الرؤية: ابتكر ماجد البطاشي وخلفان الحسني، الطالبان بالكلية التقنية بإبراء، سبورة ثلاثية الأبعاد (3D-B) للأغراض العلمية الرياضية, تساعد في التمثيل الرياضي للأشكال والزوايا الهندسية والظواهر الفيزيائية؛ مثل: الانكسار، والانعكاس. وتقوم فكرة الجهاز المبتكر على توضيح مسار خطوط الضوء لعين الإنسان عن طريق تمريرها في حيز مليء بالدخان؛ حيث يتوهَّج الدخان في المنطقة التي يمر بها مسار الضوء.
ويوضح الطالب ماجد البطاشي طريقة عمل الجهاز -الذي تعاون في سبيل تنفيذه مع زملائه بالكلية التقنية بإبراء: يتشكل الجهاز من مكعب به ثلاثة أوجه شفافة, على أن يتم تعتيم الوجهين الآخرين والقاعدة؛ لذلك فإن القاعدة تكون من الخشب ولها أربعة أرجل وجهاز لتوليد الدخان، وبعد تشغيل الجهاز فإن باعث الدخان يعمل، وبعد تسليط ضوء الليزر على الدخان المتولد داخل الجهاز, ومشاهدة انعكاس الضوء باستخدام المرايا ووضع وعاء زجاجي مليء بالماء يمكن مشاهدة ظاهرة الانعكاس.
ويضيف البطاشي: جاءت فكرة الجهاز من خلال حاجتي لتخيل ذلك الكم الكبير من المعلومات والمفاهيم الرياضية التي تتعلق بالأشكال الهندسية وحسابات الزوايا, وبعض الظواهر الفيزيائية؛ مثل: انعكاس وانكسار الضوء؛ بجعل هذه المعلومات مرئية وذات خاصية تفاعلية في حيز مكاني قابل للنقل أو التحريك؛ ففكرت بطريقة لجمع كل هذه المميزات في جهاز واحد بسيط وسهل الاستخدام, فكان مشهد ضوء مصابيح السيارة عندما تخترق الغبار هو الإلهام للوصول إلى طريقة تسليط ضوء الليزر على الدخان, وكانت هناك حاجة للتمثيل الرياضي لهذه الظواهر حتى يسهل دراستها بطريقة علمية؛ فجاءت فكرة وضع الخطوط البيانية التي تساعد على حساب المسافات والزوايا.
ويتابع البطاشي: أتمنى أن أجد من يأخذ فكرة الجهاز بكل جدية, ويتبناها كإحدى وسائل التعلم, خصوصا وأنها ذات مبدأ بسيط ويمكن تطويره أكثر ليتضمن وظائف أكثر, وليتناسب أكثر مع أجواء قاعات الدراسة, فأنا أرى أن وجود الجهاز سيضيف جوا حماسيا في الصفوف الدراسية كونه جهازًا يسهِّل على المعلم شرح هذه المفاهيم الرياضية والفيزيائية, وفي الوقت ذاته يسهل استيعاب وترسخ المعلومة لدى الطالب, من منطلق أن وجود الجانب العملي في الشرح يضيف بعض الواقعية التي تساعد الطالب على ربط المفاهيم والمصطلحات التي يدرسها بالظواهر التي يراها في حياته اليومية؛ لذلك أتوقع أنها ستلقى إعجابًا ورواجًا في أوساط المدارس, كونه سهل الحمل, بسيط الاستخدام, ويضيف جواً ممتعاً للصفوف الدراسية, كما يمكن إنتاجها كنوع من أنواع الألعاب ذات التسلية الهادفة وترويجها في الأسواق.
ويضيف الطالب خلفان الحسني بأن “وجود مثل هذه الابتكارات في المؤسسات المختلفة مع الإشارة إلى أنها من صنع محلي أو فكرة محلية ستشجع العديد من الشباب على البدء في مشاريعهم وابتكاراتهم الخاصة لأن وجود صناعات محلية ناجحة يعزز إمكانية إبداع فكرة جديدة مع الحصول على الدعم, وكونها ستكون مثالاً يحتذى به من قبل الشباب الطامحين لرفعة هذا الوطن بأفكارهم الفذة. وطموحي أن أؤسس جمعية تُعنى بالأفكار الجديدة والأشخاص ذوي العقليات المبدعة.
