ليلى بنت سالم السلامية*
تعتبر الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع وهي المسئولة عن التربية بكافة أنواعها و أشكالها ، ولكي تنجح الأسرة في تحقيق أهدافها فى بناء جسور التواصل والحوار الصادق البناء مع الابناء ، لابد أن يكون قائماً على أسس و رؤى سليمة وبيئة تفاهم من خلال خلق ثقافة الحوار المفتوح لتنجح الأسرة في تحقيق أهدافها.
وهنا نجد أن الحوار الأسري ما هو إلا وسيلة من وسائل الاتصال الأسري الفعال فمن الأهمية القصوى أن يتوفر حوار إيجابي بين أفراد الأسرة، فمن خلال الحوار الأسري تنمو المشاعر الإيجابية ويتحقق التواصل بين أفرادها، ويساعد على إشاعة روح المحبة والمودة بينهم، ويساهم الحوار الأسري في التقريب بين وجهات النظر ويتعلم كل فرد في الأسرة أهمية احترام الرأي الآخر، حيث يعد الحوار الأسري أساس للعلاقات الأسرية الحميمة ويساعد على نشأة الأبناء نشأة سوية صالحة لما يخلق من روح التفاعل الاجتماعي مما ينتج من ذلك تعزيز الثقة في أفراد الأسرة مما يجعلهم أكثر قدرة على تحقيق طموحاتهم وآمالهم.ولما يحققه الحوار الأسري من حميمية بين أفراد الأسرة.
وهنا الدين الاسلامي اشار وركز على اهمية الحوار بين الافراد في محيط الاسرة من خلال الاتصالات الفعالة والجيدة والنقاشات المتعلقة بالحياة اليومية التي لها اثر كبير على نفوس الاشخاص . وتتلخص منها نتائج ايجابية لايجاد حلول للثغرات والمشكلات الاسرية ،وايضا من أجل بناء اسرة سعيدة وابناء منتجهين فاعلين في داخل المجتمع .وهنا اوضح الدين الإسلامي الذي هو دين الحوار بان الحوار هو نوع من انواع العبادة والله سبحانه يقول:
(أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وهذه الآية هي منهج لابد أن يسير عليه الحوار داخل المجتمعات والأسر. وايضا الحوار عبادة (وأمرهم شورى بينهم) وهو وسيلة للتبليغ والإصلاح.
مفهوم الحوار الأسري:-
هونوع من انواع الاتصال والتواصل الايجابى مع الطرف الاخر من خلال احترام وتقدير الكبير للصغير الذي يؤدي إلى نمو الحوار الأسري السليم.و يؤدي إلى تهذيب سلوك الأبناء وذلك بمخاطبتهم بلغة هادئة مما يؤدي إلى التفكير المنظم السليم، ويؤدي أيضاً إلى تدريب الأبناء على الجرأة ومواجهة الحياة، وتهيئة الأبناء لإنشاء أسر مترابطة يسودها الحوار الهادف البناء.
واهم الاثار المترتبة على الحوار الايجابي هي : تنمية معارف وثقافة الأسرة وتقوية الروابط والمحبة بين أفراد الأسرة وحل المشكلات الطارئة في مهدها قبل استفحالها وتوفير المستشار الأمين لدى أفراد الأسرة بدلاً من بحثهم عن دخيل قد يستغلهم..
– أهم معوقات الحوار الأسري التي تنتج عنها بناء علاقات سلبية وحوار غائب وصامت بين جميع افراد الاسرة ترجع لبعض الاسباب:
عدم التحاور معهم ومتابعة شؤونهم.
انشغال الآباء بالحياة أكثر من الأبناء متجاهلين في ذلك بعض الآثار المترتبة على عدم متابعتهم.
آباء لا يكترثون لأهمية الحوار مع الابن وأصبح كل همهم الانترنت والقنوات الفضائية ومشاغل الحياة الأخرى.
تزايد خروج الأب لممارسة أعماله وواجباته ورحلاته المكوكية لتوفير لقمة العيش وسد احتياجات الأسرة المادية.
