البيان: بداية؛ نريد أن نتعرف على التعليم في سنغافورة؟
وفقاً لآخر إحصاء رسمي عن ميزانية التعليم، نجدها تُمثل 3% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ بلغت أعداد المدارس في سنغافورة 356 مدرسة، تضم أكثر من نصف مليون طالب وطالبة، يقوم على تدريسهم 31 ألفاً من المعلمين، فضلاً عن 5 آلاف من الموظفين والإداريين، ونحو ألفين من الشركاء التربويين.
ما مكانة سنغافورة على خريطة التعليم عالمياً، وما أهم المراكز التي حققتها أخيراً؟
وفقاً لتقرير «مكنزي»، الذي نشر في نوفمبر من العام 2010م، فإن سنغافورة تُعد واحدة من الأنظمة المدرسية الأفضل أداءً في العالم، كما حصلت الدولة على المركز الخامس عالمياً في جودة نظام التعليم، من خلال استبيان التعليم العالمي لمجموعة «بيرسون» لعام 2012م. والمركز الأول في المنتدى الاقتصادي العالمي، حسب تقرير التنافسية العالمية 2010 ــ 2011م. فيما حصل طلبة سنغافورة على أعلى المراتب في القراءة والرياضيات والعلوم في الامتحانات الدولية، برنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA)،.
وفي دراسة عن الاتجاهات الدولية في الرياضيات والعلوم ضمن الاختبارات الدولية TIMSS. وأخيراً، حصلت سنغافورة على المركز الرابع، ضمن 45 نظاماً تعليمياً مُشاركاً في الاختبارات الدولية للقراءة، عن دراسة حول التقدم في مهارة القراءة والكتابة الدولية (PIRLS).
تعتمد الإدارة المدرسية الناجحة، على أسس محددة حتى تحقق الهدف والوصول إلى العالمية، كيف كان ذلك بالنسبة لكم؟
الإدارة في مدارس سنغافورة، استطاعت الوصول بالتعليم إلى مستويات عالمية من خلال اعتمادها على محاور أساسية عدة، كانت بمثابة بوابات للولوج إلى العالمية، وهي: القيادة والتخطيط الاستراتيجي، وشراكة البيت والمدرسة والمجتمع، ونظام إدارة وتطوير الهيئة التدريسية والإدارية، وتعزيز الكفاءة الإدارية والتشغيلية، ونشر ثقافة المدرسة والبيئة التعليمية.
ماذا عن شركاء النجاح، وما الأطراف المُشاركة في التعليم، التي كان لها دور في الوصول إلى هذه المرتبة؟
لن أبالغ لو قلت إننا في حاجة إلى قرية بأكملها لتربية طفل. لذلك، كان من الضرورة أن تعتمد وزارة التربية والتعليم في سنغافورة، على مجموعة من الشركاء الاستراتيجيين الذين يساهمون بقوة في مسيرة التعليم، وهم:
مجالس إدارات المدارس، واللجان الإرشادية، وأولياء الأمور، وجمعيات شؤون الخريجين، وقطاع الأعمال والصناعة، والفعاليات المجتمعية كافة. كلهم شركاء في كل ما يتعلق بقطاع التربية والتعليم، ومسؤولون عن تطوير التعليم وتحقيق أهدافه.
وكيف يُمكن توصيف طبيعة الشراكة بين الأطراف المعنية؟
لدينا مرتكزات عامة لتحديد طبيعة المُشاركة في العمليّة التعليمية، منها: وضع سياسات وأهداف الشراكة، وبناء العلاقات وتوثيق الصلات في ما بينها، وتكثيف الدعم، لتحسين التجربة الطلابية التعليمية، مع الاهتمام بغرس قيم خدمة المجتمع لدى الطلبة، واعتبار قادة المدرسة والعاملين فيها نموذجاً يحتذى به.
