وإذا المدارس كُممت أفواهها …

سعيد المعمري

في عصر العولمة أصبح كل محمود مذموم ، وكل ما هو شاذ مرغوب ، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه المدرسة هي الداعم الرئيسي لمخرجات التعليم باتت هي الأخرى عكس ذلك . قد ينعتني البعض بالتشاؤم ولكنها الحقيقة التي لا مناص منها إذ لا بد أن ننظر إلى الوضع الراهن بشيء من الموضوعية والواقعية ونبتعد قليلاً عن العاطفية في التفكير ، فالحال الذي آلت إليه بعض المدارس يرثى عليه ، فهناك الكثير الذي من الممكن أن نتحدث عنه ولكنني في هذه السطور سوف أركز على المحور الرئيسي للعملية التعليمية ، إنه المعلم رمز العطاء والتضحية .

لقد تحدثت كثيراً عن المعلمين ومعاناتهم ، وواقعهم المرير ، وما ذلك إلا إنني لامست احتياجاتهم ومدى ما يلقونه من تهميش واضح ، وانتهاكاً صارخ لحقوقهم ، فإن الواقع الذي تعيشه تلك المدارس يغاير تلك النظرة الإيجابية التي تكلمت عنها خطط الوزارة الموقرة ؛ فالمعلم دائماً في ذيل القائمة ، ما هو إلا أداة تنفذ مخططات وتطلعات أصحاب النفوذ ، أصبح المعلم مسيَّراً في معظم الأمور ، يتلقى التعليمات والأوامر ولا ينبس ببنت شفه .

نعم لقد كممت الأفواه ، وأصبحت المدارس هي الجهات التنفيذية المعنية بتنفيذ ما يملى عليها وبدون نقاش أو تعليق ، أو حتى ( لماذا ؟ ) .

أصبحت المدارس كالوعاء يلقى بداخله كل غث وسمين ، تصاغ الأفكار في صوامع المسئولين لتقذف بعدها كالكرات النارية في المجتمعات المدرسية ، ويا معلمين لكم الله نفذوا فإن من وضع هذه القوانين أو صاغ تلك اللوائح هو أدرى منكم بالواقع التربوي في الحقل التربوي .

وعندما يتحدث المعلم ، أو يطالب بحقوقه تأتي الإجابة قاصمة ، تنزل عليه كالصاعقة ليفقد بعدها الوعي ويجد نفسه خارج المنظومة التعليمية .

قرأت مقولة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي منسوبة إلى المستشارة الألمانية ( ميركل ) مفادها ( في ألمانيا المعلمون أعلى دخلاً في البلد ، وعندما طالب القضاة والأطباء والمهندسون بالمساواة ردت عليهم ردداً مزلزلاً : كيف أساويكم بمن علموكم ؟ ) .

وفي مجتمعاتنا المسلمة علمنا هذا ولكن للأسف تجاهلناه أو ربما تناسيناه . إن رسالة المعلم من أسمى وأعظم الرسالات السماوية ؛ لأنها وبكل فخر واعتزاز مهنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكان الأحرى بنا أن نحترم هذه المهنة ونقدرها .

نعم لقد علمت تلك المرأة غير المسلمة قيمة المعلم ، ومكانته بين كل المهن الأخرى لذلك رفعت من شأنه ( كيف أساويكم بمن علموكم ؟ ) .

فهل مكانة المعلم عندنا تساوي مكانة المعلم عندهم ؟؟!!

خاص لمدارسنا دوت نت: الجمعة ١٠/ ٥/ ٢٠١٣م

Image
مقالات ذات العلاقة