طلاب في جامعة عجمان ينيرون درب المكفوفين بنظام”المرشد الذكي”

الخليج: نجح ثلاثة طلاب في كلية الهندسة الكهربائية في جامعة عجمان في ابتكار جهاز محمول، يساعد المكفوفين، بالصوت والاهتزاز، على الحركة والتنقل بسهولة وسرعة، من دون الاستعانة بأحد، أو الاصطدام بالعوائق التي تعترض طريقهم .

الابتكار الجديد الذي يطلق عليه “نظام المرشد الذكي” هو مشروع تخرج ثلاثة طلاب في الكلية هم عبدالله محمد آل علي وأخوه أحمد، وزميلهما منذر محمد الشهابي الذين أمضوا نحو ستة أشهر لتحويل الفكرة إلى تطبيق عملي يكون متميزاً عن بقية الوسائل المساعدة لهذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة .

 

عرّف الطلبة المبتكرون “النظام” بأنه نموذج أولي لجهاز سهل الاستخدام وقابل للحمل والتنقل، يهدف إلى مساعدة المكفوفين في البيئة الداخلية (داخل المباني والمؤسسات) للحركة بسهولة، وتجنب العوائق من مسافة تصل إلى 5 أمتار وبشكل سلس، وكذلك إرشادهم للوصول إلى وجهاتهم مثل مكتب أو مكان محدد داخل مبنى، من دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين .

وأضافوا: “يسهم الجهاز في زيادة اعتماد غير المبصرين على أنفسهم في التنقل والحركة، بدلاً من انتظار مساعدة الآخرين، لا سيما في المؤسسات التعليمية، وأماكن العمل، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويساعدهم على الانخراط في المجتمع، ليكونوا أفرادا مساهمين وفاعلين فيه، إضافة إلى أنه وسيلة قليلة التكلفة نسبياً، يسهل شراؤها، وتحتوي على ميزات عديدة مقارنة بالوسائل الأخرى المتوفراة حالياً” .

وعن الجوانب التي يتميز بها الجهاز عن الأخرى الموجودة حالياً في السوق، قال الطالب عبدالله محمد آل علي: “ما يميّز هذا الجهاز الذي كلفنا نحو 1700 درهم، عن غيره من المتوافرة حالياً، هو مرونة التطوير، حيث إن القطع المستخدمة فيه موجودة في الأسواق، وتحتوي على ميزات عديدة، وأسعارها غير مكلفة، وهذه المرونة تمكن المطورين من إضافة ميزات جديدة، أو تطوير المواصفات السابقة للجهاز، على عكس غيره من الوسائل الأخرى، من خلال برمجة للنظام، علما أن القطعة الرئيسية في هذا الجهاز عبارة عن حساس للحركة اسمه كينيكت sensor Kinect يستخدم في ألعاب x-box المعروفة” .

وأضاف: “‘ولأننا حريصون على عدم إزعاج المكفوفين، أو إشغال سمعهم بسمع التعليمات الصوتية بدل سماع البيئة الخارجية التي تساعدهم على استكشاف الطريق، استعنا بأجهزة رجاج جلبناها من خارج الدولة، للاستعاضة بها عن الرسائل الصوتية والسماعات التي ترهق أفراد هذه الفئة من الناس” .

تجربة النظام وآلية عمله

وعن تجربة النظام، وآلية عمله، حدثنا الطالب أحمد آل علي الذي أشار إلى أن تطبيق فكرة الجهاز على عدة أشخاص معصوبي العينين، للتجول في مكان يألفونه، وأنهم تمكنوا من تجنب العوائق بسهولة، والانتقال من منطقة إلى أخرى، من دون مساعدة الآخرين، كما تمت التجربة على شخص كفيف، أبدى إعجابه به .

وقال: ينقسم نظام المرشد الذكي إلى قسمين رئيسيين، هما نظام تجنب العوائق، ونظام الإرشاد، ويعمل النظام الأول من خلال 5 هزازات، 4 منها يلبسها الكفيف كحزام على الخصر، وواحد مُثبت على الخوذة، وتقوم هذه الهزازات بتنبيه الكفيف إلى وجود أي عائق في اتجاه سيره، علماً أن كل هزاز يعمل بشكل منفصل عن الآخر، ويكون مسؤولا عن تحديد أحد الاتجاهات الخمسة المحتملة للعوائق” .

وأضاف: “إضافة إلى ذلك فإن الهزاز المُثبت على الخوذة يساعد المكفوف على تحديد المسافة التقريبية للعائق، بعد تغيير تردد اهتزازه حسب المسافة الفاصلة بينه وبين العائق” .

وبشأن نظام الإرشاد أوضح الطالب نفسه: يعتمد هذا النظام على وضع رموز مطبوعة على ورق عادي حجم A4 في أماكن مختلفة من المبنى، ويقوم الجهاز بالتقاط هذه الأكواد من مسافة نحو 5 أمتار، ثم يقوم بإعطاء تعليمات صوتية للمكفوف عن طريق سماعات الرأس، تُحدد له هذه المنطقة الحالية التي يقف فيها، وكذا الاتجاهات والأماكن المحتملة التي يمكنه أن يسلكها، كما تزوده بأسماء المكاتب والأماكن مثل الدرج، الحمام، وغيرها،كما تم تزويد الجهاز ببوصلة إلكترونية تساعد على تصحيح المسار بدقة عالية أثناء التنقل بين الوجهات .

التطوير المستقبلي للنظام

أما الطالب منذر الشهابي فأشار إلى مواصلته مع زميليه، في تطوير النظام بحيث يمكن استخدامه في البيئة الخارجية (خارج المبنى)، من خلال الاستعانة بنظام الملاحة (GPS)، والاستفادة من نظام آخر يتعرف إلى المرافق الداخلية لأي مبنى أو مؤسسة من خلال جدران غرفه أو محتويات “الأخيرة”، من دون الاستعانة بالأكواد . ولفت إلى ان هذا المشروع شارك في جوائز محلية عدة وحاز مراكز متقدمة .

وأكد الشهابي وزميلاه أن مشروعهم يحتاج إلى تبني ودعم تطبيقي من الجهات المعنية، حتى يستفيد منه أهل الحاجة، ويحقق أهدافه التي صمم من أجلها، وأشاروا إلى أن ثمة اتصالات مع “واحة دبي للسيليكون” لبحث فرص تطويره و”تكييفه” والاستفادة منه .

من جانبه قال الدكتور مستحسن مير، رئيس قسم الهندسة الكهربائية المشرف على المشروع: “هناك الملايين من المكفوفين في أنحاء العالم، وثمة حاجة ملحة خاصة في البلدان النامية، لإنتاج نظام إرشاد قليل التكلفة، يساعد المكفوفين على التنقل بشكل مستقل، بدون مساعدة البشر، والنظام الذي طوّره هؤلاء الطلبة هو محاولة جادة لتطوير هكذا نظام، يساعد محتاجيه على تجنب العوائق أمام سيرهم، ويرشدهم من خلال تعليمات صوتية ولمسية، للوصول إلى الوجهة المطلوبة في البيئة الداخلية (داخل المبنى) .

وأشار إلى أن اختبار النظام على شخصين أحدهما معصوب العينين، والآخر كفيف، وأثبت فعالية كبيرة في الحالتين، وأن المبتكرين يواصلون تطوير الفكرة بإضافة ميّزات أخرى، ليس اقلها تخفيض الوزن وتقليل التكلفة، وتوسيع مجاله ليعمل في البيئة الخارجية .

Image