سعيد المعمري
في الوقت الذي نجحت فيه هيئة حماية المستهلك من اكتشاف الكثير من أوكار المخربين ، وعبدة المال الذين كانوا يعيثون في الأرض فساداً ، وما ذلك إلا لغياب الرقيب فقد ورد في الأثر إن لم تستح فافعل ما شئت ، وقيل أيضاً من أمن العقوبة ساء الأدب .
وهذا لا يعني البتة أنه تم القضاء على ظاهرة الفساد والغش والتدليس التي قطّعت أوصال هذا المجتمع الآمن المسالم أهله الذي جُبِلَ على احترام القوانين والأنظمة ، وثقته غير المحدودة في الآخرين وما ذلك إلا من باب حسن الظن .
تلك كانت توطئة لما أردت التحدث عنه في سياق هذا المقال ، فالمجتمع أصبح بحاجة إلى هيئات عدة تعالج الفساد أينما كان ، وكيفما كان ولا يستثنى من ذلك أي مخلوق – هذا إذا أردنا العيش بسلام – لأن انتشار الفساد مظنة غضب الله سبحانه وتعالى ، ومن ذا الذي يطيق غضبه سبحانه ؟
نحن اليوم بحاجة إلى هيئة لحماية المعلم الذي تشرّف بحمل رسالة الأنبياء ، وقد يقول قائل إنني أعطي الموضوع أكثر من حقه ، ولكن من جلس مع المعلمين واستمع إلى همومهم ، وقرأ تغاريدهم ، ولامس واقعهم في الحقل التربوي – ربما سيعذرني – ، فالمعلم أيها الإخوة هو أحد أركان العملية التعليمية في أي مكان في هذا العالم ، فبصلاحه يصلح التعليم ، وبعطائه وإخلاصه يخرّج الأجيال تلو الأجيال الذين تعوّل عليهم مجتمعاتهم ، وتستثمر من خلالهم العقول القادرة على تقوية اقتصادها ، وزرع القيم النبيلة في نفوس أبنائها ولعل من أبرزها تنشئة المواطن الصالح على حب وطنه ، والحفاظ على مكتسباته ، والعمل على تعزيز انتمائه .
ولكن واقع المعلم يتحدث عن الكثير من المنغصات النفسية والإدارية عوضاً عن أمانته العلمية التي تحتم عليه إجهاد نفسه وصقل مهاراته ، والتركيز على تخصصه العلمي لمواكبة التطور السريع والهائل في المعلومات حتى لا يكون متخلفاً عن ركب الحضارة .
هذه الرسالة موجهة إلى كل جهة راعية للتعليم سواءً أكانت رسمية أم خاصة ، بجميع مراحلها التعليمية ، المعلم بحاجة إلى إنصاف ، فترى المعلمين مهمشين من قبل الجهات الراعية للتعليم فهم محرومون من المكافآت النصف سنوية والسنوية التي يأخذها المقربون من الإدارات العليا ، أنهم مستثنون من المهمات الرسمية التي يكلف بها غيرهم في السنة أكثر من مرة إلى الدول الشقيقة والصديقة ، والمعلمون لا يشتركون في اللجان والفرق التي تنظمها الجهات الراعية للتعليم ، وهم لا يشاركون في صياغة القرارات المصيرية التي تخص الميدان التربوي ، ولا يرشحون للمشاركة في المؤتمرات الداخلية ولا الخارجية …. الخ .
فهناك سلسلة طويلة من المآسي والتي لا يشعر بها سوى المعلم نفسه ، وهي تراكمات من العقد النفسية التي باتت تثقل تفكير المعلم ، وتشغله عن أداء عمله بالوجه المطلوب . وربما يقول قائل أن هناك معلمين يشملهم ما ذكرت ، ولكن ما عددهم ؟ ومن أي المحافظات هم ؟
الإحساس بالظلم ، والاستمرار في عدم توزيع الأعمال والفرص بالتساوي – حتما – سيحدث خلخلة في النظام التعليمي ؛ لأن ذلك من شأنه أن يجعل المعلم آلة تنفذ ما يملى عليه من أوامر .
وعليه فنحن بحاجة ماسة إلى هيئة فاعلة لحماية المعلم كي تعالج الخلل وتصلح ما أفسده الزمن فتفضح أساليب التدليس ، وتكتشف انتهاء بعض تلك الصلاحيات ، فأهل مكة أدرى بشعابها .
فهل حقاً سنحظى بمثل هذه الهيئة ؟؟ ربما !!
خاص بمدارسنا