الشراكة المجتمعية والتقييم المدرسي على الطريقة السنغـــــافورية
في سنغافورة، لكم تجربة متميزة في الشراكة مع أولياء الأمور، ما هي؟
لتحديد ملامح العلاقة بين أولياء الأمور والمدرسة، لابد أولاً من الإجابة عن هذا السؤال: هل المعلم يعرف جميع أولياء أمور طلابه؟، وللوصول إلى تحقيق هذا، لابد أن يكون التواصل من خلال آليات متنوعة، مثل: الموقع الإلكتروني، والنشرات الإخبارية المدرسية، ودفتر الطالب أو المدونة، والاجتماع مع أولياء الأمور.
والزيارات المنزلية. فمن جانب أولياء الأمور، هناك المتطوعون منهم لخدمة المدرسة، ومجموعات الدعم، وجمعيات أولياء الأمور والمعلمون. ونحن نعمل على تعزيز هذه العلاقة وبناء الكفاءات منهم، عن طريق ورش عمل أولياء الأمور، وتكريم العناصر الفعالة، من خلال: يوم التقدير، وأُمسية لأولياء الأمور، وجائزة أولياء الأمور.
ما الذي تعولون عليه من الشراكة مع أولياء الأمور، تحديداً؟
نسعى من خلال هذه الشراكة، إلى دعم المدارس التي تركز على تعليم الطفل. وتحمل أولياء الأمور المسؤولية الكاملة عن تنشئة أبنائهم، وتقديم أمثلة ونماذج جيدة، وغرس الشعور بالمسؤولية في أطفالهم.
ومساعدتهم على أن يصبحوا مواطنين صالحين. وإظهار الرعاية والمسؤولية من خلال اهتمامهم بما يفعله هؤلاء الأبناء. إلى جانب المعايشة المستمرة للمستويات الدراسية للأبناء، ومساعدة المدرسة على رفع مستوى الأداء والتحصيل العلمي، فضلاً عن قيام رابط من الثقة والاحترام المتبادل بين ولي الأمر والمعلم، واعتماد أسلوب المصارحة بينهم لما فيه صالح الأبناء.
ماذا عن طبيعة العلاقة بين المدرسة والطالب، وأثرها في استثمار طاقات الطّالب في العمل المدرسي؟
طبيعة هذه العلاقة تحددها خبرة المدرسة، ومدى نجاح نظامها في متابعة الطلبة ودعمهم وإعدادهم ليكونوا رجال المستقبل، عن طريق زرع قيم الولاء والمسؤوليّة فيهم. وأن تقوم كل مدرسة بعمل سجل تتبعي عن إنجازات طلبتها. وتشجيعهم على المشاركة بقوة في الأنشطة والفعاليات المدرسية، والقيام بدور المرشدين، كقدوة ونموذج يُحتذى به.
كما تحرص إدارات المدارس على تقديم المنح الدراسية والإعانات للطلبة والمعلمين المحتاجين لها، فضلاً عن تعزيز الصلات والعلاقات الفعالة في المجتمع المدرسي، وتشجيع العاملين على التواصل مع المجتمع من أجل المنفعة المتبادلة، وتحقيق الجودة المرجوة في نظام التعليم.
يحرص نظام التعليم في سنغافورة على تكريس مفهوم الشراكة المجتمعية في التعليم، كيف يتم تحقيق ذلك؟
نسعى بشكل جاد إلى غرس قيمة الخدمة المجتمعية في الطلبة، في جميع المراحل الدراسية، كما يوفر المجتمع من جانبه فرصاً أمام الطلبة، للمشاركة المجتمعية في فعالياته وأنشطته المختلفة. ولدينا مساهمات فعالة من قادة المجتمع ممن يقدمون خدماتهم كمرشدين للطلبة. وهناك من يقدم المنح الدراسية والإعانات للطلبة والمعلمين، فضلاً عن دور المؤسسات المجتمعية في توفير الدعم المادي والاجتماعي للعائلات والطلبة المحتاجين.
