د. عبدالله بن خميس أمبوسعيدي
انتهى العام الدراسي لكثير من الطلبة بحلوه ومره، فهناك من جد واجتهد طوال العام فنال جزاء ذلك الجد، فأحرز الدرجات العلا، وهناك من قصر ولم يثابر في طلب العلم والمعرفة فركن إلى ما تجود به أيدي معلمه من الدرجات لعلها تساعده في الانتقال من صفه الذي عليه إلى صف أعلى في العام الدراسي القادم. وهناك بون شاسع بين الفرقين، فالمجتمهد جزاءه الفوز والنجاح والمقصر جزاءه الرسوب والتقوقع في نفس الصف الذي هو عليه الأن.
تهدف المدرسة بلاشك إلى تحقيق تحصيل عالي لدى طلبتها من خلال الممارسات التعليمية التي يقوم بها المعلمون داخل الغرف الصفية وخارجها بدعم كبير من قبل إدارة المدرسة. ولكن ليس بالضرورة أن يكون التحصيل العالي من نصيب كل طالب في المدرسة، فهناك عدد من الطلبة لا يحصلون من العلم إلا اليسير، ولا يتقدمون بشكل واضح في مسيرتهم التعليمية. وهناك عدة أسباب أو عوامل تؤدي إلى ذلك منها ما هو مرتبط بالبيئة المدرسية بما توفره من بيئة جذابة وفعالة لعملية التعلم، ومنها ما هو مرتبط بالمعلم من حيث إمكانياته وقدراته العلمية والتربوية ومقدار ما يبذله من جهد في عملية التدريس، وهناك عوامل مرتبطة بحتوى المنهج من حيث الصعوبة والسهولة وقدرة الطلبة على استيعابه، والتقويم من حيث أنواع الأسئلة ومستواه وعوامل مرتبطة بتوظيف المعلم للتقانة الحديثة في التدريس من أجل توضيح ما يصعب على الطلبة فهمه.
كما لا ننسى الجو الاسري والاجتماعي الذي يعيش فيه الطالب، والذي إن أمده بنوع من الاستقرار والطمأنينة سيساعد دون أدنى شك على تحصيل افضل. وهذه العوامل يمكن ان نطلق عليها عوامل خارجية (خارجة عن إرادة الطالب)، لكن في المقابل هناك عوامل داخلية مرتبطة بالطالب نفسه من حيث استعداده وميوله واتجاهاته نحو الدراسة.
إن الطالب يقضي في المدرسة ما يعادل تقريبا 70% من ايام السنة (من بداية شهر سبتمبر وحتى منتصف شهر يونيو)، وهذا يعني نظريا أن يكون مقدار ما يحصله من معرفة في المواد الدراسية المختلفة كبير جدا، لكن للاسف ما نلاحظه ونلمسه أن المحصلة النهائية الحقيقية من عملية التعليم والتعلم لدى بعض الطلبة قليلة جدا، والشاهد على ذلك لو سألت طالبا – قد أنهى قبل مدة قصيرة اختبارا في مادة الفيزياء مثلا- عن بعض الأمور التي درسها في هذه المادة، والتي قد تتطلب تفكيرا بسيبطا، لن يستطيع الاجابة عليه، وسيقول لك لقد أنهينا اختبار مادة الفيزياء فلماذا تذكرنا بها مرة أخرى؟ إن هذا إنما يدل على أن الطالب لم يتعلم التعلم الحقيقي الذي تبقى فيه المادة المتعلمة لأطول فترة ممكنة، وإنما كان تعلمه تعلما سطحيا ينتهي ويختفي مع انتهاء امتحان المادة.
يذهب العديد من الطلبة إلى المدرسة لأن الوالدين والمجتمع يدفع بهم إلى ذلك، وليس كرغبة حقيقة لديهم من أجل الحصول على العلم والمعرفة. ولذا تجد محصلة ذلك إما تعثر في الدراسة، أو طرد من المدرسة أو خلق جو من الشغب وتضيع وقت الحصة على باقي الطلبة. وقلة الرغبة والدافع للتعلم للاسف من احد اسبابها طبيعة ونوع ما يتم تقديمه للطلبة داخل الصفوف الدراسية. فنظامنا التعليمي نظام تقليدي قائم على حصص متتالية وراء بعضها تقدم كلها بأسلوب متشابه من اساليب التدريس بغض النظر عن طبيعة المادة، فكلها تعامل معاملة واحدة من قبل المعلمين، ولذا يشعر الطلبة بنوع من الملل والسأم والضجر، فلا يوجد متنفس لهم في المدرسة من أجل الابتكار والابداع وترويح النفس والاستفادة من الملكات والقدرات التي وهبها الله لهم. وهذا كله ينعكس على تحصيلهم الدراسي وقدرتهم على الانجاز والابداع فيما يقدم لهم.
إن تحصيل الطلبة في عام دراسي كامل مربوط أيضا بتحصيل المعلم التدريسي في ذلك العام، وبمقدار العمل الذي قامت به الادارة المدرسية، وبالمساعدة والدعم الذي قدمه ولي الأمر للطالب. فالمعلم الذي يجد ويجتهد ويسعى من أجل تعليم ذا مستوى عالي وراق لطلبته، سينعكس دون أدنى شك على تحصيل الطلبة. لذا كان لزاما على كل معلم مع انتهاء العام الدراسي أن يقوم بتقييم نفسه وتقييم ما قدمه من عمل تدريسي طوال العام حتى يتسنى له معرفة نقاط قوته فيعززها والنقاط التي تحتاج إلى تطوير وتحسين من أجل تعليم أفضل في العام الدراسي الذي يليه.
أما الادارة المدرسية فدورها دور محوري فهي التي تقود مقود النجاح والتميز في المدرسة، فمتى كانت إدارة المدرسة إدارة ناجحة فاعلة كان انعكاسها على تحصيل الطلبة واضح وجلي. أما ولي الأمر فبلاشك له دور فاعل ومؤثر في التحصيل الدراسي لأبنائه، فولي الأمر الذي يتابع دراسة أبنائه ويقف معهم في دراستهم فيشد من أزرهم ويرفع معنوياتهم ويذلل الصعوبات التي يواجهونها خير وأنفع لأبنائه من ولي أمر لا يقوم بذلك.
إن انتهاء العام الدراسي لا ينبغي أن ينظر إليه على أنه عام انتهى بحلوه ومرة ولن يرجع مرة أخرى، بل يجب النظر إليه على أنه بداية لمرحلة جديدة وعمل متميز نافع للعام الذي يليه، ولذلك يجب على كل طالب ومعلم وولي أمر واداري في المدرسة أن يعمل على مراجعة النفس فيما قدم في هذا العام، وما هي الجوانب التي يحتاج إلي تطويرها وتحسينها وبالتالي ينعكس ذلك التطوير على طلبته فيحصلون التحصيل العالي في العام الذي يليه. فالتقييم ومحاسبة النفس من الأمور التي يجب الاهتمام بها لما لها من اهمية بالغة في تطوير العملية التعليمية. وقد امرنا ديننا الحنيف على ذلك في اكثر من موضع، فعلينا اتباع أمر ديننا في كل صغيرة وكبيرة، ومنها بطبيعة الحال كل ما يتعلق بالتعليم من أجل الرقي به وتطويره للافضل.
خاص مدارسنا دوت نت