرية للمجلس الرامية إلى الارتقاء بالمنظومة التعليمية في إمارة أبوظبي، واقتصاد الدولة آخذ في النمو ويحتاج إلى كوادر مؤهلة في مختلف المجالات من أجل مواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية، وهو ما يسعى المجلس إلى تحقيقه من خلال استحداث وتعميم الاتجاهات التعليمية الحديثة بما يتماشى مع أعلى المعايير العالمية .
جذب الطلبة
وقال الدكتور رفيق مكي المدير التنفيذي لمكتب التخطيط والشؤون الاستراتيجية في مجلس ابوظبي للتعليم اننا نعيش في زمن سريع التغير في المعلومة وتقع علينا كتربويين مسؤولية كيفية جعل الطالب يلحق بتلك المعلومات العلمية وسهولة الوصول اليها، مشيراً إلى ان تجربة “الصف الإلكتروني” ستسهم في جذب الطلبة ورفع مستوى التفكير النقدي لديهم، وتحفيزهم وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في العملية التعليمية والتحصيل العلمي،كما ستمكن المعلمين من تصحيح طرائق التدريس التي يدرسون بها حاليا، فضلاً عن تمكين أولياء الأمور التعرف إلى كل ما يدور داخل الفصول الدراسية لأبنائهم .
نقلة نوعية
وقالت الدكتورة نجلاء الرواي النقبي، مديرة البرامج في مكتب التخطيط والشؤون الاستراتجية بمجلس أبوظبي للتعليم أن تجربة الصف الإلكتروني تعد نقلة نوعية في طريقة التعليم والتعلم، مشيرة إلى أن مبادرة التعلم الإلكتروني تسهم في تعزيز الجوانب الرئيسية للعملية التعليمية في المدارس الحكومية بالإمارة، ومن بينها المحتوى العلمي وأدوات التعلم الرقمية وتأهيل المعلمين وضمان استدامة الوسائل المبتكرة القائمة على التعلم الإلكتروني عن طريق التوجيه والتقييم وقياس الأداء .
وجرى اختيار المدارس الست بناءً على معايير محددة وهي التطبيق الناجح للمناهج الدراسية الخاصة بالنموذج المدرسي الجديد وتميز مستوى أداء الطلبة ووجود معلمين على استعداد لتطبيق تجربة مصادر التعلم الرقمية في العملية التعليمية ووجود بنية تحتية تكنولوجية جاهزة .
والهدف الرئيسي من وراء تطبيق الوسائل المبتكرة لمصادر التعلم الرقمية في المدارس، هو جعل الطالب محوراً للعملية التعليمية وتطوير مهارات العمل الجماعي والتفكير الإبداعي لدى الطلبة والمعلمين بما يتماشى مع متطلبات وتحديات القرن الحادي والعشرين .
والمرحلة التجريبية تساعد المجلس على اختبار مصادر التعلم الإلكتروني والوسائل التربوية للتعلم الإلكتروني وتقييمها وإعادة تعريفها، أما مراكز مصادر التعلم الرقمي فسوف تسهم في دعم الخطط اللازمة لتعميم المبادرة في باقي المدارس الحكومية بالإمارة، ومن المقرر أن تبدأ مراحل تعميم المبادرة على بقية المدارس في أواخر عام 2012 بناءً على الدروس المستفادة من المرحلة التجريبية وبعد اختبار المناهج والوسائل التربوية .
فوائد كثيرة
وقالت عفراء راشد المربوعي مشرفة الصف الإلكتروني في مدرسة الامين للتعليم الاساسي ان للتعليم الإلكتروني فوائد كثيرة تتفوق على ما يحققه التعليم التقليدي، ولعل أكبر فوائد هذا النوع من التعليم التعلم الذاتي والسرعة والتجدد والمرونة التي يقدمها، وزيادة الدافعية لدى المتعلم من خلال العناصر المتعددة الداخلة في التعليم الإلكتروني والتي تعمل على تعزيز الرسالة المراد إيصالها إلى الطلاب وذلك من خلال وسائل مثل أفلام الفيديو، المؤثرات الصوتية، الأحاجي وغيرها، مشيرة إلى أن هذا التعلم يعزز التفاعل بين المتعلم والمحتوى التعليمي ومحتوى المعرفة، كما أنه يساعد المعلم على تحسين أدائه وتيسيره عبر عرض مادته الرئيسة بسهولة ويسر، ومتابعة طلبته بسهولة وبالطريقة التي تمكنه من تقييم أدائهم بصورة دقيقة ما يسمح له باستنباط أفضل الطرق لتحسين الأداء لدى المتعلم .
