لو تأملنا قليلاً في وقتنا الحاضر الجو المعرفي بين المعلم والمتعلمين في قاعات التدريس لوجدنا فيه شيء من الخلل، ففي أغلب الأحيان نجد أن العلاقة بين المعلم وطلابه متردية؛ وتردي هذه العلاقة لم يأتي من العدم؛ ولكن كانت هناك العديد من الأسباب والعوامل التي بدورها ساهمت في هذا التردي سواء من جهة المعلم أو المتعلم وذلك في المراحل الدراسية الأولى أو في الجامعات والكليات.
فمعلم اليوم أصبح يفتقر للكثير من الصفات التي تساعده على خلق جو تعليمي هادف في القاعة الدراسية، كاتباع بعض المعلمين أسلوب السرد من دون وجود أي جو تعليمي يجذب انتباه المتعلم ويساعده على فهم الموضوع بطريقة صحيحة وتحليل الموضوع ومناقشتة مع المعلم، وفي نهاية الحصة أو المحاضرة بعد اسلوب السرد الطويل تجد أغلب المتعلمين قد شُحنوا بطاقة سلبية وتخللهم الملل والنعاس ولو سألنا أحدهم سؤال عن موضوع الدرس سيجد صعوبة في اعطائك إجابة شافية لأنه لم يفهم الموضوع أساساً.
نقطة أخرى ساعدت في تردي هذه العلاقة هي تعامل المعلم مع المتعلمين بفوقية وتعالي عليهم، والعلاقة الصحيحة هي أن يكون هناك اندماج بينهم كتعامل الأب مع الأبناء. كما أن اتباع بعض المعلمين أسلوب التمييز والتفرقة بين المتعلمين يؤدي إلى خلق جو من العداوة والبغضاء بين المتعلمين أنفسهم وبينهم وبين معلميهم، والإسلوب الصحيح هو معاملة الجميع سواسية بكل مودة واحترام.
إضافة إلى ذلك أن بعض المعلمين يتبع أسلوب واحد فقط في التدريس من دون أن ينوع في طرق إيصال المعلومة للمتلقي وبعضهم يفتقر إلى الأسلوب المريح والسلس لإيصال المعلومة كالمسابقات والتحديات والمعلومات الطريفة والتجارب العلمية والزيارات الميدانية التي تضيف جو من المرح على الموضوع وتكسر جو الملل السائد في القاعة التدريسية.
للمتعلم دور أيضاً في تردي هذه العلاقة، فطالب اليوم يعتبر وجوده في قاعة التدريس مكان لإثبات وجوده خوفاً من تبعات الغياب من حرمان درجات أو طرد، ولا يبذل أي جهد للتفاعل مع المعلم أو مع موضوع الدرس الذي يقوم بشرحه؛ كما أنه يعتبر المعلم مرجعه الأساسي أو الموسوعة التي لا يمكن أن تنسى أو تخطأ ولا يلجأ إلى طرق أخرى للبحث والمعرفة بالرغم من إنتشار وسائل التقنية الحديثة التي سهلت الكثير من الأمور التعليمية. كما أن التقليل من شأن المعلمين وإستخدام الألفاظ والسلوكيات البذيئة يؤثر بشكل مباشر على الحالة النفسية للمتعلم والمعلم؛ والواجب من المتعلم احترام المعلم وتقديره فالمعلمين كما نعلم هم ورثة الأنبياء.
هذا الخلل الناشئ في العلاقة بين المعلم والمتعلم له تبعات سلبية تؤثر على مستقبل المتعلم تتجلى في تردي مستواه الدراسي في مراحله الدراسية التالية، وقد يكون لها تبعات نفسية سوف تستمر معه حتى في حياته الشخصية والمهنية في مراحل حياته التالية.
خولة خميس الشكري