ابتكارات حديثة في الهندسة الكيميائية لحماية البيئة

الخليج: تعتبر إجازة الصيف بمثابة متنفّس للهوايات المنتظرة، خلف قائمة طويلة من الدروس والواجبات طوال أيام الفصل الدراسي، ومعها تتسع مساحة الوقت وتبدأ بتلوين ساعات الأسرة بتلك الاهتمامات، وتشع معها روح
الشباب وحيويتهم، وتجدد نضارة الحياة في عيون الأهل، لتبدّد حرارة الصيف وشبح الروتين عن منزل العائلة، كما سنرى في التحقيق التالي.

يستمتع محمود حربلية، طالب في المرحلة الإعدادية، بتصوير الأفلام التي توثّق ذكريات عائلته، ويقول: «أحب أن أخلق جواً لطيفاً ومرحاً في المنزل، وأشعر بسعادة غامرة وأنا أخطط لإسعاد إخوتي ووالديّ لأصور هذه اللحظات التي ستترك أثراً كبيراً لدينا لاحقاً». ولا يكتفي حربلية بتصوير اللحظات العفوية؛ بل يخلق قصصاً لأفلامه، فيصور التحضيرات لحفلة عيد ميلاد أخيه الأكبر، التي خطط بنفسه لمعظم تفاصيلها، مُصراً على أن تكون مختلفة ومفاجئة حتى بالزينة الطفولية التي حضرها، والهدية التي قدّمها له على سبيل المزاح.
تفاعل الأهل

رام صليبي، طالب في المرحلة الثانوية يتمتع بالعديد من المواهب، منها موهبة الطبخ التي بدأت تستحوذ على اهتمامه مؤخراً، مع توفّر الوقت خلال الإجازة. ويقول: «منذ طفولتي أنظر بطريقة مختلفة للنكهة. فالطعام بالنسبة لي تجربة يجب أن تكون فريدة، حيث أهتم بالمكوّنات واكتشاف سر تفاعلها مع بعضها بعضاً، وأشعر بالسعادة حقاً عندما أقوم بفكّ رموز الأطباق المفضلة لديّ، فأجيد تحضيرها». وعن تفاعل أهله مع هذه الهواية يذكر أنه يطلب منهم دعوة أصدقائهم إلى العشاء عندما يكون متحمساً لتحضير العديد من الأطباق، كما يُفاجئهم بين الحين والآخر بتحضير وجبات إفطار أو عشاء من ثقافات أخرى، فتكون جديدة عليهم.
ويتمتّع محمد صويري، طالب في المرحلة الإعدادية، بصوت جميل وأداء جيد؛ لهذا يحب والداه أن يكون نجم سهراتهم مع العائلة والأصدقاء، فيُضفي طابعاً جميلاً على جلساتهم، كما أن هذا الجو والإطراء الذي يتلقاه منهم يمنحه شعوراً جيداً، و يجعله أكثر تركيزاً على تطوير موهبته، ويقول: «تعزف أختي على العود وأنا أغني، وهذا يجعلنا فريقاً مميزاً في سهراتنا. فمن الرائع أن تشعر بأنك قادر على إسعاد أهلك والآخرين بموهبتك».
فرق مختلف
بعض الهوايات تكون متعبة بالنسبة للأهل وللأم تحديداً، كما تذكر نور أبوردن، طالبة في المرحلة الثانوية، فهي تحب تحضير الأطباق الغربية، وتستيقظ عندها هذه الهواية في الصيف لوجود وقت فراغ طويل، إلا أنها بطبيعتها تثير الفوضى عندما تدخل إلى المطبخ، مثل الشباب كما تصف نفسها، وتقول: «يعترف أهلي بأن الأطباق التي أحضّرها جيّدة وتستحق الجهد، لكن أمي لا تحبذّ الفكرة؛ لأنها لا تحتمل المنظر الذي يكون عليه المطبخ عندما أنتهي».
وعلى عكسها تماماً نجد إيمان إبراهيم، طالبة جامعية، تعمل على تغيير منزل العائلة تماماً بأشياء وأفكار بسيطة، فيغدو أكثر إشراقاً وأناقة في الوقت ذاته، وتقول: «تثق أمي بذوقي منذ كنت صغيرة، فقد أدركتْ باكراً أني أحب تصميم الديكور، وكانت تعبّر عن إعجابها بأفكاري وطريقتي في ترتيب غرفتي، أو ابتكار أشياء بسيطة أزيّن بها الأماكن فتبدو مختلفة. وهذه الثقة تمنحني شعوراً جيداً بأني قادرة على التميز والخلق في هذا المجال»، وتضيف بأنها تلاحظ أن هذا الأمر يصنع فرقاً حقيقياً في الحالة النفسية لكل مَنْ في البيت، وهذا عائد لأهمية التغيير في حياتنا.
فوضى الوقت
بينما يشكو بعض الأهل من الإجازة الصيفية وصعوبة التعامل مع فوضى الوقت لدى أولادهم، نجد أن منال محمد، موظفة تسويق، قرّرت منذ سنوات أن تستمتع بطفولة وشباب أبنائها، وتفعل لهم ما يحبّونه وترعى مواهبهم وأوقاتهم المفّضلة، وتجعل من أيام العطل ذكريات محبّبة لديها ولديهم، وتقول: «فكرت منذ البداية بأنه لا أحد يهتم بإسعاد أبنائي وتنمية مواهبهم مثلي، وهذا عندما كنت أبحث عن نوادٍ صيفية ترعى هوايتهم وتسليهم؛ لهذا بدأت العمل على تخصيص وقت يومي للهوايات، وبدأت أخطط لهم أنشطة جماعية مع الأصدقاء، فوجدت أنني أكثر من يستمتع بها، واليوم أرى نفسي كمن يرعى نبتته المفضلة ويراها تكبر بسعادة فيسعد بها، وأشعر بالفخر وأنا أرى مدى تطور موهبة ابني في الرسم، وموهبة ابنتي في تصميم الأزياء».
الثقة والتشجيع
ويؤكد د. عبد العزيز العساف، استشاري نفسي، أن اهتمام الأهل يعتبر من أهم العوامل التي تدفع الشباب والأطفال للنجاح والاستمرار في تنمية مواهبهم، وخصوصاً الوالدين، ومن ثم الأقارب، فهؤلاء يؤثرون بشكل كبير، وبالتالي يؤثر هذا التشجيع على أقوى الهرمونات والغدد في الجسم، فيمنحها قوة وإرادة أكبر بكثير مما تُنتجه في الحالة الطبيعية. ويقول: «إن بناء الشخصية يعتمد كثيراً على وقوف الأحبة إلى جانب الطفل أو الشاب، فالممارسات التي يقوم بها المقرّبون تمنحه دافعاً أقوى بكثير، كما أن هذه الحالة من القرب تقوّي الحب والتلاحم الأسري أيضاً، فينتج عن ذلك شخص سليم عاطفياً ونفسياً»، ويضيف بأنه إذا نظرنا إلى أهم أسباب ضعف الطفل نجد أنها تتمثل في ابتعاد والديه عنه وعدم التفافهم حوله، وهنا يكبر ليغرّد خارج المنزل، فيجد جماعة من الأشخاص اللذين يلتقطون مواهبه واهتماماته فيقترب منهم ويبتعد عن الأسرة، وإذا تأملنا الأسر المفكّكة نجد أن أبناءها حرموا من الثقة والتشجيع من الوالدين.

Image

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الإضافات