والصف الإلكتروني يتيح للمعلم تنويع أساليب التعلم خلال الحصة، حيث يتم استخدام أسلوب التعلم باللعب في هذا الفصل وبذلك يتم استغلال أنشطة اللعب في اكتساب المعرفة وتقريب مبادئ العلم للأطفال وتوسيع آفاقهم المعرفية، كما تتيح لهم فرصة التعلم والعمل الجماعي حيث إن هذه التقنيات تساعد الطالب ليتفاعل مع عناصر البيئة المتوافرة وكذلك مع زملائه لغرض التعلم وهذا يساعد في إنماء الشخصية وتحسين سلوك الطلاب، وقد لاحظت خلال هذه الفترة القصيرة من عمر التجربة أن الطلاب يتعلمون باستمتاع وزادت مستويات الدافعية والاندماج والتعاون لديهم، وهذا يسهم بالتأكيد في رفع مستوى الطالب التعليمي، ويخلق رغبة لدى الطلاب للحضور إلى المدرسة يومياً وكذلك يكتسب الطالب الثقة بالنفس من خلال ابتكار الوسائل التعليمية المناسبة مثل استخدام السبورة الذكية، حيث يستطيع الطالب استخدامها واستكشاف خصائصها واختيار ما يناسب درسه وبالتالي يحقق الإفادة له وللطلاب الآخرين .
مناقشات مفتوحة
وقالت الدكتورة كريمة المزروعي مديرة قسم اللغة العربية في المناهج الدراسية بمجلس أبوظبي للتعليم انه سيكون من السهل عبر الصفوف الإلكترونية تواصل التلاميذ فيما بينهم، وكذلك مابين الفصول الدراسية وحتى المدارس المتباعدة نسبيا بالاعتماد على التكنولوجيا الجديدة، مشيرة إلى ان اغلب الطلبة الصغار سيتكيفون بسرعة مع التكنولوجيا الجديدة بحكم استخدامهم المتواصل للهواتف الذكية والكمبيوترات اللوحية .
وأضافت الدكتورة كريمة المزروعي ان مجلس أبوظبي للتعليم قد اعد منهاج وتطبيقات الصفوف الإلكترونية التي سيتم تحميلها على الكمبيوترات خصوصا باللغة الانجليزية، الا ان هناك قلة في المناهج والتطبيقات المتوافرة حاليا باللغة العربية، مشيرة إلى انه سيتاح لتلاميذ الصفوف الإلكترونية في مدارس أبوظبي قراءة كتاب واحد على الأقل باللغتين الانكليزية والعربية اسبوعياً، وسيتم اجراء مناقشة مفتوحة عبر الفيديو كونفرنس لمضمون ومحتوى الكتاب وباشراف المعلم، ويمكن حتى لعائلة التلميذ التواصل مع ابنهم، حيث سيسمح للآباء فهم طريقة جديدة في التدريس المعاصر ويجعل التواصل سهلاً بين الاباء والمعلمين .
التعلم من خلال اللعب
وقال الطالبان محمد خلفان الراشدي وخليفة خالد العلي في مدرسة الامين للتعليم الاساسي الحلقة الاولى بأبوظبي انهما يستمتعان وبقية زملائهما بالتعلم من خلال الصف الإلكتروني، مشيرين إلى ان الطاولة التفاعلية والارتباط والتواصل مع اقرانهم في مدارس اخرى من مختلف المناطق التعليمية بأبوظبي وعلى مستوى الدولة عبر جهاز الفيديو كونفرنس يعزز لديهم حب التعليم التفاعلي وتبادل الآراء والافكار، والاستفادة من شرح معلم آخر في مدرسة أخرى في حالة تغيب معلم الفصل، مشيرين إلى ان استخدام “اللاب توب” و”الطاولة التفاعلية” تجذب الطلبة إلى التعليم وتشد انتباههم افضل من الكتاب، كونهم يتعلمون ويلعبون في آن واحد وهذا شيء ممتع ومفيد لكل الطلبة، لافتين إلى انه اصبح بإمكان الطالب من خلال الصف الإلكتروني أداء واجباته في المنزل وحده وأحياناً بمساعدة ولي امره، فيما قال عدد من المعلمين ان تجربة الصفوف الإلكترونية خففت عليهم الكثير من الاعباء وخاصة عند الاختبارات التي تجري للطلبة ومعرفة النتائج عن طريق النظام الموجود على الانترنت، حيث انه اصبح بإمكانهم التصحيح داخل الصف دونما حاجة إلى حمل الكتب أو الدفاتر إلى منازلهم لتصحيحها كما كان يحدث سابقاً والاختبارات .
