تتعدد نماذج الإشراف التربوي، مما يجعل من الصعب اختيار النموذج الأكثر فعالية من بينها في الموقف الصفي بعينه. يسعى معظم المشرفين إلى البحث عن نموذج يدمج الأساليب التي تغطي الجوانب الأساسية للتوجيه الجيد. تختلف نماذج الإشراف وفقا للاستراتيجيات التي نسعى لتحقيقها، فالبعض يتبنى إستراتيجية التطوير المهني والآخرون يعملون على إستراتيجيات دمجها معا. في هذه المقالة نصف ونحلل بعض المقاربات للإشراف بهدف مقارنة هذه النماذج والتعرف على مزاياها وقيودها.
مفاهيم الإشراف التربوي
للإشراف مفاهيم مختلفة والتعريف الأكثر شيوعًا بأنه الإشراف على فرد أو مجموعة من الأشخاص بطريقة شفافة ومنظمة لتحقيق الهدف المنشود (بوندار وشيستوبالوفا، 2020). يعتبر الإشراف عاملاً حيويًا في المدارس إذا كان قطاع التعليم يتوقع أداءً جيدًا من المعلمين والطلاب. إنه يساعد المعلمين على تحديد المجالات الصعبة في التدريس وتحسينها، وتعزيز كفاءة المعلم لضمان العمل الجاد من قبل الطلاب، وتحقيق المعايير التربوية المستهدفة. الإشراف التربوي عملية مستمرة تبدأ من ممارسة التدريس وتشمل كافة مراحل التعليم. تشمل أساسيات الإشراف التدريب، والتقييم، والتوجيه، والإرشاد ،وتقييم الأنشطة التعليمية والتعلمية. لذلك من الضروري تطبيق النموذج الأكثر فعالية للإشراف، والذي يشمل جميع أو معظم الجوانب الإرشادية الأساسية.
نماذج الإشراف
1- النموذج التوجيهي:
النموذج التوجيهي هو النموذج الأكثر شيوعًا للإشراف من قبل المعلمين. ويقتصر على المعلمين حديثي الخبرة وأقل التزاما ويتميزون بالتفكير النظري. عادة ما يكون هؤلاء المعلمين في المراحل الأولى من التدريس ويواجهون تحديات في اتخاذ القرارات المناسبة والقدرة على حل المشكلات الصفية. ولذلك فهم بحاجة إلى مساعدة من قبل القادة التربويين. هذا النموذج يشتمل على محددات حول كيفية قيام المشرف التربوي بتحديد طرق التدريس الفعالة من غير فعالة. نظرًا لاختلاف طرق التدريس ، فمن غير العدل اعتبار إحدها أفضل من الأخرى. إن نموذج الإشراف التوجيهي لا يضع في الاعتبار الأنشطة الصفية الأخرى حيث يتبع المعلمون الإرشادات التي يراه المشرف التربوي بأنها الأفضل للتدريس الفعال.
2- النموذج غير التوجيهي:
يشمل النموذج غير التوجيهي المعلمين ذوي الخبرة الكافية، ذوي التفكير المجرد والالتزام بالتدريب المستمر ويتخذون القرارات الفاعلة فيما يتعلق بطرق تحقيق الأهداف وفق المواعيد المقررة لها. المشرفون في النموذج غير التوجيهي يقتصر دورهم فقط على تشجيع المعلمين وتوضيح جوانب التحدي التي يواجهونها أثناء التدريس. وفقا لنظرية (بوندار وشيستوبالوفا، 2020) هذا النموذج مفيد في مساعدة المعلمين على تحديد المفاهيم والأفكار بشكل أكثر وضوحًا لأن المشرفين يعيدون آراء المعلم من أجل إيضاحها وليقدم له التوصيات التي تساعده في مواجهة هذه التحديات. تكون التغذية الراجعة من المشرف غير ملزمة لأنها تعبر عن أفكار المعلم ومقاصده من تنفيذه الأنشطة التعليمية التعلمية بطريقة صادقة وموضوعية. على الرغم من أن هذا النموذج يسمح للمعلم باتخاذ القرارات بنفسه، ولكنه يقارن بالنموذج التوجيهي من حيث مشاركة طرف واحد فقط في صنع القرار بدلا عن المشاركة الجماعية مثل النموذج التعاوني.
