يعتبر ميدان البحث العلمي، من الميادين التي أصبحت في طليعة اهتمامات الدول المتقدمة في المجالات المختلفة، كالتعليم، والصناعة، والتجارة وغيرها من المجالات. وقد أشرنا في اللقاء السابق عن أهمية أن يكون المعلم باحثا في الميدان التربوي، فهناك نوع من البحوث بإمكانه استثماره ليرتقي بأدائه الوظيفي من ناحية، وبجودة مخرجاته التعليمية في طلابه من ناحية أخرى.
في هذا اللقاء سنشير إلى كنوز دفينة، تم العثور عليها والاجتهاد في استخراجها، بل وجمعها من جهات ومصادر مختلفة، لتكون في النهاية في قالب متماسك، ووضعها مع الكنوز التي سبقتها في العام السابق. هذه الكنوز تم تقدير قيمتها من قبل متخصصين عارفين بالأسعار العالمية، ويأتي هذا بتشكيل لجان لذلك، ثم يتم الاحتفاظ بها في أبعد بقعة من حاويات الكنوز لكي لا يكون من السهل الوصول إليها إلا لمن تفطن وعرف قدرها.
هذه الكنوز هي رسائل الماجستير والدكتوراة التي تم إجراؤها في الأعوام السابقة، والتي أصبحت مرجعا لطلاب الدراسات العليا فقط، بينما تضم في جنباتها الكثير من الجوانب التي تهم المعلم في الميدان، وطالما تم تطبيق البحوث التجريبية منها ميدانيا، وأثبت الكثير منها نجاحه، فجدير بالمعلم أن يسعى للتنقيب عن هذه الكنوز، والغوص في أعماقها لجني الثمار اليانعة، التي بذل جمهور الباحثين الكثير لجمعها، والاعتناء بها ضمن البحوث التجريبية.
وهنا دعوة للمجتمع، وللمؤسسات بتشكيل نقاط اتصال بين المعنيين بهذه الأبحاث، وبين الميدان، فهذه الثروة إن لم يتم استثمارها والأخذ بالمفيد والمثمر منها، فستبقى رهينة الرف، وتعتبر نوع من هدر الجهود. ولو تحدثنا بتركيز عن التجريبية منها، فهي تتضمن في الغالب دليلا للمعلم لطريقة تدريس حديثه، أو استراتيجية يقوم بتطبيقها وفق خطوات محددة، إضافة إلى باقة الدروس المعدة من قبل الباحث. وهذا يتيح فرصة للمعلم للتجديد، ولتجريب طرق حديثة لم يكن يعرفها، ولا يعرف خلفيتها النظرية، كما أنها تجعله يتشوق للجديد دائما، وهذا يفيد في تحول المجتمعات إلى مجتمع المعرفة، الذي يستنهض الهمم، وينشط العقول الأكاديمية،ويحفز آليات ووسائل الإنتاج العلمي، وفي الختام يكون قادرا على بناء اقتصاد المعرفة، الذي يعتبر من أهم أسس خطط التنمية.
ودعوة لك أيها التربوي لاستثمار هذه الكنوز، وإخبار من تعرف عنها، قم بزيارة الجامعات التي خصصت ضمن مكتباتها أقساما للرسائل الجامعية، وابحث في شبكات الإنترنت عن نسخ إلكترونية في دول أخرى، وطالب الجهات التي تنتمي إليها بنشر هذه الثقافة. فنتائج هذه الدراسات البحثية، هي أصدق من تجارب المنتديات الإلكترونية العامة، التي تعطي خلاصات لا تسمن ولا تغني من جوع، هذا إلى جانب الأدلة المحكمة التي قامت وفق أسس علمية قوية، فهلم بنا نرتقي بميداننا التربوي معا.
رحمة بنت سالم الحارثية
[email protected]