عمان: لا تُفَارِقُهُ الإبْتِسَامَةُ أيْنَمَا وَلّى وجْهَتَه. يَخْتَزِنُ جَمَالاً فَنِيَّا في جُعْبَتِه، امْتَزَجَ فَنُّهُ بِجَمَالِيَّاتِ بِيْئَتِه، فهو يصنع من الطين والخشب فنا بهيا وقد بدأمنذ صغره مُمَارَسَةِ الرَّسْمِ وَالتَّصْوِيْر، وهو يُؤمِنُ بِأنَّ مَنْ يَقُوْمُ بِعَمَلٍ عَلَيْهِ أنْ يَعْشَقَهُ كَي يُتْقِنَه، وأنَّ الأحْلامَ طُمُوْحَات، وَعَوَامِل الإحبَاطِ تَصْنَعُ النَّجَاحَات.
من رحم الخذلان تدفق لدى خالد بن سعيد المشايخي الإصرار على امتهان الفن رسما وتشكيلا، حيث يروي لنا بدايته مع الفن كيف كانت وعن أول صدمة تلقاها في الصغر، ويوضح أن أول انطلاقة له كانت بعد الصف الرابع الابتدائي، حيث لا يزال يستحضر جهد والدته وجهده في رسم لوحة لقلعة طلبها منه الأستاذ.
ويقول: “ذهبت للمدرسة صباحا بكل ثقة وأنا أحمل لوحتي التي مكثت عليها يومين متتاليين وانتظر بفارغ الصبر موعد حصة التربية الفنية”. ـــ خالد كان يلازم لوحته التي لفتها له والدته بأوراق الجريدة متجاهلا تساؤلات زملائه عن ماهية اللوحة التي يضمها بين حناياه طوال الوقت ـــ وأخيرا وصلت اللوحة إلى يد الأستاذ الذي قام بفتحها ثم عاد يلفها وباشر درسه. كانت تتلألأ عينا خالد انتظارا لشكر المعلم له على لوحته، وفور انتهاء اليوم الدراسي ذهب خالد إلى غرفة المعلمين ليجد أن معلم المادة قد أخذ اللوحة من حضن خالد إلى أحضان سلة المهملات! فعزم بعدها على امتهان الفن التشكيلي والرسم.
طوال تلك المدة وخالد المشايخي ينهل من الفن قدر استطاعته. وبعد سنوات شارك في أول معرض له في ولاية صور وطلب حضور المعلم الذي قام برمي لوحته فحضر ورأى ما وصل إليه خالد من مستوى فني. وهذا كان أول دافع أعطاه اصرارا على حب الفن وممارسته.
المشاركات والانجازات
الجميل في مسيرة خالد المشايخي أنه زاوج مسيرته بين التعلم والتعليم؛ فهو في المرحلة الثانوية شارك بأول معرض في مدرسته وحصل على المركز الأول، شارك بعدها في العام 2001 في حلقة النحت بالبريمي، ثم حلقة الألوان المائية في ولاية صور في العام2002 ومنها التحق بمرسم الشباب بمسقط في ذات المرحلة. بعدها في العام 2004 التحق بحلقة النحت على الحديد في صحار، في الجانب الآخر كان محاضرا في حلقة ببيت البرندة في ذات العام. وفي العام الذي يليه شارك في حلقة الحفر على الجرانيت في جامعة نزوى. وانضم في 2011 لحلقة الخزف بجامعة ظفار. وفي العام ذاته التحق بحلقة النحت على الرخام في ولاية صور.
وعن اختياره ضمن طاقم التشكيليين في الحلقة المصاحبة للملتقى الأدبي 19 بخصب في عام 2013 يقول: في هذه الحلقة تعلمت كيفية عمل الزخارف الإسلامية على الخشب، ومنها شرعت بالنحت على الأبواب الخشبية وعمل النوافذ التقليدية إضافة إلى السفن الخشبية.
إلى جانب وجوده كمحاضر في حلقة الأنامل الحالمة بجامعة ظفار . وإحيائه للعديد من الحلقات الفنية في المدارس ودور الاحتياجات الخاصة ومشاركته في الحلقات العسكرية وحصوله على مراكز متقدمة.
بطاقة الحرفي
ويخبرنا خالد أنه حصل على بطاقة الحرفي في العام2013 وأن هذه البطاقة تمنح من قبل الهيئة العامة للصناعات الحرفية، بعد اطلاع الهيئة على أعمال الحرفي ومستواه حيث تدعم هذه الهيئة تنظيم المعارض الحرفية، ويشترط أن يكون حامل البطاقة متمكن من حرفته التي يبدع فيها. وهذا يعد حافزا للحرفيين على الاستمرارية في الانتاج إضافة إلى استمرارية تناقل الحرفة بين الأجيال تفاديا لإندثارها. وبعد حصول خالد المشايخي على بطاقة الحرفي كانت أول مشاركة له في معرض الإبداعات العمانية بمركز عمان للمعارض. بعدها حصل على دعوة في البريمي للمشاركة في معرض للمنحوتات الخشبية.
وينصح خالد المشايخي المبتدئين في مشوار الفن التشكيلي من طلبة المدارس وغيرهم بالتدرج في المهنة، وأن أفضل بداية يراها المشايخي هي ممارسة فن الكولاج باستخدام الخامات المستهلكة والتي يستهين بها البعض، حيث أن هذا الفن يفتح للتشكيلي وجهات عدة للخيال وابتكار لوحات أكثر إبداعا.
وهو إضافة إلى كل ذلك إعادة تدوير للمخلفات وتخليص البيئة منها بدل انتشارها في كل مكان مثل الجرائد وبقايا الأقمشة والسيراميك أو القرطاسيات.
و يبث الحرفي خالد المشايخي شكره ــــ عبر “مرايا” ـــ لأفراد أسرته، لوالدته الدائمة التشجيع له. ويخص امتنانه للأستاذة نعيمة السيبانية التي كان لها الفضل لمواصلته في مجال الفن التشكيلي والتحاقه بمرسم الشباب بمسقط بعد أن اطلعت على أعماله في حلقة الألوان المائية2002 ، فلازمها منذ ذلك الحين في عدة حلقات ومعارض فنية.
وشكره موصول إلى سالم العريمي حيث يقول المشايخي: هو من شجعني في العمل على الحرف ووصلت عن طريقه إلى الهيئة العامة للصناعات الحرفية، بعد أن كنت متجها لاستغلال خامات البيئة وتدويرها. إضافة إلى أنه هو من ساعدني على تنظيم جدولي الفني ووضع خطة لكل عمل أقوم به.
خالد بن سعيد المشايخي يعكف على تعليم الصغار من أبناء أسرته على الرسم والتشكيل في مرسمه الخاص وكذلك بالنسبة لطلاب المدارس من خلال الحلقات الفنية وكل ما يقوم به تجاه المبتدئين وتجاه نفسه كحرفي ما هو إلا ردة فعل إيجابية نتجت جراء رؤيته للوحته بين جنبات سلة المهملات.
بارك الله فيه وفعلا الإصرار اول خطوات النجاح