وتقول مريم محمد (ولية أمر) أصبح التعليم الإلكتروني مهماً في أيامنا هذه في ظل المناهج الجديدة المطورة ولا مفر من التعليم الإلكتروني سواء في البيئة الصفية أو ذاتي خارج اطار المدرسة لأن المناهج تتطلب ذلك، مشيرة إلى ان التعليم الإلكتروني يفيد الطالب ويسهل له أموراً كثيرة
في التعلم، بالاضافة إلى اقباله بشغف على التعلم وحب مدرسته والمواد الدراسية .
ارتقاء بفكر الطالب
أكد المهندس احمد يعقوب الحمادي محلل اول في إدارة التخطيط الاستراتيجي والمشاريع الخاصة بمكتب الشؤون الاستراتيجية بمجلس أبوظبي للتعليم، وجود غرفة للتواصل مع المدارس داخل المجلس، مشيراً إلى أن أدوات المشروع مبنية على نظرية علمية في التعليم الغرض منها الارتقاء بالمستوى الفكري للطالب وليس الترفيه كما يعتقد البعض .
واوضح أن الركائز الأساسية للصف الإلكتروني تعتمد على مساعدة الطلبة على النقاش وتبادل المعلومات والمعرفة عن بُعد، دون شرط الوجود في صف واحد أو مدرسة، أو حتى دولة واحدة، وذلك من خلال التخاطب عبر “الفيديو كونفرانس”، كما أنه يتيح للمعلمين ذوي الخبرة إفادة أكبر قدر من الطلاب في مدارس مختلفة في وقت واحد، وإمكانية إجراء اختبارات لصف كامل في جميع المدارس في الوقت نفسه ومعرفة النتائج، ما يزيد من التنافس والاجتهاد بين الطلاب، وتم تزويد الفصول الدراسية والمدارس بشاشات عرض تعد من بين الركائز الاساسية في الصف الالكتروني، بالاضافة إلى وجود شاشات الكترونية لنشر الرسائل التوعوية والتنبيهات في مجال الصحة والسلامة بأسلوب سلس وجاذب للطالب، حيث تستخدم فيها بعض الشخصيات الكرتونية المحببة لدى الاطفال الصغار، كما يمكن من خلالها عرض برنامج اليوم الدراسي والجداول، وتوجد تلك الشاشات في مداخل المدرسة والكافيتريات وفي صالة الاستقبال كما يستفيد منها اولياء الامور لدى زيارتهم للمدرسة .
جو تفاعلي للطالب
قال مجيد شرف نائب الرئيس التنفيذي للشرق الاوسط ان شركة “كوميثيان” تربطها علاقة مع دولة الامارات منذ 10 سنوات، حيث قامت بتزويد وتجهيز الصفوف الالكترونية في مدارس الدولة الحكومية والخاصة، مشيرا إلى ان التعليم الالكتروني يقدم تعليماً افضل مما يقدم في الصفوف العادية التقليدية، لابتعاده عن الروتين والرتابة والملل، حيث تهيئ الصفوف الالكترونية الجو التفاعلي للطالب حسب المادة والسن والثقافة فهي منظومة تعليمية متكاملة، وذكر أن التدريب شيء أساسي للمعلمين، فهناك تدريب عن بُعد بحسب احتياجات المعلم، وتدريب مباشر وفقا لمستوى المعلم وتستمر فترة التدريب 4 ساعات اولية تصل إلى 12 ساعة حتى يلم المتدرب إلماماً كاملاً بالتقنيات والتعامل مع الدروس التي يقوم بإعدادها .
دار الخليج: 2011/11/13