د. عبدالله بن خميس أمبوسعيدي
لا أعتقد أنه يختلف أثنان في أننا نعيش في عالم متغير متسارع نشهد كل يوم ثورات في عالم الاتصالات والتقنية الحديثة، الذي أنعكس بشكل مباشر وغير مباشر على أساليب حياتنا، فعندما بدأ الحاسوب بما يحمله من تطبيقات مختلفة مثل الانترنت والأقراص المدمجة وما تحمله هذه الأقراص من برامج يغزو حياتنا بدأت حياتنا بالتغيير، وصارت المجتمعات تبتعد شيئا فشيئا عن قيمها وعادتها.
بعدها تتطورت التقنية أكثر واكثر مع دخول الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية المختلفة، وبالرغم من الجوانب الايجابية التي أوجدتها تلك الأجهزة في موضوع التواصل بين البشر، ونقل المعرفة والعلوم، إلا إننا لم نسلم من شرور وعاقبة استخدامها من قبل البعض.
إن من أخطر التطبيقات للحواسيب والهواتف النقالة في الوقت الحالي من وجهة نظري هما الفيسبوك والواتسب. فالفسيبوك وهو موقع تفاعل اجتماعي ساعد في نشر العديد من المعلومات وتوجيه الكثير من القضايا –للاسف- أساء البعض منا استخدامه، فبدلا أن نركز على نقل وتبادل المعلومات المفيدة والأشياء المهمة بدأنا ندخل في أمور أخلاقية تؤثر على شبابنا وشاباتنا، كما يتم طرح فيه أمور قد توجه الرأي العام إلى اتجاهات غير مناسبة تضر بالمجتمع وأهله.
وهذا جدا خطير فكم من الشباب والشابات انحرفوا عن الجادة من خلال هذا الموقع أو التطبيقات. كما تكمن خطورة الفيسبوك وبعض المواقع من الاعلانات المصاحبة في أثناء فتح الصفحة، وبعض هذه الاعلانات للاسف يتعارض مع عاداتنا وقيمنا الاسلامية والعربية والعمانية.
أما الواتسب فيعد من أحدث الثورات في عالم الاتصالات وتقنية المعلومات، وقلما تجد شخص اليوم يحمل هاتفا نقالا إلا وبرنامج الوتساب موجود في هاتفه. ولا ننكر أن هذا البرنامج ساعد في توجيه الراي العام إلى جوانب قد تكون مغفل عنها من قبل المعنيين أو لم تعط الاهتمام اللازم من قبل أفراد المجتمع، إلا أنه يلاحظ سوء استخدام هذا التطبيق من قبل البعض، في أمور أيضا أخلاقية أو في نشر شائعات وأخبار ليست صحيحة، وهناك امثلة عديدة على ذلك منها ما يتعلق باخبار الأعاصير والحوادث والحرائق وغيرها.
إن هذه التطبيقات وغيرها تشكل تحديا كبيرا على التربية سواء داخل الاسرة أو في المدرسة أو على مستوى المجتمع ككل. فولي الأمر بين خيارين لا ثلاث لهما إما المنع أو الاباحة، وفي حالة منع أولاده من الحاسب الآلي أو الهاتف النقال وصم من قبل البعض بالتخلف والرجعية والتشدد وغيرها. وإذا ما أباح لهم ذلك فإنه لا يضمن استخدامها بطريقة صحيحة من قبل أبنائه. ومن هنا فإن الموضوع في غاية الصعوبة على الوالدين، إذ قد يريدا إعطاء أبنائه مثل هذه الأجهزة وتوفيرها لهم، لكنهم في خوف وهلع من أن تؤدي بهم إلى مهاوي الردى.
أما على مستوى المدرسة، فهذه الأجهزة تشكل تحديا من عدة جوانب منها أن ما يتواجد داخلها من تطبيقات ربما يتعارض ويتنافى مع تنادي به المدرسة من قيم الفضيلة والأخلاق. كما أن أخبار المعلمين والمعلمات صارت اليوم في متناول ألسنة الطلبة، وهذا معناه أن شخصية المعلم قد تكون في المحك خاصة ما اذا كانت هذه الأخبار غير جيدة.
لا يمكن أي شخص أن ينكر أهمية هذه الأجهزة والتطبيقات في حياتنا لكن لابد من مراعاة مجموعة من النقاط من قبل أولياء الأمور والمعلمين منها:
ضرورة مراقبة الأجهزة التي يستخدمها الأبناء سواء أكانت أجهزة حاسب آلي أو أجهزة الهواتف الذكية من أجل معرفة ما طبيعة استخدامهم لها.
توجيه الأبناء والطلبة إلى الاستخدام الآمن والأمثل لهذه الأجهزة وتبصيرهم ببعض المواقع التي يجب عليهم تجنب دخولهم فيها.
ضرورة تربية الأبناء تربية اسلامية صحيحة وغرس قيم الاسلام في نفوسهم حتى يمكنهم التمييز بين الصالح والطالح.
ضرورة ان يكون المربون من أولياء أمور ومعلمين قدوة حسنة للطلبة فلا يستخدمون هذه الاجهزة استخدام غير صحيح، وكما يقال لا تنهى عن خلق وتأتي مثله…عار عليك إذا فعلت عظيم.
ضرورة تشديد العقوبات على كل فرد راشد عاقل يسيء استخدام هذه الأجهزة ويعمل على إفساد أفراد المجتمع بأي طريقة كانت.
إننا كأفراد في مجتعنا سواء كنا نعمل في سلك التربية أو في أجهزة الدولة المختلفة من شرطة وإعلام وإتصالات وأوقاف وتنمية إجتماعية، بالاضافة إلى كوننا أباء وأمهات مسئولية كبيرة تجاه أبناء هذا المجتمع من أجل أن نحميهم من الوقوع في براثين الفساد والغواية من خلال المتابعة المستمرة لهؤلاء الأبناء وكذلك ما يتم تقديمه لهم في هذه الأجهزة من برامج وتطبيقات متنوعة.
وأخيرا نختم مقالتنا بالقوا أن العيش في عالم اليوم ليس بالأمر الهين ولا البسيط، في ضوء ما تقذفه لنا ثورة عالم الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة من جديد كل يوم، والقابض على نفسه وعلى دينه اليوم كالقابض على الجمر، ومن أجل حماية أنفسنا ومجتمعنا من الاتجاه نحو الكارثة لابد من تكاتف الجميع والوقوف صفا واحدا في مواجهة شرور نتائج هذه الثورة.
خاص بمدارسنا