دراسة تحسين وتطوير الدروس في اليابان هي شكل من أشكال التطوير المهني للمعلم حظيت باهتمام متزايد لتحسين ودمج طرق جديدة في التدريس. في هذه المقالة سنتعرف على هذا النهج “.
في أوائل التسعينيات، كانت باحثة أمريكية تدعى كاثرين لويس تعمل على كتاب عن التعليم في اليابان. لم يكن للكتاب علاقة بكيفية تعلم الأطفال للرياضيات ولكن جلست لساعات في الفصول الدراسية اليابانية أدركت أنها كانت تتعلم كل أنواع الأشياء الشيقة حول الرياضيات التي لم تفكر بها من قبل.
لقد لاحظت، على سبيل المثال، أن هناك طرقًا عديدة لمعرفة مساحة متوازي الأضلاع. عندما كانت في المدرسة، تم تعليمها معادلة رياضية. لم يُطلب منها أبدًا التفكير في ما تعنيه هذه المعادلة أو من أين أتت. كان عليها فقط أن تحفظها. بينما اتخذ المعلمون في اليابان نهجًا مختلفًا. بعد تعلم كيفية العثور على مساحة المستطيل، يتم إعطاء الطلاب شكل متوازي الأضلاع. كانت مهمتهم هي أخذ ما يعرفونه عن المستطيلات لمحاولة معرفة مساحة هذا الشكل الجديد.
تقول لويس: “هنا كان اليابانيون البالغون من العمر 11 عامًا يبتكرون طرقًا جديدة لاشتقاق معادلة مساحة متوازي الأضلاع بناءً على معرفتهم بمساحة المستطيل بالتقطيع أو إعادة الرسم باستخدام مواد خرسانية”. لقد فتحت لي نافذة جديدة في علم الرياضيات لم أشاهده من قبل”.وعندما سألت لويس المعلمين اليابانيين – كيف تعلموا التدريس بهذه الطريقة؟ أخبروها أن استراتيجيات التدريس هذه جاءت من الولايات المتحدة. تقول: “لقد صُعقت لأنني لم أشاهد هذه في الفصول الدراسية في الولايات المتحدة من قبل.”
لكن استراتيجيات التدريس هذه جاءت من الولايات المتحدة. كان الباحثون وعلماء الرياضيات الأمريكيون يدافعون منذ الثمانينيات عن ما يُعرف بإستراتيجية “حل المشكلات” في تدريس الرياضيات. لكنها لم تصل إلى الفصول الدراسية الأمريكية. كان هذا فضوليًا حقًا. لم يتم استخدام الأفكار التعليمية التي تم تطويرها في الولايات المتحدة من قبل المعلمين الأمريكيين، ولكن تم استخدامها في اليابان.
ولما سألت لويس المعلمين، كيف تعلمت – شخصيًا – التدريس بهذه الطريقة؟ وقالوا جميعًا عن طريق “دراسة الدرس”.
تُعرف “دراسة الدرس” في اللغة اليابانية ب “jugyokenkyu”. “جوجيو” تعني التدريس والتعلم و “كينكيو” يعني الدراسة أو البحث. أي “الدراسة أو البحث في التدريس والتعلم”.
خطوات تطبيق “دراسة الدرس” :
تجتمع مجموعة من المعلمين معًا وتحدد مشكلة التدريس التي يريدون حلها. فمثلا قد يعاني الطلاب من مشكلة جمع الكسور العشرية.
بعد ذلك، يقوم المعلمون ببعض الأبحاث حول أسباب معاناة الطلاب من مشكلة جمع الكسور العشرية. يقرؤون أحدث المؤلفات التعليمية ويدققون في الدروس التي طبقها المعلمون الآخرون. عادة ما يكون تحت إشراف مستشار مادة خارجي وعادةً ما يكون خبيرًا أو باحثًا لا يعمل في المدرسة ولكن تمت دعوته لتقديم المشورة للمجموعة ومساعدتهم في تحديد وقراءة المقالات والدراسات التي تساعد في حل مشكلة جمع الكسور العشرية مثلا.
بعد الانتهاء من البحث، يصمم المعلمون خطة الدرس معًا مبنية مثلا على فرضية: إذا قمنا بتدريس هذا الدرس بهذه الطريقة، فإننا نتوقع أن الطلاب سيفهمون الكسور العشرية بشكل أفضل.
ثم يقوم أحد المعلمين بتدريس الدرس للطلاب، ويقوم المعلمون الآخرون في المجموعة بالمشاهدة والملاحظة. وغالبًا ما يأتي معلمون آخرون في المدرسة للمشاهدة، وفي بعض الأحيان يحضر معلمون من مدارس أخرى أيضًا.
أثناء الدرس، لا يركز المعلمون المشاهدون على المعلم بل يركزون على الطلاب وكيفية تفاعلهم مع الدرس؟ ما الذي يفهمونه أو يسيئون فهمه؟ يسعى الجميع إلى تحسين وتطوير الدرس وليس نقد أداء ولأننا نميل إلى الاعتقاد بأن تحسين وتطوير التعليم يتم عبر تحسين أداء المعلمين ولذلك نعمل على توظيف أفضل المعلمين. لكن اليابانيين يفكرون في تحسين عملية التدريس. يقول جيمس هيبرت، الباحث التربوي بجامعة ديلاوير “يركز كل ما نقوم به في الولايات المتحدة على فعالية الفرد، هل هذا المعلم فعال؟ لا، هل الأساليب التي يستخدمها فعالة، وهل يمكنه استخدام طرق أخرى؟” ويستطرد قائلا “نحن بحاجة إلى التحول من التفكير في كيفية تحسين المعلمين إلى التفكير في كيفية تحسين التدريس”.
أخيرًا، تقوم المجموعة بتقييم النتائج التي توصلوا إليها والتفكير في طرق أفضل لتحسين أساليب التدريس هذه بشكل مستمر عبر رصد المشكلات التعليمية التعلمية التي يعاني منها الطلاب.
“دراسة الدرس” و”البحث الإجرائي”: ما الفرق؟
تتشابه دراسة الدرس والبحث الإجرائي في التفكير التأملي. ومع ذلك، يركز “البحث الإجرائي” على البحث الذي يمكن إجراؤه بشكل فردي أو ضمن فريق. على النقيض من ذلك، تؤكد “دراسة الدرس” على رفع مستويات الفهم والعمل الجماعي والمسؤولية المشتركة عن النتائج التعليمية. في النهاية، يساهم ذلك المشاركة في الأساليب الجديدة للتدريس ويشجع على نهج التعلم المتمحور حول الطالب الذي يقودنا إلى التحول النموذجي من التركيز على المعلم إلى التركيز على المتعلم.