3- النموذج التشاركي أو التعاوني:
يشمل هذا النموذج معلمين ذوي خبرة كبيرة ويتميزون بالتفكير التجريدي العالية. دور المشرف في هذا النموذج هو التعاون مع المعلمين في تحديد الأهداف العامة ، والتعرف على طرق اشتقاق الأهداف السلوكية منها، والزمن اللازم لتحقيق كل منها. على عكس النموذج التوجيهي ، حيث يتبع المعلمون إرشادات المشرفين، يسمح النموذج التعاوني كلاً من المعلمين والمشرفين بتبادل الآراء لتطوير مهارات صنع القرار وحل المشكلات. النموذج التعاوني يساعد المعلمين على تطبيق استراتيجيات التدريس الفعالة وصياغة الحلول المناسبة للتحديات في التعامل مع الأنشطة الصفية. بمقارنة النماذجين التوجيهي وغير التوجيهي، يوصي بالنموذج التعاوني باعتباره النموذج الأفضل في الإشراف لأنه يأخذ بعين الاعتبار أفكار كلا الجانبين للوصول إلى حلول مثالية للتعليم والتعلم الفعال.
على الرغم من أن فكرة مشاركة الآراء أو التعاون قد تبدو جذابة، قد يجدها الآخرون مشوشة وصعبة التنفيذ، خاصة في تحديد الاقتراحات الأفضل عند اختلاف في وجهات النظر بين الطرفين. قد لا يتقبل بعض المعلمين مشاركة أفكارهم بسبب وجود المنافسة أو الشعور بالضعف في التعبير عن آرائهم. أيضًا، قد يشعر المشرفون بعدم الارتياح عندما تأتي أفضل الأفكار من جانب المعلم وهو ما يؤدي كثيرا إلى فقدان التواصل بين الطرفين.
4- النموذج البديل:
في هذا النموذج، يقدم المشرف اقتراحات بديلة وفقًا لأداء المعلم في الصف مع السماح للمعلم باختيار البديل المثالي من واقع خبراته وتجاربه. إن توفير الاختيارات يجعل من السهل تبني وتنفيذ مواقف تعليمية مختلفة لأنه يجعل المعلم يجد الحل البديل للوصول إلى الهدف المنشود تحقيقه وفقا للموقف الصفي. هذا النموذج فعال إذا لم يكن المشرف متحيزا في الاختيارات أو يحكم على الآراء وفقًا لوجهة النظر الفردية. يتيح استخدام هذا النموذج للمعلمين توسيع نطاق بدائل التدريس من خلال دمج نموذج واحد أو أكثر في لتحديد طريقة التدريس الأفضل خلال الموقف الصفي. على عكس النماذج التي تمت مناقشتها أعلاه، يشتمل النموذج البديل على نماذج أخرى مما يجعله مختلفًا وأكثر سهولة للعمل به.
الخلاصة
مما سبق يتضح أن هناك فهم أفضل لمزايا وقيود نماذج الإشراف المختلفة، مما يساعد على تحديد النموذج الأنسب في المواقف المختلفة وتطبيقه تبعا لذلك. من الضروري النظر في الإطار النظري للنموذج عند اختيار الأنسب منه والذي يتوافق مع هدف بعينه. نظرًا لأن الإشراف عملية مستمرة، فإن النموذج التوجيهي يسمح للمعلمين بالتعلم من خلال توجيهات وإرشادات المشرفين حتى يكتسبوا الخبرة اللازمة. بينما يمنح النموذج غير التوجيهي المعلمين فرصة لتقديم آراء مستقلة، في حين يساعدهم النموذج التعاوني على التعلم من بعضهم البعض للحصول على أفضل الأفكار. في النموذج البديل، يمكن للمعلمين الاستفادة من الخيارات المختلفة الموثوقة للمشرفين التي تقدر الأداء بشكل موضوعي.
المراجع
**بوندار ك. و شيستوبالوفا أ. (2020): الإشراف كنموذج للتعليم الشامل وإعادة التدريب والنهوض بالمجتمع المدرسي. موقع EDP Sciences.
**كارلوس أ. ،كاردوسو س. ،غالانت س. ،لامي ف. ،ماسانو ل. ،سيلفا ب. ،جاسبار م. أ. و سيبرا ف. (2017). الإشراف على تدريب المستمر للمعلمين. تعليم وتدريس، 35 (1) ، 185-206. موقع ويب.
الترجمة بتصرف: موقع مدارسنا دوت نت
رابط المقال باللغة الإنجليزية: https://chalkypapers.com/supervision-models-in-education/