«أكاديمية رأس الخيمة» .. خطوة على طريق اكتشاف الموهوبين

الخليج: يواجه الميدان التربوي في رأس الخيمة تحديات مختلفة في مواجهة عملية اكتشاف المواهب بين صفوف الطلبة، علمياً وتقنياً وأدبياً وفنياً ورياضياً، فيما يشكل افتتاح أكاديمية رأس الخيمة للموهوبين، مؤخراً، خطوة على

الطريق الصحيح، بحسب عدد من التربويين ومسؤولي منطقة رأس الخيمة التعليمية والطلبة والمعنيين بحقل «اكتشاف المواهب» بين صفوف الطلبة.

وفقاً لتربويين ومختصين في تعليمية رأس الخيمة، تشكل الموهبة نعمة من الله تعالى يهبها لمن يشاء، فلا حصر للمواهب التي يمتاز بها البشر، هناك مواهب عقلية متعلقة بالذكاء والقدرات العقلية المتفوقة، وهناك مواهب جسدية، وأخرى فنية، ومواهب لغوية، وغيرها الكثير، إلا أن الموهبة إن لم تنمُ وتتطور فإنها تندثر وتتضاءل، فالذكاء يحتاج إلى ذكاء، ولا بد أن كل شخص يستطيع أن يبدع بشيء ما يميزه عن غيره، لكن البعض يفتقر للتقدير الذاتي، والنظرة الداخلية الحسنة عن نفسه.

ويؤكد تربويون متخصصون أن بذور الموهبة الموجودة في الأعماق لا يمكن لها أن تنمو وتزدهر، لذا الخطوة الأولى لتنمية الموهبة الموجودة لدى أي إنسان، هي في أن يبني ثقة عالية عن ذاته وتحسين مفهومه وتقديره الذاتي، فلا بد أنه يستطيع أن يفعل ما فعله غيره ويثري عليها تحسيناً تفضله عنه، وعندما لا تجد المواهب حاضنات لها فإنها تندثر، وربما تلفظ أنفاسها الأخيرة بلا عودة للحياة، لذا لابد من المجتمع بكل جوانبه من الأسرة إلى المدرسة إلى منظمات ومراكز مختصة أن ترعى المواهب مهما كانت، وتشجع الموهوب باستمرار بشتى أنواع التحفيز، كالمادي والمعنوي والإطراء بالكلام، والفخر بالفرد الموهوب، وتعزيز ثقته بنفسه وبموهبته.

دفائن قيّمة

الطالب سيف الكتبي يؤكد وجود دفائن قيمة من المواهب داخل الغرف الصفية، لا يكترث لها أحد لا من قبل الموهوب نفسه ولا المجتمع الذي يحيط به، موضحاً ذلك : « أن كل شخص من زملائي فيه موهبة تختلف عن الآخر، نظهرها لبعضنا ونحن داخل الفصل الدراسي وفي أوقات الاستراحة، منها التمثيل وتقليد الأصوات، الرسوم الفنية، التمثيل الدرامي والكوميدي، وغيرها الكثير». ويشير إلى أن هذه المواهب يعتبرها البعض حالات شغب داخل المدارس، في حين أنها طابع في الشخص لا يستطيع مفارقته، وموهبة يمكن تطويرها لتصبح شيئاً يستفاد منه. ويقول: من اللازم جداً أن يشعر الطلاب بثقة في مدارسهم، لتخرج المواهب للعلن، وتُصقل لتصبح مميزة، موضحاً أنه عندما يواجه الطالب ضغوط الدراسة وساعات طويلة من التحضير للامتحانات الدورية والكثيرة، لا يُترك له المجال لإبراز موهبته أو تطويرها، نظراً لتفضيل المجتمع الحياة العلمية على المواهب الشخصية التي من الممكن لها أن تقدم الكثير في مجالات كثيرة يطلبها العالم.

الاكتشاف المبكر

بدوره، يشير إبراهيم الجاوي مدير مدرسة الجودة للتعليم الثانوي ذكور في رأس الخيمة، إلى وجود طرق متعددة لتنمية المواهب لدى الأفراد وخاصة النشء، وذلك بإقامة المسابقات والمكافآت المجزية بين أصحاب المواهب المشتركة، وإنشاء مؤسسات ترعى المواهب بشتى أنواعها، فالاختراعات العلمية نشأت من مواهب لدى مخترعيها، والأدبيات والفلسفات نشأت من مواهب أدبية يتحلى بها مؤلفوها. وأكد أنه لابد من الاحتفاء بأصحاب المواهب وتعزيز الثقة النفسية لديهم، وصقل مهاراتهم الموهبية، وجعلهم قدوة لغيرهم وحثهم على المواصلة في إبداعهم بدعمهم وتلبية احتياجاتهم، وتوفير سبل النجاح لهم، مشيراً بهذا إلى المدارس التي تكتظ بالطلبة الموهوبين، حيث تحتاج تلك المواهب إلى استثمار كبير، والأخذ بيدها نحو الإنجاز ضمن رؤى مستقبلية واضحة، وبناء طموح عال لهم، كأن يتم مساعدتهم في الحصول على براءات الاختراع، والمشاركة في المسابقات العالمية، وجعل تطلعاتهم نحو إنجازات كبيرة. ويوضح أن الموهوبين في مجتمعنا يواجهون بعض العقبات التي تحول دون اكتشاف مواهبهم وصقلها منذ بداية عمرها، فنجاح الموهبة الفردية وخروجها للعلن، تمتلك من الأهمية ما هو في نجاح العملية الدراسية والأكاديمية، لذلك لا بد أن توضع خطط متوازنة في المدارس لإنصاف الموهوبين.

