مركز حمدان للإبداع والابتكار.. حاضنة المستقبل استمع

الخليج: الابتكار ليس جديداً على قاموس خدمات وأهداف مركز حمدان للإبداع والابتكار المُنضوي تحت مظلة مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إحدى مؤسسات دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، فهو وُلد معه منذ لحظة إعلانه الأولى في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وأصبح الابتكار أكثر ارتباطاً بهوية المركز بعد أن وجّه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بتغيير الاسم من مركز حاضنات الأعمال إلى مركز حمدان للإبداع والابتكار، وجعل التركيز الأكبر فيه على ابتكارات وإبداعات الشباب المحليّة، في منطقة المركز البالغ مساحتها 20 ألف قدم مربعة، وتعتبر الأكبر من نوعها في المنطقة.

يشير يوسف لوتاه، مدير المركز، إلى أن أكثر من 700 مشروع خرجت منه منذ بدايات تأسيسه في 2002، إذ كانت مجالات المشاريع في البداية محصورة في الاستشارات، وتنظيم الفعاليات، لكنها أصبحت هذا العام يضمها أكثر من 60 مكتباً مُجهزاً، وعلى أتم الاستعداد لاستقبالها والخوض في غمارها في شتى المجالات المتنوعة، بما فيها التعليم، والصحة، والتصميم بمجالاته كافة، والتكنولوجيا..

ويقول: أصبح باستطاعتنا، بدءاً من هذا العام، إفادة صاحب الفكرة والمخترع بتحويل مشروعه إلى عمل تجاري يعود عليه بالربح، إضافة إلى توجيه المبتكرين لوضع أفكارهم كمنتج أولي، ومساعدتهم فيما يتعلق بموضوع حماية الملكية الفكرية، بالتعاون مع القطاع الحكومي وجهاته المختلفة، التي نسعى إلى إقناعها بتبني المشاريع، التي نقدمها ونشرف عليها، إذ إن أغلب المبتكرين والمبدعين يحتاجون إلى الدعم الكبير والتبني الفعليّ لأفكارهم، لتخرج من إطار الأوراق إلى الواقع ويستفيدون ويفيدون غيرهم بها.
وينوه لوتاه إلى أن المركز نال ترخيصاً مؤخراً لافتتاح حاضنات أعمال في إمارة دبي، وعملاً بهذا الترخيص، افتتحت حاضنة جديدة بالتعاون مع كليات التقنية العليا بدبي، وتأسيس عشرة مكاتب فيها، وحالياً يَجري العمل على خمسة مشاريع لطلبتها.

ويهدف المركز من ذلك، وفق لوتاه، إلى استثمار الطلبة لأوقاتهم في مشاريع مُرخصة، ورفد الجانب الدراسي لهم بمهارات عمليّة فعليّة تفيدهم في نفس مجال دراستهم الأكاديمية. ويبين أن الطموح الذي يشغل المركز والقائمين عليه في الفترة الآنية هو تصميم ابتكارات محلية تُوضع على خريطة معرض «إكسبو 2020» أو «متحف المستقبل»، المُتوقع أن يضم اختراعات عدة مهدها الأول مركز حمدان ومؤسسة محمد بن راشد، ليس من المواطنين فحَسبْ، بل أيضاً من الجهات الحكومية المُصممة لاختراعات مبتكرة تسد ثغرة أو حاجة في الخدمات التي تقدمها؛ بغيةَ تطويرها إلى أفضل مستوى.
ويضيف: هناك دورات تدريبية ينظمها المركز، ومعارض بغرض تعزيز دور الإبداع والابتكار في المنطقة، ومنها: المشاركة الأولى من نوعها لجهة حكومية متمثلة بنا في معرض الشخصيات «كوميكون»، إذ كانت غايتنا الجوهرية في ذلك خلق مجموعات جديدة في مجالات مختلفة للمبدعين في الإمارات.

وتؤكد ابتهال أحمد الناجي، مديرة إدارة تطوير الشركات في مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إضافة فئة جديدة إلى جائزة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب في موسمها الثامن، وفي مسابقة التاجر الصغير في الدورة الحادية عشرة لهذا العام، لأفضل مشروع مبتكر، بمنأى عن العائد المالي، كون المبتكر يأخذ وقتاً طويلاً؛ لبناء علاقاته والترويج لفكرة المنتج أو الخدمة أو الاختراع التي يقدمها.
وتقول: هنا يكمن دور مركز حمدان للإبداع والابتكار في خلق البيئة المناسبة لهؤلاء المبدعين والمبتكرين، لتنفيذ خططهم ومشاريعهم والترويج لها، والفائز بجائزة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب 2015 هو أحمد المزروعي، كأفضل رجل أعمال، بعد أن رشحه مركز حمدان؛ نظراً لشمولية مشروعه الذي غطى حلولاً مبتكرة لجهات حكومية وشركات خاصة، توجهاً مع دعم الحكومة في مبادراتها الخاصة بالابتكار.
فيما يتعلق بمسابقة التاجر الصغير، تشير الناجي إلى اعتماد فئة أفضل مشروع مبتكر في دورتها الحادية عشرة هذا العام، إضافة لبنود خطة التكريم المُتبعة في الدورات السابقة للمسابقة، التي يدعى فيها جميع طلبة المدارس من الصف العاشر إلى طلبة الجامعات على مستوى الدولة ومن جميع الجنسيات؛ للخروج بأفكار خلّاقة للمشاريع وغير مستهلكة في الأسواق.
وتقول: وكان من ضمن جُملة المشاريع في المسابقة في موسمها الفائت مشروع ابتكار مجالس واستراحات من عجلات السيارة، ومشروع تحويل زيت النخيل لطاقة خضراء نظيفة.

