فن الشباب يتنقل بين التقليدي والرقمي

الخليج: أسهمت التقنيات الحديثة والمجال المفتوح لاستخدام الوسائل والأدوات المتنوعة في ابتكار أعمال فنية قد تلغي الموهبة، كونها أعمالاً لا تخضع لمعايير، فكل فنان قادر على ابتكار الأعمال الخاصة به بأية طريقة وبكل أداة، بينما يلتزم الفنانون الكلاسيكيون المختصون بالفن التشكيلي بأدوات محددة كالريشة والأقلام على أنواعها، ويستقون معارفهم من مدارس فنية معروفة، وهذا ما يجعل البعض يخشى على أن تذوب أعمالهم وسط زخم الفنون الحديثة، بينما يتمسكون هم بمواهبهم لاستشعارهم أنها القادرة على نقل الإحساس والواقع . كل هذه الأعمال وأصحابها يجتمعون في محافل فنية عدة، ومنها معرض “الجيل التالي” الذي عرض فيه تشكيلة من الأعمال لفنانين إماراتيين شباب بتنظيم من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون .
تقول سميرة النعيمي حول ما تقدم من لوحات تراثية وأخرى تحاكي الطبيعة من نوع الفن التشكيلي إن أفكار لوحاتها تتعامل مع الفن الواقعي الذي يقدم واقع ما تراه العين المجردة أو تتخيله عن الواقع بشكليه الحاضر والماضي، وبشكل يبرز جمالياته أو ما يدور فيه من أحاسيس بشرية، وهذا ما يمكن أن ينقله الرسام بإحساسه الخاص إلى المتلقي، من خلال خطوط جامدة لكنها حية بما تنقله . وفيما إذا كان الفن الرقمي و”المكسد ميديا” قادرين على نقل المشاعر برغم أنهما لا تبتدعهما ريشة فنان، تقول النعيمي: “بإمكان الفنون العصرية نقل الأحاسيس الى حد ما، فمن أبدع اللوحة التشكيلية فنان ذو إحساس مرهف، مثله مثل من أبدع في مجال الفن العصري، فكلاهما ينقل فكرة أو رسالة” .
وعن حضور الفن الرقمي و”المكسد ميديا” مقارنة بالفن التشكيلي، ترى النعيمي أن لكل فن حضوره، وأن كل فن يعتمد على إبداع الشخص وخياله .
مي راشد الشامسي من الشابات المتفرغات للرسم إلا أنها مؤمنة تماماً بأن الفن المعاصر بما يتضمنه من الفنون الرقمية و”المكسد ميديا” هو الأكثر جاذبية لأغلب الفنانين الشباب، خاصة في ظل تبني المهرجانات والمعارض لهذا النوع والطلب المتزايد عليها من المؤسسات والشركات التي هي بحاجة له كنوع من أنواع الإعلانات أو الديكورات العصرية . وتضيف: “على العكس مما يعتقد الكثيرون، فإن الفنون العصرية تحتاج إلى جهد ووقت مقاربين لما يبذله الرسام في الفنون التشكيلية، كما أنه وبرغم أن الفنون العصرية تقدم ابتكارات فريدة على أيدي صناعها الشباب، لم تلغ حضور الفن التشكيلي” .
وتقول عفراء آل حامد إنها تدمج أكثر من فن لتصل إلى لوحات تعبر من خلالها عن مشاعرها تجاه قضايا معينة، تلتقط عبر كاميرتها صوراً لأحداث أو حالات اجتماعية معينة، وتعمل على رسمها بواقعها الذي التقطته، ثم تعمل بمخيلتها على تغيير بعض ملامح الرسم الواقعي لتمنحه بعداً يعبر عن رؤيتها التي تود إيصالها إلى المتلقي . وتعمل آل حامد على فن “المكسد ميديا” الذي جسدته من خلال بعض الإضافات التي تعمل عليها في لوحاتها الفنية، كإضافة الخيوط والحبال والخشب والمرايا والشمع اللاصق وما إلى ذلك بهدف إيصال فكرتها حين تحويلها إلى أكثر واقعية بتقنية الأبعاد الثلاثية، كما تقدم لوحات في الفن التجريدي .
وحول ما إذا كانت الفنون المعاصرة، وما تتيحه من قدرة على استخدام كافة الأدوات والوسائل الممكنة لإيصال الفن للمتلقي، تلغي موهبة الفنان وقدرته على إيصال إحساسه تقول آل حامد: “الفن في كل عصر له شكله ومع تتابع العصور تطرأ عليه متغيرات بطريقة تتلاءم والعصر الذي يعيشه، وحينما لم تكن الكاميرا حاضرة، كانت عين الإنسان تلتقط الصور وتجسدها بريشة الفنان، أما اليوم فأصبح التقاط الصورة بالكاميرا وتحويلها إلى عمل فني سهلاً، ولذلك كان لزاماً على الفنان أن يواكب تلك التغييرات ويبتكر منها .
ويعبّر الفنان الشاب حمدان بطي الشامسي من خلال فنه، عن عمق الإنسان ومشاعره وأفكاره وتوجهاته السلبية والإيجابية، إلا أنه لا يقدمها عبر الفن الواقعي التشكيلي، إنما باستخدامه تقنيات الفنون الجديدة كالفن الرقمي والتصوير و”المكسد ميديا”، ويقول: “إن طريقة التعبير ممكنة سواء بالتقنيات الحديثة أو الفن التشكيلي، لكن المساحة الواسعة هي للفنان الذي يمتلك مهارات الفن المعاصر، فتجعله أكثر قدرة على التعبير، لكنه لا يلغي موهبته ومهارته .
ويشير الشاب محمود أحمد الذي يرسم بقلم الجرانيت والفحم البورتريه والإنسان، إلى أن الفن التشكيلي هو الذي يصل إلى المتلقي ويفهم مغزاه جيداً، وهذا ما يشجعه على تمسكه بموهبته . ويرى أن الإحساس يصل إلى المتلقي عبر الفن التشكيلي الواقعي كونه يجسد الواقع بأي صورة، حتى وإن كان بالأسود والأبيض، ولكنه لا ينكر أن التقنيات الحديثة في الرسم لها شأنها أيضاً

Image