وأشار إلى أن القيادة الرشيدة اهتمت كثيراً بالابتكار والإبداع، من خلال تبني مواهب الموهوبين، وتطويرها لتكون في خدمة الاستقرار والعيش الكريم، عبر مراكز وأكاديميات تسلط الضوء على هذه المواهب، ودعم المدارس، مضيفاً أنه للأسف المدارس في حقيقتها الحالية تشكل عقبة بوجه الموهوبين نظراً لكثافة المواد التعليمية وضغط ساعات الدوام الطويلة فالتمدرس يعيق ظهور المواهب.

ويبين أن الموهبة تولد مع الفرد فهي هبة من الله، لذلك كلما اكتشفناها مبكراً أصبحت أهميتها أكبر في المستقبل، فهنا نحن بحاجة ماسة لتخصيص أوقات داخل أروقة المدارس تهتم بالمواهب والابتكارات والإبداعات الفردية لاكتشافها مبكراً، لتكون المدرسة هي نقطة الانطلاق للموهوبين إلى الأكاديميات والمنظمات الدولية التي تتبنى الإبداعات العالمية لتثري إشراق المستقبل.

درجات متفاوتة

من جهتها تقول عائشة الشامسي مديرة أكاديمية رأس الخيمة للموهوبين: إن المواهب تحتاج لاكتشافها وصقلها منذ البداية، مشيرة إلى أن كل إنسان يملك موهبة تميزه عن غيره، وزُود بقابلية واستعدادات في كيفية إظهارها، ولكن بدرجات متفاوتة، فهي تبدأ من مستوى النوابغ والعباقرة المتفوقين، وتتدرج إلى مستويات أقل درجة حتى طلبة الصفوف الخلفية، فالموهوب ليس بالضرورة أن يكون متفوقاً. وتؤكد أن هناك بعض التحديات، التي تواجه المواهب والموهوبين، ومن أهمها ندرة المتخصصين في مجال الموهبة، بالإضافة إلى عدم وجود ثقافة مجتمعية رصينة عن المواهب في أهميتها بإثراء الحياة.
وتضيف: لا يمكن اعتبار الضغوط الدراسية عقبة بوجه المواهب، فالدراسة هي تعزيز المعرفة الأمر الذي يحسن في كثير من المواهب وتساعد على اكتشافها وسهولة صقلها، فمصير الموهبة لا علاقة له في الورقة الامتحانية. وأشارت إلى أن وزارة التعليم تهتم في هذا الجانب من مستقبل الطلبة، في تمهيد الطريق أمامهم، وتذليل كافة العقبات التي يمكن أن تواجه مواهبهم، وذلك من خلال تنظيم مسابقات متنوعة تظهر المواهب المتعددة للطلبة، بالإضافة إلى الإثراء الشامل والذي كان يقدم في ساعة أسبوعية داخل المدارس، يمارسون فيها عمليات عصف ذهنية للطلبة، ليتكشف المكنون في عقولهم من أفكار نيرة. وأوضحت أن أكاديمية رأس الخيمة للموهوبين، تعمل بشكل مستمر على التواصل مع المنطقة التعليمية في الإمارة، وتعلن في المدارس عن مسابقات وبرامج تتيح للموهوب فرصة ليظهر نفسه، وللموهبة أن تخرج للعلن.

الفكرة العالقة

الطالب راشد المزروعي يقول: إن الموهبة موجودة في كل طالب داخل المدرسة، لكنها متنوعة وتختلف من فرد لآخر، لكن هناك عقبات كثيرة تحول دون اكتشافها أو خروجها، معتبراً أن الفكرة العالقة في ذهن المجتمع، أن الشهادة العلمية هي الهدف الرئيسي في حياة الطالب دون غيرها من أكبر المسببات في دثر المواهب وعدم اكتشافها، وينحصر الفرد في هذه الفكرة لمرحلة أنه يتقاعس عن تطوير مواهبه أو إخراجها أصلاً، نظراً للضغط الدراسي، وزخم الامتحانات خلال الفصل.

يضيف: يجب وضع خطط داخل المدارس لقنص المواهب المميزة، والعمل على تطويرها وصقلها بشكل يقدم للطالب مستقبلاً مشرقاً في مجال موهبته.

تطوير الذات

يقول مصطفى سعيد مدرب برمجة: إن الموهوبين في هذا المجال يظهرون لنا من خلال عدة معطيات نعتمدها في التمييز بينهم وبين الأشخاص الذين لا يجدون من هذا العمل غاية للتطور والنضوج، ومن أبرزها حسن التفكير والاستيعاب والتعلم السريع، والاستمرارية في ممارسة العمل دون انقطاع، والتواصل مع المدرب أو المعلم بتركيز تام. ويضيف: الموهوب يتميز عن غيره في تطوير ذاته تلقائياً، كما انه يساعدنا على تعليمه، ويعتمد على نفسه في تعزيز مقدرته الاستيعابية، ويكون ذلك واضحاً في وقت لاحق بعد تغذيته بالمعلومة بعدم نسيانها.

Image