قصص نجاح

منصور أهلي، هو أحد المُبتكرين الشغوفين في مركز حمدان للإبداع والابتكار، ومن أعماله جهاز مخصص لتخفيف الصدمات، ويبيّن أن ارتفاع نسبة حوادث الشاحنات الرافعة للمركبات والمسجلة في شرطة دبي دفعه لتطوير هذا الجهاز، فغالباً ما تجهل السيارات القادمة من خلف الشاحنات مداها، ولا يدرك السائق حدود نهايتها بشكل واضح. ويسترسل: «الجهاز يستند في تكوينه الى حواف مطاطية تُوضع كأمان في نهاية هذه المركبات، وتمتاز بسلاسة تركيبها وإزالتها لتركيب وتنزيل السيارات»، منوهاً بأن الزوائد المطاطية ممتصة للاصطدامات في حالات الحوادث.

وعن الدعم الذي تلقاه أهلي، يلفت إلى أن شرطة دبي كانت الداعم الأول، إذ ساعدته على تركيب الجهاز على إحدى مركباتها، وأن لجنة التكنولوجيا في أبوظبي (تكامل) وفرت له براءة اختراع لتسجيل الجهاز خارج الدولة، إضافة إلى الدعم اللامحدود الذي حظي به من مؤسسة مواصلات الإمارات، وشركات خاصة كثيرة.
وبالنسبة لأحمد المزروعي، الفائز بجائزة محمد بن راشد لدعم مشاريع الابتكار، كأفضل رجل أعمال، والفائز أيضاً بجائزة «الأوائل المبتكرون الناجحون»، من بين 50 قصة نجاح، فيوضح أنه اختير مستشاراً في مركز حمدان، وسفيرا له للإبداع والابتكار، كونه ينخرط في هذا العالم منذ سبعة عشر عاماً، وقدم العديد من المبادرات المبدعة في المدارس والجامعات. وتكمن مهمته الحالية في المركز، كما يوضح، بمساعدة غيره من المبتكرين وتوجيههم لتطبيق الأفكار على أرض الواقع، وتقديم الدعم المعنوي لهم.
وينوه المزروعي بأن مشروعه الذي استحق عنه الفوز انفرد بتميز فكرته، إذ عمل على إطلاق أول روبوت عسكري في الشرق الأوسط، وتبلورت معظم مشاريعه الأخرى في القطاع العسكري، علاوة على عدد من المشاريع، التي تمتاز بعمق مُعالجتها في دراسة نواقص الشركات والهيئات في الدولة، والعمل على تطويرها، كفكرة استحداث إشارات مرورية مؤقتة تنظم السير، وتكون سهلة النقل والتركيب في المنطقة التي نحتاج إليها، للتقليل قدر الإمكان من الحوادث الناتجة عن أعطال الإشارات المرورية في الشوارع
والطرق.
يلفت سعود بالشالات، صاحب «هاي كواليتي بروديكشين» أو «HQ Production» إلى أن مشروعه القائم على الإنتاج، يعتمد حس الإعلام الحديث، سواء كان إعلانياً دعائياً، أو فيلمياً، بعيداً عن الأساليب التقليدية الإنتاجية. ويقول: «أحد المشاريع التي طورناها مُؤخراً فيديو لمصرف الإمارات للتنمية، وما ينضوي تحته من قطاعات، واعتمدنا فيه فكرة جديدة مبدعة تتمثل بإبراز طالب إماراتي يسأل معلمه في مراحل تعليمه الأولى كيف يمكنه أن يصل من دبي لأبوظبي بأقصى سرعة؟ فسيتفز غضب المدرس ويلزمه بالابتعاد عن التفكير في هذه التفاهات والتركيز في الدرس. بعدها نتطرق في الفيديو إلى إنجازات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، في بناء البنية التحتية للبلاد وتحويلها من رقعة صحراوية خاليّة، إلى جنة تكتظ بالمشاريع والنجاحات المتواصلة. ويظهر الجزء الثالث من الفيلم الولد نفسه بمرحلة عمرية أكبر متجهاً لبرامج دعم الشباب، ويحصل على منحة منزل من برنامج الإسكان. وفي آخر المقطع يقول الشاب عيّنه: كيف يمكن أن أذهب إلى المريخ؟»، وهذه هي رسالة الفيديو التي عملنا بطريقة مبتكرة لإنتاجها وإيصالها.

ويُبيّن عبد الله بالجافلة، المدير الإبداعي ل «جافلة للمجوهرات العربية»، أن بداية التأسيس الرسمي للمشروع كانت قبل سنتين، وتتبلور فكرته الأساسية حول تحديث هدايا الذهب، وتوفير علامة محلية تبرز هويتنا وعادات وتقاليد المجتمعات العربية والخليجية والإماراتية.

ويقول شريكه حمد بن شيبان، المدير العام للمشروع: «أبرزنا طقوسنا الاجتماعية عبر المجوهرات والفصوص، وإحدى التشكيلات كانت اسمها «جمعة» مكونة من الأحجار الكريمة، وتدلل ألوانها وطريقة تصميمها على عادات وتقاليد يوم الجمعة، عبر الورود التي تمثل صفاء وفرحة اجتماع الأهالي في هذا اليوم، وترمز إلى نساء العائلة وتجمعهن».

Image