التنمر آفة في مدارسنا

عُمر العبري – عُمان

في كتابها «The Bullied Brain» تكشف الكاتبة جنيفر فريزر -بحسب موقع «تورنتو ستار»- عن أن دماغ الإنسان يتضرر بشدة؛ بسبب التنمر، وسوء المعاملة، وأن التنمر المتكرر يُخلّف ندوبًا عصبية، وله علاقة بتقلص حجم الجزء الأصغر من الدماغ المرتبط بالذاكرة، والتعلم، والتنظيم، والعاطفة، وكذلك الإصابة بمرضي الاكتئاب والزهايمر والمُسمى بـ«الحُصين».

لقد بات «التنمر» في المدارس سواء المخصصة للذكور أو الإناث بمثابة الكابوس الذي يقض مضاجع التربويين والمعالجين النفسيين والأُسر في مختلف دول العالم؛ لما يترتب عليه من نتائج سلبية تنعكس بصورة مباشرة على حياة الطلاب، ومستوياتهم الدراسية، ونظرتهم لأنفسهم في ظل تصاعد مُقلق يستدعي القيام بالمزيد من الدراسات حوله.

ورغم أن هذا السلوك ليس بالحديث إذ وُجد منذ وُجد الإنسان؛ إلا أن أقدم سِجل موثّق لجريمة وقعت بسبب التنمر يعود إلى عام ١٨٢٥ وفقًا لتقويم «نيوجيت». لكنه يُشكّل في الوقت الحالي عبئًا ثقيل الوطأة على كافة الأطراف في ظل غياب واضح للقوانين الرادعة، وضعف في مستوى الرقابة، وشُحّ البرامج التوعوية التي تقف دون استفحاله.

يؤكد أخصائيون اجتماعيون يعملون في مدارس للجنسين بالمحافظات أن التنمر «موجود» بالفعل في مدارسنا، وهو سلوك «مُقلق»؛ لأنه آخذ في التنامي وفق صور أهمها التنمر بسبب لون البشرة، أو نعومة الشعر، أو الإعاقات الجسدية كالعرج والحَوَل والتأتأة، أو وضع الأسرة الاجتماعي، أو سلوك ولي الأمر المُزدرى من المجتمع، أو ماضيه لافتين إلى حالات تقع بسبب «اختلاف الجنسية أو اللهجة».

أحد الأخصائيين يشير إلى أن التنمر تسبب في انزلاق أحد طلابه في حالة اكتئاب شديد «جرّته إلى عزلة تبعها تراجع حاد في مستواه الدراسي» فيما سجّلت إحدى المدارس حالة انتحار.

ويرى أنه للحؤول دون انتشار مشكلة التنمر بات من الضرورة تطويقها من المنزل أولًا؛ وذلك انطلاقًا من الآيات الكريمة التي وردت في سورة «الحجرات»: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيرًا منهنّ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب»، ثم عبر التحدث عن خطورتها دون مواربة مع الأبناء، وإظهار الدعم لهم، مشددًا على أهمية متابعة من يقع في شِراكها، والتواصل مع مدرسته.

ولعله من الأهمية بمكان التأكيد على المسؤولية التي تقع على عاتق المؤسسات التعليمية من حيث وضع خطط واضحة للتعامل مع سلوك التنمر، وتشجيع الطلاب المتضررين على التبليغ عنه، إضافة إلى توفير الدعم النفسي لهم، وقبل ذلك وضع تقنيات متطورة مهمتها مراقبة الأماكن التي قد يحصل فيها التنمر، وكخطوة ضرورية تطبيق العقوبات الرادعة في حق من يقوم به.

كما يجب أن تُناط بالطلاب الآخرين من غير المتضررين مهام دعم زملائهم المتضررين، والإبلاغ عنهم، والتعاون مع المدرسة؛ لمحاربة هذه الآفة، والحد منها.

النقطة الأخيرة..

يُعّرفُ «التنمر» بأنه أحد أشكال العنف الذي يفرضه أو يمارسه شخص أو مجموعة من الأشخاص ضد شخص أو أكثر؛ بقصد إلحاق الضرر والأذى. ويأخذ أشكالًا متعددة، منها: الاستفزاز، والتهديد، والاعتداء اللفظي أو الجسدي، ونشر الإشاعات.

Image

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الإضافات