ويتابع: “بداية الدعم كانت من المدرسة ممثلة في النادي العلمي الذي من خلاله بدأت أخطو خطواتي الأولى, وبتشجيع المدرسة المتواصل بدأت أترجم أفكاري وهواياتي إلى ابتكارات على أرض الواقع, والآن أجد تعاونا من قبل الجماعة العلمية بالكلية التقنية بإبراء, وأطمح إلى أن تكون هناك مؤسسات تعنى بالابتكار والتصميم تتبنى هذه الأفكار, وتوفر الدعم المادي والمعنوي لشباب المبدعين مثل عمل دورات في أسس الميكانيكا والإلكترونيات, وتوفير بيئة خاصة لهم مثل ورش مزودة بكافة المواد والمعدات اللازمة التي يحتاجونها.
ويقول هاني سعيد الشعيبي محاضر الفيزياء بقسم الهندسة بكلية التقنية بإبراء: “بصفتي مشرفا على المشروع، أشكر إدارة الكلية على دعمها اللا محدود للمشاريع والابتكارات العلمية”. ويوضح: “بدأت القصة عندما عرض الطالبان ماجد وخلفان مشروعهما عليَّ، وهو سبورة ثلاثية الأبعاد بسيطة في التنفيذ وعبقرية في الفكرة. وهى عبارة عن شعاعي ليزر يمران عبر صندوق زجاجي مملوء بدخان عود يسمح للمشاهد برؤية جميع تفاصيل ظاهرة الانعكاس والانكسار لأشعة الضوء.
وأضاف: وظيفتي كانت الأشراف المعنوي قبل أن يكون الإشراف الأكاديمي للمشروع، لأن الهمة العلمية وحب الاستطلاع أحيانا يكونان أفضل من الجانب العلمي النظري البحت. وكانت هناك الكثير من الجلسات والحوارات لتشجيع وتحفيز الطلاب على الابتكار والاختراع. وذهلت بالرغبة الشديدة والولع العلمي للطلاب العمانيين للتفكير العملي وحب الابتكار؛ لذلك نناشد الجهات المختصة بالاهتمام أكثر بالمبدعين والمخترعين العمانيين؛ فجلالة السلطان -أبقاه الله- لم يألُ جهدًا، ويبذل الغالي والنفيس للشباب العماني في كل المجالات. وبعد جهد كبير، استطاع الطالبان تنفيذ ما حلموا به، وهذه رسالة لكل شاب عماني بالصبر والاجتهاد فأنصح الشباب العماني بأن يجتهد لبلوغ النجاح، فإن لم ينجح الإنسان -بعد جهد- وفشل؛ فهي ليست نهاية العالم ويكفيه شرف المحاولة، فكل إنسان معرَّض للخطأ ولربما كانت بداية النجوح سقوط.
ويؤكد الشعيبي: الاختراع من وجهة فيزيائية جيد جدًّا، خاصة في خضم الإعلام والتلفزة؛ حيث أصبح الإنسان يفهم ويعي -عن طريق “الرؤية”- أكثر من السمع والطرق التقليدية؛ فالسبورة الذكية عبارة عن أداة يمكن باستخدامها شرح وتفصيل الكثير من الفيزياء البصرية، خاصة عملية انكسار وانعكاس الضوء، مما يساعد الطلاب على الفهم. وبصفتي محاضرًا للفيزياء أرى الفارق الكبير في استقبال وتثبيت المعلومة عندما أشرح كلاميا وعندما أشرح عمليا.
ويوضح الشعيبي: من جهة اقتصادية، فإنه من الممكن استثمار المشروع تجاريا بعد إضافة بعض التعديلات عليه وتصنيعه وتسويقه للكثير من الكليات والمعاهد العلمية في السلطنة. ويكفي شرفا أنه صنع محلي، فالكثير من المعدات والأدوات العلمية المستخدمة في الكثير من المعامل العلمية مستوردة، بينما ببعض الجهد والتسويق والتحفيز من الممكن تصنيع بعضها محليا.
وينبه الشعيبي إلى أنه “من الشائع التركيز على الاختراعات والابتكارات في الدراسات العليا بعد الدبلوم العام -الثانوية- وبدرجة أقل في المراحل الدراسية السابقة، على الرغم من أنه لابد من الاهتمام بهذا الجانب من المراحل الدراسية الأولى وترسيخه في أبنائنا الطلاب؛ فالمرء على ما ينشأ عليه.