سعيد المعمري
يعيش الطلبة هذه الأيام نشوة الفرحة لظهور نتائج الشهادة العامة ، وهذه الفترة ربما تكون من أكثر الفترات قلقاً لأنها القنطرة التي سوف يعبرون بها إلى عوالم مختلفة ، ففي داخلهم الكثير من الآمال ، والأحلام ، كل واحد يحمل في داخله طموح معين ، ويضع أمام عينيه هدف يسعى لتحقيقه من خلال النسبة التي حصل عليها .
ولا أحد يستطيع أن يشعر بشعورهم ، ولو نظرت في داخلهم لرأيت المستقبل جاثم في نفوسهم بانتظار اللحظة الحاسمة لما ستتمخض عنه تلك النسب التي جاءت هي الأخرى هذا العام دون مستوى الطموح لدى الكثير من الطلبة ، وهذا لعمري هم آخر يضاف إلى تلك النفوس المشرئبة لمواصلة المشوار .
وإذا ما رجعنا إلى الحالة الاجتماعية لطلبة الشهادة العامة بعد مضي سنوات الدراسة التي جمعتهم بكل تفاصيلها الكبيرة والصغيرة ، الحلوة والمرة ، نجد أن لحظة التتويج أخذت بألباب الكثيرين منهم وتلاشت في داخلهم كل تلك التفاصيل ؛ كونهم يستقبلون مرحلة أخرى من مراحل الحياة ، ومنعطف آخر لا يتعدى أن يكون مواصلة للدراسة ، أو الانخراط في الحياة العملية . وتبقى سنوات الدراسة الأولى ذكرى جميلة في نفوسهم ، ووساماً يفتخرون به .
وفي الجانب الآخر أولئك الذين لم يحالفهم الحظ ، ولم تسعفهم النسب ، أو جاءت نتائجهم دون المستوى المطلوب فليس عليهم أن ييأسوا ، ولا يقنطوا ، وأن يعلموا أن كل رسوب يعقبه نجاح ، وهنا أذكر أنني قرأت قصة طبيب رسب في الشهادة العامة ثلاث مرات وكانت أمه تشجعه وتشحذ همته للمواصلة حتى نجح والتحق بالجامعة وتخرج طبيباً .
فالإخفاق لا يعني بأي حال من الأحوال الضعف والاستسلام ، وإنما هو الدافع لمواصلة المشوار والتعرف على نقاط الضعف والتغلب عليها ، وربما يكون الإخفاق منطلقاً للتفوق والإبداع فلا بد أن تتشارك الأسرة والمجتمع معاً في تحفيز مثل هؤلاء الطلبة والأخذ بيدهم ، وبعث الأمل في داخلهم حتى يستطيعوا العودة إلى جادة الطريق ، وبالتالي المساهمة في تنمية مجتمعاتهم .