نحتاج مدارس.. لا مصانع

على مر العصور دار محور سؤال المهتمين بقضايا التعليم حول كيف نولد لدى الاطفال الابداع والرغبة في الاضطلاع . ولكن الاجيال التي سبقت عهد الثورة التقنية من المفكرين لم يهيأ لها ان تتصور مدى تأثير الانترنت في الاجابة على هذا السؤال. ويتبقى لنا نحن بصفتنا الجيل الذي شهد الطفرة التقنية منذ نعومة اظافرنا حمل الراية وايجاد الحلول.

ولكن قبل ذلك علينا ان نراجع الخلفية التاريخية للنظام التعليمي الحالي الذي قامت الامبراطورية البريطانية باعداده بطريقة تضمن لها حشد اكبر نسبة ممكنة من العاملين في ميدان العمل لبقاء تحريك عجلة اقتصادها- الشئ الاشبه بالنشاط الذي يتم في المصانع.
اذا, يمكننا ان نستخلص ان النظام التعليمي الحالي منتهي الصلاحية ولايتناسب مع الظروف والاوضاع الحالية, وبناء على ذلك نحن في حاجة ملحة للتحرر من هذا النظام التعليمي الذي يقوم على برمجة الطالب لحفظ المعلومات الموجودة في الكتب التي تقيدها الجهات السياسية والاقتصادية..

وفي زمننا هذا نشهد كيف ان الانترنت بات يلعب دورا مهما في تناقل المعلومات على نطاق المؤسسات ولاسيم مؤسسات التعليم, الا اننا ما زلنا نملك الخبرة البسيطة حول هذا المجال.

يجب ان يكون مشروع القرن 21 هو تفجير ينابيع المعرفة الكامنة في الانترنت عبر توظيفه في عملية التعليم الذاتي.

وقد قمت في العام 1999 باجراء تجربة حول توظيف الانترنت للتعليم الذاتي:
حيث قمت بتوصيل عدة اجهزة كمبيوتر في مناطق لقرى فقيرة في الهند, ومن ثم قمت بمراقبة اطفال المنطقة عن بعد وهم يتعاملون مع هذه الاجهزة بدون تلقي اي توجيهات وصعقت لاجد الاطفال الذين لم يتلقوا اي تعليم مدرسي تعلموا كيف يستخدمون الكمبيوتر والانترنت بانفسهم, هذا بالاضافة لعدم المامهم باللغة الانجليزية ولم يشهدوا مسبقا مثيلا لهذا الجهاز, وفي نهاية مطاف الخمسة اعوام التي استغرقتها في اجراء التجارب ازداد يقيني بأن الاطفال لديهم الاستعداد والقابلية للتوصل للمعرفة فطرياً, اذا توفرت لهم المقومات اللازمة لذلك.

ونجد ان الكثير من المعلمين حول العالم اتخذوا هذه الوسيلة التعليمية التي تتيح للطلاب التوصل للمعرفة والاستنتاج بانفسهم من خلال طرح تساؤلات عميقة وترك المجال للتوصل للاجابات من خلال الاتطلاع واجراء البحث على الانترنت , وكل ما يفعله المعلم هو المراقبة عن بعد.
حدث لي ان قمت بسؤال مجموعة من الاطفال البالغ سنهم 10 سنوان بقرية في الارجنتين لماذا لدينا خمس اصابع بالتحديد وقد ادهشني الجواب الذي توصلوا اليه لاحقاً, حيث تطلب منهم الاجابة على هذا السؤال الرجوع الى الاستدلال بنظريات العلمية وايضا قادهم للتطلع في علوم الهندسة, ليستنتجوا اخيرا ان قبضة اليد التي بمثابة الشبكة لابد ان تدعم من خمس جهات(اطراف اليد) حتى تضمن اقصى حد ممكن من الانبساط .

ولهذا اقوم حاليا باطلاق وسيلة تعليمية مصصمة خصيصا لتزويد المعلمين والاباء بما يمكنهم من خلق مساحة تعليمية للاطفال تشجعهم على التعلم الذاتي وتغرس حب الاتطلاع لدى الاطفال.

وفي الوقت الراهن اعمل برفقة فريق من العمل على انشاء معمل انترنت تعليمي في الهند بحيث يجد فيه الاطفال الاجواء المهيئة التي تشجعهم وتدفعهم للتعلم الذاتي, باستعانة بشركاء عمل من ذوي الخبرات بمختلف المجالات التقنية.

اعمار

نحن بحاجة ملحة الى تعليم واسع الافق بحيث يجد فيه الطالب المساحة للمشاركة والاسهام في عملية التعليم, نحن بحاجة ملحة الى معلمين يملكون الرؤية الصحيحة للتعليم, ونحن في حاجة ملحة للتحرر من هاجس الخوف في النظام التعليمي والاصابة نحو وسائل تعليمية تهتم بتنمية الميل الفطري للتعليم لدى الاطفال.

كتب: سوغاتا ميترا
ترجمة: مدارسنا
رابط النص الأصلي
We Need Schools… Not Factories

Image

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الإضافات