-كذلك خروج المرأة (الأم( ومشاركتها في العمل والقيام بدورها الوظيفي خارج المنزل كل ذلك أدى إلى تزايد فرص تواجد الأبناء خارج الوسط الأسري وتنامي العلاقات بين الأقران
وسائل الإعلام السمعية والمرئية والتلفاز و برامج الانترنت والفضائيات، التي أصبحت بدورها تجتذب الأبناء وتشغل أوقاتهم وتصبح وسيلتهم الفضلى في الاطلاع على ما يجري حولهم من أحداث وعوالم كانت مجهولة بالنسبة لهم.
انتشار ظاهرة استقدام الخدم والمربيات لتحل مكان الأم وتقوم بدور المربي والمعلم واثارة السلبية على لغة الابناء
انعدام الثقة بإمكانية إدارة الحوار و الجهل بأساليب الحوار الفعال التي ادت إلى انخفاض ثقافة الحوار.
دكتاتورية بعض الآباء التي تجعلهم يرفضون الحوار مع أبنائهم، اعتقادًا منهم أنهم أكثر خبرة من الأبناء، فلا يحق لهم مناقشة أمورهم.
الترف المادي الزائد عن حده الطبيعي.
-الطرق السليمة لإدارة حوار ناجح لخلق بيئة تواصل ايجابية بين جميع أفراد الأسرة من خلال:
النزول بالفهم والحوار إلى مستوى الأولاد، مع بذل جهود متواصلة لرفع كفاءة التفكير لديهم واستيعاب الحياة بصورة تدريجية.
احترام مشاعر وأفكار الأولاد مهما كانت متواضعة والانطلاق منها إلى تنميتها وتحسين اتجاهها.
تقدير رغبات الأولاد وهواياتهم والحرص على مشاركتهم في أنشطتهم وأحاديثهم وأفكارهم.
الاهتمام الشديد ببناء جسور الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء التي تعتمد على غرس انطباع إيجابي عندهم يفضي إلى تعريفهم حجم المحبة والعواطف التي يكنها لهم آباؤهم فلابد أن يحس الأولاد بأننا نحبهم ونسعى لمساعدتهم ونضحي من أجلهم.
حسن الإصغاء للأبناء وحسن الاستماع لمشاكلهم لأن ذلك يتيح للآباء معرفة المعوقات التي تحول بينهم وبين تحقيق أهدافهم ومن ثمَّ نستطيع مساعدتهم بطريقة سهلة وواضحة.
إن معالجة مشاكل الأبناء بطريقة سليمة تقتضي ألا يغفل الآباء أن كل إنسان معرض للخطأ ووضوح ذلك أثناء الحوار، وذلك حتى لا يمتنع الأبناء عن نقل مشاكلهم إلى الأهل ثم يتعرضون لمشاكل أكبر أو للضياع، بل يتم مناقشة المشكلة التي يتعرض لها الابن بشكل موضوعي هادئ يتيح له قبول والاعتراف بمواطن خطأه وبالتالي تجنب الوقوع فيها مرة أخرى.
يجب ألا نلوم الأبناء على أخطائهم في نفس موقف المصارحة حتى لا نخسر صدقهم وصراحتهم في المستقبل، بل علينا الانتظار لوقت آخر ويكون ذلك بأسلوب غير مباشر.
تهيئة الأبناء – من خلال الأساليب السابقة- لحل مشاكلهم المتوقع تعرضهم لها مستقبلاً في ظل تعريفهم بأسس الحماية والوقاية.
عدم التقليل من قدرات الأبناء وشأنهم أو مقارنتهم بمن هم أفضل منهم في جانب معين، لأن هذا الأسلوب يزرع في نفوسهم الكراهية والبعد ويولد النفور ويغلق الأبواب التي يسعى الآباء إلى فتحها معهم.
إشعار الأبناء بأهميتهم ومنحهم الثقة بأنفسهم من خلال إسناد بعض الأعمال والمسئوليات لهم بما يتناسب مع أعمارهم وإمكانياتهم، مع استشارتهم في بعض التحسينات المنزلية أو المفاضلة بين عدة طلبات للمنزل، ثم عدم التقليل من جهود الأبناء لمجرد تواضع المردود عن المتوقع منهم لأن ذلك قد يخلق تراجعاً في عطائهم وينمي فيهم الخمول والإحباط مستقبلاً.
– الاهتمام بالموضوعات والأحاديث التي يحبها الأبناء ويسعدون بها وتناولها بين الحين والآخر، إن ذلك يجعلهم يشعرون بمشاركة الأهل لهم في كل شيء، وأنهم يريدون إسعادهم وإدخال السرور على نفوسهم.
