د. عبدالله بن خميس أمبوسعيدي
تتعدد مصادر الحصول على المعرفة العلمية لدى الطالب، ففي السابق كان المعلم هو المصدر الاوحد لها، ثم جاء الكتاب المدرسي فاصبح المصدر الثاني ثم تطورت المصادر وتعددت في ضوء الثورة التكنولوجية الكبيرة والسريعة التي أدت الى ظهور الحاسوب ومتعلقاته، وتُوجت اخيرا بظهور شبكة المعلومات الدولية (الأنترنت) التي أسهمت بشكل كبير في توسيع مدارك الأنسان ومعارف عن العديد من متطلبات العصر وقضاياه، ونحن لا ندري ماذا يحمله المستقبل لنا؟
وهناك من يرى أن هذا التطور التكنولوجي سيؤدي الى اختفاء الكتاب التقليدي وظهور الكتاب الالكتروني المحمول على اجهزة الحاسب الالي التقليدية واللوحية، وهذا أمر متوقع وقابل للتطبيق خاصة في الدول التي تتوفر فيها البنية الأساسية المرتبطة بعالم الاتصالات. ومهما يكن الأمر بالنسبة للكتاب سواء أكان ورقيا أم الكترونيا فالسؤال المطروح هل سيفقد أهميته كمصدر من مصادر المعرفة للطالب أم سيبقى كما هو بل وقد يزيد؟
ان هذا السؤال تكمن اجابته في كيفية توظيف الكتاب داخل حجرة الدراسة من قبل المعلم؟ فاذا كان المعلم من النوع الذي لا يحسن توظيف الكتاب المدرسي ولا يدرك اهميته فانه من المتوقع أن لا يعير الطلبة لهذا الكتاب أهتماما ابدا، لكن اذا أحسن المعلم استخدامه فان ذلك بطبيعة الحال سيؤدي الى بقاء الكتاب المدرسي كأحد مصادر المعرفة للطالب، وسيكون الطالب مرتبطا بمفهوم الكتاب حتى بعد انتهاء الدراسة في المدرسة. ولكن كيف يمكن للمعلم توظيف الكتاب المدرسي توظيفا جيدا؟ قبل الاجابة عن السؤال فمن المهم معرفة ما هي الأهمية التربوية للكتاب وفيما يستخدمه المعلم؟
تنفق وزارات التربية والتعليم في العالم العربي ملايين الدولارات لطباعة الكتب المدرسية في العام، ولكن عندما نقييم العائد من هذا الصرف، في مقابل ما يحصل عليه الطلبة من معرفة مبنية على المعلومات الموجودة في هذه الكتب نجدها قليلة جدا، ناهيك عن الكتب الممزقة والمكتوب فيها والتي أصبحت مثل السبورة السوداء أو تلك المرمية في الشوارع بعد انتهاء الأمتحانات. لكن من المهم أن يدرك الطالب أن لهذه الكتب أهمية، والا لم تطبعها وزارة التربية والتعليم وتسلمها له، وهذا لن يتم الا من خلال توظيف المعلم لهذا الكتاب التوظيف الجيد.
يرى العديد من التربويين أن المعلم الناجح هو الذي يستطيع أن يوظف الكتاب المدرسي بشكل مناسب، كما أن الكتاب المدرسي يمكن أن يشجع الطلبة على التعلم إذا ما تم كتابته وإخراجه بشكل جيد، وجذاب. ويستفيد كل من الطالب والمعلم من الكتاب المدرسي؛ فالطالب يراه مصدرا للمعرفة يرجع إليه عند الحاجة في البحث عن معلومة معينة، أو عند المراجعة للدروس، أو التحضير للاختبارات، كما يستفيد منه لتحضير الدروس عندما يطلب المعلم منه ذلك. وهذا منطقيا في ضوء رؤية الطلاب الكتاب على انه المرجع الأساسي لهم، وأنه مصمم ومعد ومخرج بعد دراسة وافية عن مستواهم، واستعداداتهم وميولهم؛ بغرض تحقيق الأهداف المعرفية، والوجدانية، والنفس حركية. أما بالنسبة للمعلم فهو معينه في صياغة خطته، وسنده في تحديد طرائق تدريسيه، وفي اتخاذ قرارات معينة حول المنهاج.تتعدد أهمية الكتاب لكل من المعلم والطالب، فهو مصدر من مصادر المعرفة للمعلم. اذن يمكن القول أن الأهمية التربوية للكتاب تتعدى كونه الكتاب المقدس في التحضير والتخطيط للدروس.
ومادام الأمر كذلك فانه من الأهمية أن يتم توظيف الكتاب بشكل جيد، ومن الارشادات التي نوجهها للمعلمين في هذا الشان ما يلي:
لابد أن يكون المعلم على اقتناع باهمية الكتاب المدرسي في العملية التعليمية.
-
يجب على المعلم أن يعمل على غرس اتجاه ايجابي نحو الكتاب المدرسي وضرورة الاهتمام به.
-
ضرورة اتباع المعلم لأساليب يوظف فيها الكتاب المدرسي كأن يطلب من الطلبة قراءة شكل معين أو فقرة معينة أو تلخيص نص معين.
-
ربط الطالب بالكتاب من خلال الواجبات المنزلية المعتمدة على أسئلة من الكتاب المدرسي.
-
جعل الكتاب حاضرا في معظم الحصص من خلال توظيفه ولو في جزئية بسيطة.
كما لابد من الاهتمام بالكتاب من حيث الكتابة والأخراج، فالمحتوى المعرفي المتضمن فيه ينبغي ان يكون صحيحا خاليا من الأخطاء العلمية واللغوية، كما يجب أن يكون مشجعا للطلبة للاقبال عليه وتوظيفه في عملية تحضير الدروس ومراجعتها، وذلك يتم من خلال الاخراج الجيد لمحتواه وللصور والرسومات المتضمنة فيه.
كما لابد من الاهتمام بمعيار انقرائية أو مقروئية الكتاب التي تعد من معايير الكتاب الضرورية. وهناك تأكيد على هذا المعيار من قبل المهتمين بامر الكتاب المدرسي، اذ يرون أنها من أهم العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تحليل الكتاب المدرسي وتقويمه.
أما بالنسبة لموضوع الكتاب الالكتروني ومستقبله، فسنخصص له مقالة منفصلة في الفترة القادمة كونه يحتاج الى مزيد من التفصيل والمعالجة.
خاص بموقع مدارسنا دوت نت