سعيد بن سالم المعمري
لا ريب أنَّ تربية الناشئة على حب الوطن من الأمور التي تساعد على تسريع عملية التنمية في أي بلد ما ، وحب الوطن من الإيمان ، وما دام كذلك فإنه لا بد أن يكون من مقتضيات التربية التي يجب علينا غرسها في نفوسهم .
والوطن – كما هو معلوم – بقعة الأرض التي نعيش عليها ، ونستظل بسمائها ، ونشم هواءها ، وننعم بخيراتها .
فقد علمنا ذلك رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) ، وضرب لنا أروع الأمثلة في حب الوطن يوم الهجرة وبعد أن خرج من مكة ، وقف على مشارفها ، والتفت إليها قائلاً : (ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك).
وكان صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا- أي من حُبِّ المدينة.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، وصلى الله عليك على رقة قلبك ، وحبك لوطنك وحنينك إليه ، لقد علمتنا الوطنية بكل معانيها .
فإذا كان رسولنا الكريم – عليه الصلاة والسلام – على هذا القدر الكبير من حبه ، وشوقه ، وانتمائه لوطنه ، فحريا بنا أن نقتدي به في حبنا لأوطاننا ، وحسن انتمائنا وولائنا لها .
وهذا الدور يقع على المسؤولين عن التربية والتعليم في المقام الأول ، حيث يجب أن تُشرّب المناهج الدراسية – بداية من صفوف التهيئة – الإشارة إلى الوطن ، وأهميته ، وحبه وذلك بالمحافظة على منجزاته ، والمشاركة في عملية التنمية ، وعدم المساس برمز البلد وقائدها ، واحترام القوانين ، وغرس حب العمل من أجل البناء والتعمير .
ولا يقتصر ذلك على التربية والتعليم ، بل لا بد أن يشمل جميع المؤسسات الحكومية منها والخاصة حتى يعلم الجميع أن الوطن ومنجزاته خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه ، انطلاقاً من مبادئ الشريعة الإسلامية ، ومبادئ الدستور. حتى ينعم الجميع بالأمن والأمان ، والعيش الرغيد .
كما أن للأسرة دورها الريادي في تربية الأبناء على حب الوطن ، واحترام مبادئه وقوانينه ، وذلك من خلال تنشئتهم التنشئة الصحيحة وتشريبهم المفاهيم المتعلقة بحبهم وانتمائهم لوطنهم . وتعريفهم بالأمور التي يجب عليهم الاهتمام بها من خلال وقوفهم على منجزات البلد ، وغرس ثقافة المواطن الصالح المسؤول عن تلك المنجزات كونها ملك لكل مواطن يعيش على هذه الأرض الطيبة ومن حقه الاستمتاع بها ، والانتفاع بخدماتها .
يقول هوميروس: ليس هناك شيء في الدنيا أعذب من أرض الوطن.ويقول كاريل: جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه ، ولكن الأجمل أن يحيى من أجل هذا الوطن.
إذن هذه دعوة إلى جميع أبناءنا وبناتنا ، وإخواننا وأخواتنا ، وإلى كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة للاستمتاع بخيرات هذا الوطن ، والذود عنه، والعيش والموت من أجله .