“غطاء للعطاء” ابتكار وأهداف إنسانية

دار الخليج: ليست مجرد حملة بأهداف إنسانية فقط، بل هي حملة عمادها الابتكار، جعلت منها مشروع تخرج رائع لطالبة تفيض انسانيتها على كل من حولها، صفاء الأبروي، طالبة العلاقات العامة والإعلان في قسم الإعلام في جامعة السلطان قابوس تحدثنا عن حملتها المبتكرة “غطاء للعطاء” .


انطلقت حملة “غطاء للعطاء” كمشروع تخرج لصفاء الأبروي باختصاص علاقات عامة وإعلان، وتتمثل فكرة الحملة في تجميع أكبر عدد من أغطية العلب المعدنية كعلب المشروبات بأنواعها ليتم إعادة تدويرها واستخدامها في صناعة أطراف اصطناعية للمعاقين .

تقول صفاء: “يحتاج المعاقون ممن فقدوا أطرافهم نتيجة لحادث ما إلى تركيب أطراف اصطناعية معدنية، هذه الأطراف تتكلف مبالغ عالية لأنها تصنع من مادة الألمنيوم، من هنا جاءت فكرة الحملة لتوفير المادة الأولية لصناعة هذه الأطراف، وحيث إننا جميعاً نعرف أن علب المشروبات تصنع من هذه المادة، تخصصت الحملة في دفع المتطوعين إلى جمع أكبر عدد من أغطية علب المشروبات المعدنية لإعادة تدويرها واستخدامها في صناعة هذه الأطراف، وتضيف: بدأت الحملة في مارس/آذار الماضي واستمرت لمدة شهرين وضمت فرق تطوع مختلفة من الكليات والمدارس وبعض المديريات والدوائر الحكومية، إضافة إلى بعض المقاهي المشاركة، وحددنا 20 نقطة تجميع، في بداية الحملة كان الناتج ينمو ببطء مما تسبب بخيبة أمل، لكن الإصرار والإرادة كانا السبب في النجاح لاحقا، قمنا بزيارة مراكز التجميع لحض المشاركين على العمل بشكل مباشر، قمنا بتوضيح الفكرة أكثر، حيث كان البعض لا يعتقد بجدوى الأمر، كان السؤال أن ما سنجمعه لن يكفي لمساعدة مريض واحد يحتاج إلى ساق اصطناعية على سبيل المثال، هنا كان علي توضيح الجدوى الحقيقية للمشروع، وكنت قد تواصلت مع مؤسسة “بوثيس فاونديشن” التي تقوم بتصنيع هذه الأجهزة التعويضية وتركيبها للمرضى في تايلاند وعرفت منهم تكلفة الطرف الصناعي الواحد ووزن المعادن المستخدمة فيه، وقمت بإجراء الحسابات فتوصلت أنه يمكن ل 1500 غطاء من أغطية علب المشروبات الغذائية أن يكفي لتصنيع ساق اصطناعية لرجل بالغ، هذه المعلومات استخدمتها في لقاءاتي مع الطلاب المتطوعين وأوضحت لهم أنه يمكن لطلاب المدرسة الواحدة أن يجمعوا هذا الرقم يومياً إذا تعاونوا وجمعوا هذه الأغطية في طريق عودتهم للمنزل وفي محيط المدرسة .

لله الحمد استطعت إقناع البعض، والآخرين اقتنعوا عندما لمسوا فاعلية المشاركة، كان مقرراً أن تستمر الحملة لمدة شهر، لكن الإقبال جعلني أمدد الوقت لشهرين، وفي نهاية الحملة استطعنا جمع ما يزيد على 720 ألف غطاء معدني، تكفي لصناعة ما يصل إلى 480 ساقاً اصطناعية لتوزيعها على المحتاجين، لقد نجحت الحملة بكل ما للكلمة من معنى بفضل مئات المتطوعين المشاركين فيها .

هنا كان علينا الانتقال للمرحلة الثانية وهي تفعيل الحملة وتحويل الأغطية التي جمعناها كما هو مقرر إلى أطراف اصطناعية، هنا بدأت رحلة أخرى في البحث عن رعاة للحملة وهنا وفقنا الله بأحد رجال الأعمال الذين وفروا لنا التكاليف المطلوبة لإعادة التدوير، كما تبرع الطيران العماني مشكوراً بتكلفة السفر للمرضى وعائلاتهم إلى مؤسسة “بروثيس فاونديشن” في تايلاند وقمنا فعلاً بإرسال أول ستة من المرض المستفيدين من الحملة لتركيب أطرافهم الاصطناعية المجانية والمصنوعة من الأغطية التي جمعتها حملة “غطاء للعطاء” .

عن تجربتها بعد ختام الحملة تقول صفاء الأبروي: “لقد كانت تجربة تستحق فعلاً أن تعاش، لقد لمست شخصياً كيف يمكن للعمل الجماعي أن يثمر حقيقة لا خيالاً، كيف يمكن لجهود بسيطة جداً ولكن لأعداد كبيرة من المتطوعين أن تصنع فارقاً في هذه الحياة وتعطي أملاً جديداً لمن كان قد فقد هذا الأمل .

Image