• Home
  • مبادرات تطوير
  • تربويون: «نظام المقررات» منح التعليم الثانوي صبغة جامعية متطورة

تربويون: «نظام المقررات» منح التعليم الثانوي صبغة جامعية متطورة

الشرق – السعودية: أبدى عدد من التربويين وطلاب المرحلة الثانوية رضاهم عن نظام المقررات الذي ساهم في تطوير التعليم الثانوي وتحقيق نقلة نوعية فيه منذ أن بدأ تطبيقه في العام الدراسي 1425/1426هـ. وأكدوا لـ «الشرق» أن مزايا هذا النظام ساعدت على استقرار التعليم الثانوي وأسهمت في تطويره بما يحقق أهداف الوزارة من تطبيقه، ما جعل الميدان التربوي يتقبل التوسع في تطبيقه، بضم مزيد من المدارس إليه في كل عام. لكن بعضهم تطرق في الوقت ذاته إلى بعض السلبيات التي لاحظوها في نظام المقررات، وهو أمر وارد لكن التطرق إليها يتيح إمكانية معالجتها.


ويعد نظام المقررات في المرحلة الثانوية هيكلاً جديداً للتعليم الثانوي يتألف من برنامج مشترك يدرسه جميع الطلاب ويتفرع إلى مسارين تخصصيين أحدهما للعلوم الإنسانية والآخر للعلوم الطبيعية. وبدأت الوزارة تطبيقه أول الأمر على عينة تجريبية من المدارس الثانوية من 50 مدرسة، وأثبت نجاحه ليبدأ تعميمه في عام 1426/1427هـ ليشمل 127 مدرسة ثانوية.

أهداف تحققت

واستهدف نظام المقررات تحقيق باقة من الأهداف سعت إليها الوزارة، منها تحقيق التكامل الرأسي بين المقررات، من خلال الدمج بين مقررين أو أكثر، ما ساهم في تقليل عدد المقررات التي يدرسها الطالب، وسعى نظام المقررات إلى تقليل حالات الرسوب والتعثر في الدراسة، وما يترتب عليهما من مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية؛ بإتاحة الفرصة للطالب الذي يرسب في مقرر أو أكثر أن يختار غيره، أو أن يعيد دراسته في فصل لاحق، دون أن يضطر إلى إعادة سنة دراسية كاملة، ما ساهم في زيادة كفاءة التعليم الثانوي بتقليل الهدر الحاصل في التعليم.

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى توجيه اهتمام خاص للجانب التطبيقي المهاري مع مراعاة خصوصية واختلاف الاهتمامات بين الطلاب والطالبات. ومما يحسب له أنه أتاح للطلاب تسريع التخرج وفق قدراتهم، كما أتاح لهم الفرصة لاختيار بعض المقررات التي يرغبون في دراستها، في ضوء قدراتهم والإمكانات المتاحة.

13 مدرسة في عنيزة تطبِّقه

ويؤكد رئيس قسم التخطيط والتطوير في إدارة التربية والتعليم بمحافظة عنيزة علي بن عبدالله الحربي، أن نظام المقررات للمرحلة الثانوية بدأ تطبيقه في محافظة عنيزة في ثانوية الشبيلي «بنين» في العام الدراسي 1430/1431هـ، مبيناً أنه في كل عام يتم التوسع في تطبيق النظام على مدارس أخرى، حيث طبق في العام التالي على ثانوية الشيخ ابن عثيمين للبنين والثانوية الثالثة للبنات في حي الهدا، ليصل العدد في العام الحالي 1434/1435هـ إلى ست مدارس ثانوية للبنين وسبع مدارس ثانوية للبنات تشكل 40% من إجمالي عدد المدارس الثانوية في المحافظة.

توافق عالمي

ولعل من الأمور التي تحسب لنظام المقررات، ما أتاحه من إمكانية معادلة بعض المقررات الدراسية بالاختبارات الدولية والشهادات والإجازات العالمية في القرآن الكريم، واللغة الإنجليزية والحاسب الآلي، ما يوفر الجهد والوقت على طلاب المرحلة الثانوية. وقد تحقق ذلك بفضل توافق نظام المقررات مع أنظمة البرامج الدولية باعتبار نظام الساعات المطبق في النظامين مثل الدبلوم الأمريكي، وعليه يمكن المعادلة والتحويل بين النظامين وفق ضوابط محددة.