وما موقع أولياء الأمور في التعليم؟
نعمل على توفير موارد لمساعدة أولياء الأمور في دعم تعليم وتطوير أطفالهم بطريقة أفضل، وضمان التعاون بين البيت والمدرسة، من خلال 5 مبادئ توجه الشراكة بينهما؛ الثقة هي الأساس، مع التركيز على الطفل، وفهم المسؤوليات المشتركة، والبحث عن النقاط المشتركة بين الأطراف المعنية، إذ إن لدى أولياء الأمور تأثيراً أساسياً على تطور أبنائهم بشكل عام، في حين توفر المدارس الأسس الأخرى، من خلال التعليم المنهجي.
كما أن المجتمع يقدم فرصاً حقيقيةً للأطفال، لبناء مفهوم ومعنى الهوية الوطنية، والمسؤولية تجاه المجتمع. ويمكن لشركاء المدرسة، دعم مخرجات المنهج الدراسي خارج نطاق الصفوف الدراسية، عن طريق الأنشطة اللاصفية، مع توفير الفرص للتعليم الشمولي خارج نطاق المدرسة، في المجتمع ومؤسساته وهيئاته.
وما دور قطاع الأعمال والصناعة، في دعم مسيرة التعليم؟
لاشك أن التعليم في سنغافورة يحظى بدعم كبير من قطاع الأعمال والصناعة، يتمثل في: توفر الفرص للطلبة للتعلم التجريبي، ودعم الفعاليات والأنشطة المدرسية المتنوعة، وتدريب الطلبة على العمل في مجال الأعمال والصناعة، ومن ثم توفير فرص عمل مستقبلية لهم. وهناك أيضاً المشاريع التعاونية التي يقدمها هذا القطاع، والعديد من الفرص التدريبية لتنمية المعلمين مهنياً، إلى جانب تقديم المنح الدراسية والإعانات للطلبة والمعلمين.
كيف يمكن لوزارة التربية تعزيز جهود المدرسة؟
تقدم الوزارة الدعم المستمر للمبادرات الفعالة في المدارس، إلى جانب دعم المديرين والمعلمين في عملهم، وتحفيزهم مادياً ومعنوياً، وتحرص على إشراك المدارس في قراراتها، وإطلاع إداراتها على السياسات التعليمية، وبالتالي إطلاع كل المستفيدين من الخدمات المدرسية، على هذه السياسات. كما تعمل الوزارة على تعزيز التعاون مع الجهات الحكومة الأخرى.
ومع غيرها من المنظمات غير الحكومية، لتنفيذ برامج وممارسات فعالة تعود بالنفع على المجتمع المدرسي الصغير وعلى المجتمع الكبير بشكلٍ عام. وتنظر الوزارة إلى المدرسة على أنها المنطلق الأساسي لشراكتها مع أولياء الأمور، والمجتمع.
القيادات المدرسية
يقول البروفسور جان تشين هوات، إن المؤسسة التربوية السنغافورية تعتمد مبدأ اللامركزية في صنع القرار، وتفسح المجال أمام انتقال المبادرات، من المستفيدين إلى متخذي القرار، من خلال برنامج قائم على الشراكة والتعاون بين مختلف الأطراف. ويضيف: لضمان التزام القيادات المدرسية بمهامها، يتم التحقق من كيفية قيام قادة كل مدرسة، بمخاطبة القيم والمبادئ والثوابت التربوية المتعارف عليها، .
وإدارة مصادرها الداخلية وشراكاتها الخارجية بكفاءة وفاعلية، من أجل دعم التخطيط الاستراتيجي وإدارة العمليات المدرسيّة بشكلٍ مقنن، فضلاً عن التركيز على تميز الطلاب في التعلم والأداء. كما يتم أيضاً، التحقق من كيفية مخاطبة المدرسة لمسؤولياتها تجاه المجتمع.