د. عبدالله بن خميس أمبوسعيدي
يعد مشروع “تمام” من المشاريع الرائدة في العالم العربي، وهو إختصار لعبارة “التطوير المستند إلى المدرسة”، وهو محاولة جريئة للتطوير المستند إلى المدرسة في العالم العربي والذي يجمع البحث مع التطوير من أجل إطلاق ودعم المبادرات التربوية التجديدية بهدف الوصول الى التطوير المدرسي المستدام. وقد أنطلق في عام 2007 بتمويل من مؤسسة الفكر العربي وتنفيذ من قبل الجامعة الأمريكية في بيروت في تسع مدارس خاصة في ثلاث دول عربية هي لبنان،
والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية بواقع ثلاث مدارس في كل دولة.
أما في مرحلته الثانية التي انطلقت في سبتمبر عام 2011 فقد شمل مدارس حكومية من لبنان وسلطنة عمان وقطر، وقريبا ستكون هناك مدارس من جمهورية مصر العربية.
يهدف المشروع إلى إحداث الدعم من القمة إلى القاعدة لإحداث تغيير من القاعدة إلى القمة. كما أنه يسعى إلى خلق مجتمع من الممارسين التربويين المهنيين مما يشكل رابطا بين المدارس والجامعات ووزارات التربية والتعليم، اضف إلى ذلك إلى أن مشروع “تمام” يعد مشروعا للتطوير المهني لدى المعلمين يسعى إلى إحداث تغييرا في طرائق التفكير.
يركز مشروع “تمام” في عملية التطوير على ثلاثة جوانب أساسية هي :البحث الإجرائي والخطة التطورية وأخيرا أعمدة أو مرتكزات “تمام”. ففي الجانب الأول والخاص بالبحث الإجرائي، فإن مشروع “تمام” يسعى إلى إكساب المعلمين مهارات البحث الإجرائي وخطواته من أجل أن تكون عملية التطوير المدرسي عملية منهجية قائمة على أسس عملية، وهذا يتم من خلال توظيف البحث الإجرائي في عملية التطوير، أي بمعنى أخر إقتران عملية التطوير بعملية البحث، لكن لا يعتبر مشروع “تمام” البحث هو الغاية بل هو وسيلة لعملية التطوير. أما فيما يتعلق بجانب الخطة التطورية، فإنه مما لاشك فيه أن أي عملية تطوير تحتاج إلى خطة واضحة ومرنة بحيث يتبعها كل من يقوم بعملية التطوير داخل أي مؤسسة كانت ومنها المدرسة. وقد وضع القائمون على مشروع “تمام” إطارا للخطة التطورية يمكن استخدامه من قبل الكادر التعليمي داخل المدرسة عند وضع خطة تطورية. وتتميز هذه الخطة بالمرونة بحيث يمكن إعادة بعض مكونات الخطة بعد التقويم والمراجعة والتأمل. وأخيرا تأتي المرتكزات الأحد عشر لمشروع “تمام” لتكمل عملية التطوير المدرسي.
تعد هذه المرتكزات بمثابة الأعمدة التي تبنى عليها عملية التطوير ومن ضروري أن يكتسبها القائمون على عملية التطوير المدرسي من أجل الوصول إلى عملية التطوير إلى تحقيق أهدافها. وتشمل هذه الأعمدة: التعاون المهني، والإستقصاء التعاوني، والرعاية المهنية، وبناء قدرات القيادة، والقرارات المستندة على الأدلة، والمحاورة والممارسة التأملية، والقرارات المبنية على حاجات الفريق، والممارسة الموثقة منهجيا، والتخطيط المعدل في أثناء التطبيق وبناء على المتابعة، والتعلم بالتجربة، والبعد عن الشخصنة والمشاركة المنفتحة.
إن المتفحص لهذه الأعمدة أو المرتكزات يجد أنها ضرورية في عملية التطوير وهي تتكامل مع بعضها البعض. فلو أخذنا مثلا رغبة القائمون على عملية التطوير المدرسي في رفع تحصيل الطلبة الدراسي في مادة العلوم، فإنهم يستقصون ذلك بشكل تعاوني، ويبحثون عن أفضل الطرق والأساليب التي تعمل على رفع مستوى التحصيل الدراسي. ومن خلال هذا التقصي فهم يتعاونون مهنيا، وتبنى لديهم قدرات القيادة، ويتشاركون في المعلومات والمهارات التي يمتلكونها، كما أنهم يوثقون ما يتوصلون إليه ليكون دليلا عندما يتخذون قرارا معنيا عن تحصيل الطلبة الدراسين. أضف إلى ذلك هم يرعون بعضهم بعضا مهنيا وبإمكانهم تعديل الخطة التي وضعوها في عملية التطوير، وأخيرا تتجلى كل هذه المرتكزات في المرتكز الأخير وهو التعلم بالخبرة أو التجربة.
أما بالنسبة لمشاركة سلطنة عمان في المشروع فيعود إلى عام 2011، حيث جاء إنضمامها مع المجموعة الثانية من الدول التي إنضمت في المرحلة الثانية من المشروع. ويعد إنضمام السلطنة إلى المشروع نتيجة للتطور التربوي في السلطنة ولإمكانية التطبيق في المدارس لوجود الكفاءات المحلية من معلمين بالمدارس وجامعة السلطان قابوس. ومنذ ذلك الوقت وجهود كثيرة بذلت من قبل المدارس المشاركة وعددها ثلاثة في محافظة مسقط، وأعضاء فريق تمام في كل من جامعة السلطان قابوس والجامعة الأمريكية ببيروت. ومن المؤمل أن يحقق إنضمام السلطنة لهذا المشروع عددا من الفوائد منها:
يخلق لدى المعلمين السمات والخصائص التي تؤهلهم لقيادة التغيير والتطوير داخل المدرسة.
اكسابهم مهارات البحث الاجرائي كأداة لقياس مدى نجاح عملية التطوير.
ستكون المشاريع المختارة من قبل المدارس نواة التطوير داخل المدرسة.
تعتبر المدارس المشاركة نواة لمجتمع المدارس العمانية للقيام بعملية التطوير من القاعدة الى القمة.
تجسيد الشراكة الحقيقية بين الجامعة ووزارة التربية والتعليم.
إن الحديث عن مشروع “تمام” في هذه المقالة لا يوافي حقه وأهميته في عملية التطوير داخل المدارس العربية، لكن من المفيد أن يتم التعريف به لدى مجتمع الممارسين العمانيين حتى يكونوا على إطلاع بما هو حادث في الساحة التربوية العربية والعمانية. وبإمكان المهتمين بالموضوع والراغبين في معرفة أكثر عن المشروع الولوج إلى صفحة المشروع في شبكة المعلومات الدولية على العنوان http://www.tamamproject.org/
خاص بمدارسنا دوت نت