مواكبة العصر

وساهم النظام في تحقيق مبدأ التعليم من أجل التمكن والإتقان باستخدام استراتيجيات وطرق تعلم متنوعة أتاحت للطالب فرصة البحث والابتكار والتفكير الإبداعي. أما على صعيد التطوير الذاتي، فقد ساهم نظام المقررات في تنمية المهارات الحياتية للطلاب، ومنها مهارات التعاون والتواصل والعمل الجماعي، والتفاعل مع الآخرين والحوار والمناقشة وقبول الرأي الآخر، في إطار من القيم المشتركة والمصالح العليا للمجتمع والوطن؛ إضافة إلى تطوير مهارات التعامل مع مصادر التعلم المختلفة والتقنية الحديثة والمعلوماتية و توظيفها إيجاباً في الحياة العملية، وهذا ما دفع رئيس شعبة الإدارة المدرسية أنس السليم إلى الإشادة بنظام المقررات، حيث اعتبره مواكباً العصر بما يحمله من ثورة في التقنية والمعلومات، مبيناً أن النظام أتاح للطالب مرونة في الاختيار سمحت له بتسجيل عدد الساعات التي يرغب في دراستها خلال الفصل الدراسي الواحد، كما يتيح فرص الحذف والإضافة من بين المقررات المقدمة، ويعطي الطالب الفرصة للدراسة خلال الفصل الصيفي لإتمام عدد الساعات المقررة حسب قدراته وفي حدود ما تتيحه المدرسة.

مزايا إضافية

ويقوم نظام المقررات على أساس المعدل التراكمي الذي يحسب في ضوء المعدلات الفصلية، ويمثل متوسط جميع الدرجات للمقررات الدراسية التي درسها الطالب خلال الفصول الدراسية في المرحلة الثانوية، ويحق للطالب الحصول على التوجيه والإرشاد التربوي اللازمين لمساعدته على توجيه قدراته وميوله لاختيار التخصص المناسب لميوله، وهو ما تمثل في تخصيص النظام مرشداً أكاديمياً لكل طالب يمتلك عدداً من المعارف والاتجاهات والمهارات الإرشادية والقيادية والتواصلية التي تمكنه من القيام بأدواره المطلوبة.

وفي هذا الصدد، يرى المعلم علي الصفراني أن نظام المقررات أفضل من النظام العام الدارج في التعليم، معتبراً أنه يساعد الطالب على تحديد مصيره في المستقبل، خلال المرحلة الجامعية، مبيناً أنه يتشابه مع النظام الجامعي من حيث تطبيق آليات المعدل التراكمي واختيار المواد والشُّعَب وغيرها. ويثمِّن الصفراني نظام المقررات، مبيناً أن من إيجابياته أنه يختزل المواد التي يدرسها الطالب، ويجعل لها مستويات تناسب قدراته، في حين كان الطالب يعاني من دراسة كم هائل من المعارف ووفق آليات قد تعيق تقدمه وتتسبب في تعثره.

ويبدو التقويم في نظام المقررات بمنزلة وظيفة تربوية على قدر كبير من الأهمية، وأساس مهم في نظام المقررات بما يتضمنه من أساليب متنوعة، حيث لا يكتفي بقياس معدلات التحصيل لدى الطالب وتحديد مستواه العلمي، بل يُعَدُّ عملية تشخيص وعلاج ووقاية وتحسين تستهدف الكشف عن مواطن القوة والضعف في المنظومة التعليمية لإيجاد الحلول المناسبة لتحسين عمليات التعلم و نمو المتعلم بالطريقة الصحيحة.

آليات لم تطبق

ويرى مدير ثانوية الشبيلي سامي بن صالح الغرير أن من مميزات نظام المقررات، ما أحدثه من تأثير إيجابي على سلوك الطالب بتعزيزه تقدير الذات وتعويده على الاعتماد على نفسه من خلال تكليفه بالبحوث والأعمال المطلوبة منه. ورغم ذلك، يرى أن النظام لم يطبق جميع ميزاته خاصة على صعيد اختيار الجداول المناسبة للطالب والمعلم بسبب زيادة الأنصبة، وقلة الشُّعَب المتاحة لعدم توفر عدد المعلمين المطلوب، فضلاً عن اتجاه أغلب الطلاب لقسم العلوم الطبيعية.

ولعل ما قاله الغرير، يستلزم إلقاء بعض الضوء على آليات اختيار الطلاب للمسار التخصصي. وهنا يلعب المرشد الأكاديمي دوراً مهماً في توجيه الطالب، بعد إتمام دراسته 12 مقرراً لمدة 60 ساعة؛ حتى إذا تبين للطالب أن مساره التخصصي لا يناسب قدراته وميوله، يمكنه أن يغير مساره، بمساعدة مرشده أيضاً، وبعد موافقة ولي أمره. ويحتسب للطالب، ضمن معدله التراكمي، المقررات التي درسها في حال تغيير مسار التخصص.