– يراعى أثناء الجلسات العائلية والمناقشات أن تُقَابل اقتراحات الأبناء وآراؤهم باحترام وقبول طالما أنها لا تخل بالأخلاق ولا تنافي تعاليم الإسلام
– على الأب أن يكون صديقاً لأولاده يطمئنون إليه ويلجأون إليه ويصارحونه ولا يأتي كل هذا إلا عبر الحوار الصادق البناء بين الأب وأولاده وعبر غرس الثقة والصراحة والشفافية.
فلنعلم أن أعمال الأبناء وأفكارهم وقدراتهم مهما كانت متقدمة فلن تسير على نهج أفكار الكبار أو ربما لا تدخل في مجال اهتماماتهم ونظرتهم للحياة لوجود فارق زمني وثقافي ومكتسبات مختلفة وموروثات متنوعة تجعل الاتفاق على كل شيء أمر صعب.
وهنا ليس ختاما لكن لابد من الاستمرارية في بناء حوار ناجح وفعال في محيط الاسرة الذي يتيح فرصة لنمو الأولاد وبناء شخصياتهم بعيداً عن اللوم والحكم المتسرع والتوجيه الجاف وغرس الكبت والعداء في نفوس الأولاد.
إذن يجب على الاباء والابناء داخل محيط الاسرة :
البعد عن التسلط و الاستبداد و جعل الكلمة الطيبة هي وسيلة التواصل فهي مفتاح كسب القلوب و هي حبل التواصل في كل الدروب فقد قال المصطفى عليه الصلاة و السلام :
( ما كان الرفق في شيء إلا زانه و ما نزع من شيء إلا شانه ) فليكن حديثكم مع أبنائكم حديثا طيبا كالعسل في مذاقه ينبض بالرفق و الكلمة الطيبة فما أروع آباء جعلوا سلطتهم على أبنائهم سلطة ديمقراطية ترتكز على النصح و الإرشاد و التوجيه بعيدة عن التسلط و الشدة و إصدار الأوامر يتيحون الفرصة للأبناء للتعبير عن ذواتهم و رغباتهم دون خوف أو تردد لتثمر علاقتهم الأسرية بالحب و التفاهم بين أفراد الأسرة.
الاحتراس من النقد المباشر للأبناء و الذي يتخذ التجريح و التهكم و السخرية قالبا له فلتتجنبوا انتقادهم و توبيخهم بشكل مباشر و ليكن النصح و الإرشاد و التلميح منهجكم .
منح الابناء الفرصة للتعبير عن رغباتهم و أطلقوا العنان لهم لاختيار تخصصاتهم في مجال الدراسة و العمل و التي تجعلهم مسئولين عن أقوالهم وأفعالهم، و اتخاذ قراراتهم و أن استدعى الأمر منكم التدخل فلتكونوا ناصحين و موجهين ومرشدين.
خلق جوا وديا دافئا بعيدا عن التسلط و الشدة و الصرامة؛ جوّا يسوده فهم المشاعر وتقديرها وتنميتها، و الإنصات لحديثهم و اقتناص فرصة الإجازات و المناسبات للخروج بهم في رحلات ترفيهية تاركين لهم فرصة المشاركة في الاختيار.
مرعاة الفروقات الفردية بين الابناء ، لأن كل شخص يختلف عن غيره في أسلوب التحاور وتلعب خبرتكما عاملاً مهماً في التعرف على هذه الطبيعة من ناحية الحلم وسعة الأفق ، وسعة الصدر ، والاستعداد للحوار ، والقدرة على التحمل ، وبناء عليه يتم تحديد الأسلوب المناسب في الحوار مع الأبناء. إننا بذلك نستطيع أن ندخل إلى عقولهم ونسكن قلوبهم الخضراء الصغيرة بسهولة ويسر، ونكون قد بنينا جسور الالتقاء معهم لنقودهم إلى ما فيه خيرهم ورشادهم في الدنيا والآخرة.
المراجع:
مقالات، نشرات تربوية ، كتابات ، كتب تخصصية في بناء العلاقات الاسرية، تجارب عملية
*ماجستير إدارة تربوية – مدربة في التنمية البشرية – رئيسة قسم القبول والتسجيل – الكلية التقنية العليا