الخيارات المتاحة للطالب

ويجوز للطالب أن يضيف إلى، أو يحذف من، المقررات التي سجَّلها مقرراً أو أكثر في فترة الإضافة التي تحددها المدرسة خلال الأسبوع الأول من الفصل الدراسي، وبعد موافقة مرشده الأكاديمي، لكن ما لا يجوز له هو حذف الفصل الدراسي كاملاً، فيما عدا الفصل الصيفي، إلا بعذر يوافق عليه مجلس إدارة المدرسة.

كما يجوز للطالب التحويل من نظام التعليم الثانوي القائم إلى نظام المقررات وكذلك العكس عند استيفاء شروط التحويل حسب ضوابط ولائحة المعادلة.

ويتولى مكتب التسجيل في المدرسة التي تطبق نظام المقررات إجراء عمليات المعادلات للطلاب المنتقلين من المدرسة أو إليها، ومن ثم، تعتمد من لجنة المعادلات في المدرسة التي يرأسها مدير المدرسة. وتضم الخطة الدراسية لنظام المقررات ثلاثة برامج هي البرنامج المشترك والبرنامج التخصصي والبرنامج الاختياري. أما ساعات التخرج المعتمدة فتصل إلى 200 ساعة، منها 130 ساعة للبرنامج المشترك، و60 ساعة للتخصصي، و10 ساعات للاختياري.

مقارنة

لكن ثمة من يرى في نظام المقررات معوقات كان لابد من التطرق إليها. ومن ذلك: ما يقوله المعلم سامي البسام الذي يرى أن النظام المطور الذي توقف قديماً أفضل من نظام المقررات المطبق حالياً. ويضيف: لقد عشت تجربة «النظام المطور» بوصفي طالباً، والآن أعيش «نظام المقررات» بصفتي معلماً، وأرى أن النظام المطور أفضل بكثير من نظام المقررات؛ لأن حرية الطالب في اختيار المعلم والمادة فيه أكبر من نظام المقررات الذي لا يتيح ذلك، كما أن عدد الحصص في نظام المقررات ثابت وهو خمس حصص، ما يشكل ضغطاً على الطالب والمعلم، أما في النظام المطور فعدد الحصص يتفاوت حسب المادة. لكنه في الوقت ذاته يرى أن النظام المطور شابه بعض القصور، ومن ذلك أن درجة التجاوز في كل المواد تبلغ 60 درجة بينما في نظام المقررات تصل إلى 50 درجة، كما أن إمكانية الحذف واردة في النظام المطور لكنها قد تحدث مشكلة لدى بعض الطلاب.

إشكالية الجدول القطري

ويقف في الموقف نفسه، المعلم فهد العليان، الذي يرى أن من عيوب نظام المقررات مشكلة الجدول القُطري الذي لا يتيح للمعلم التغيير في الجدول، كما يعتبر أن النظام المطبق حالياً في المدارس مقارب للنظام العام من حيث كونه لا يتيح للطالب اختيار جدوله والطابور الصباحي ونظام الغياب واعتماد المقرر على البحث. لكنه لا ينكر المزايا التي ينعم بها نظام المقررات، ومنها كثرة الدرجات للمعلم ودرجات التجاوز للطالب والفصل الصيفي وإمكانية تخرج الطالب خلال سنتين أو سنتين ونصف السنة بدلاً من ثلاث سنوات.

للطلاب رأي

أما الطالب عمر الدامغ، ويدرس في الصف الثاني الثانوي «طبيعي»، فيقول إن من أهم السلبيات في نظام المقررات ما يتعلق بالمواد الدينية؛ حيث تؤخذ كل مادة كمقرر واحد فقط؛ في حين يرى أن من إيجابياته أنه يجعل الطالب يركز على المواد العلمية المفيدة له في التعليم العالي، فضلاً عن تعزيزه القدرات، والتركيز على 7 مواد فقط وعدم تشتيت الذهن بغيرها، بعكس النظام العام. ويؤيده الطالب رواد الحمداء، من الصف الثالث الثانوي، حيث يذكر أن من إيجابيات نظام المقررات، الراحة في الاختبارات وإمكانية تغيير المعلم بين الفصلين لنفس المادة، لكنه يرى أن من سلبياته تكرار نفس المواد يومياً طيلة الفصل الدراسي.

Image

آخر الإضافات