بقلم: جوردان هيل
محلل، مديرية التعليم والمهارات التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
قابلت مؤخرًا مدرسًا يعيش في مبنى سكني. بعد معرفته بأنني أعمل في مجال التعليم في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أجاب (مازحًا): “أوه ، أنتم الأشخاص الذين تخبروننا كيف أقوم بعملي!”
إن تحفيز ممارسات التدريس ورسم السياسات القائمة على الأدلة هي عملية صعبة ومعقدة. فقد خلصت “البحث حول استخدام البحث” التي أجريت على مدار العشرين عامًا الماضية إلى أنه لا يمكن “دفع” الأدلة ببساطة إلى المعلمين وصانعي السياسات للعمل بها. بدلاً من ذلك، يحتاج المستهدفون إلى “سحب” الأدلة بناءً على المعرفة المكتسبة من قبلهم فعليا عبر التحديات التي يواجهونها.
هل من المفيد حقا استخدام البحث التربوي في التعليم؟
إن التعليم القائم على البحث يساعد على تحسين تعلم الطلاب وتجويد النتاجات التعليمية. لنأخذ على سبيل المثال مبادئ باراك روزينشين العشرة للتعليم التي تم نشرها لأول مرة في عام 2012 بناءً على بحث مكثف في العلوم المعرفية وممارسات الفصل الدراسي، وهي تعتبر حاليا الأساس في ممارسات العديد من المعلمين. هذه المبادىء العشرة تشجع المعلمين على مراجعة التعلم السابق يوميًا وتقديم نماذج وأمثلة عملية للمعرفة الجديدة للبناء عليها ودمجها مع التعلم الجماعي والمستقل. وقد ثبت أن هذه المبادئ تعزز عملية استدعاء المعلومات التي يحتاجها الطلاب عبر السياقات التعليمية المختلفة. هذا مجرد مثال واحد من العديد من الأمثلة لفائدة البحث التربوي في بناء ممارسات فعالة في الفصل الدراسي وهي تعمل على تحسين النتاجات التعليمية لدى الطلاب.
تظهر التحليلات المعمقة أنه على الرغم من الاعتراف المتزايد بفائدتها، إلا أن السياسات والممارسات القائمة على البحث التربوي لا تزال بعيدة عن الواقع الميداني. ومن خلال الجمع بين رؤى الخبراء ونتائج المسح الشامل للسياسات والبيانات من أكثر من 30 نظامًا تعليميًا، فإنه أمكننا تحديد العوائق والفرص المتاحة لاستخدام البحوث التربوية بشكل جيد وفعال.
ولهذا تعتبر عملية تصميم الآليات المناسبة بالغة الأهمية لزيادة استخدام البحوث التربوية من قبل صانعي السياسات أو العاملين في التعليم كماً ونوعاً.
كيفية تخفيف عبء البحث التربوي بتصميم الآليات اللازمة
يعد عامل الوقت من أكثر العوائق التي تمنع استخدام البحث التربوي والمشاركة فيه. غالبًا ما يشتكي المعلمون من أن أعباء عملهم ثقيلة جدًا بحيث لا يمكنهم المشاركة في البحث، كما يتذمر صانعو السياسات من أن الأطر الزمنية المتاحة لهم لا تتوافق مع الوقت الذي يستغرقه إجراء البحث التربوي.
لا تزال مبادرات تصميم الآليات مثل :الفرق الحمراء العلمية” غير شائعة نسبيًا في صنع السياسات ولكنها بدأت تكتسب المزيد من الزخم مع مرور الزمن. هذه الفرق تجعل الخبراء يتبنون نهجًا صارما لمواجهة الخطط والسياسات والنظم والافتراضات المعمول بها في الحقل التعليمي. وفيما يتعلق بسياسات التعليم ، فلا بد من تبني مشورة الخبراء طوال فترة رسم السياسات بدلا من تبنيها في فترة زمنية محددة. لأنه يخفف من ضغوطات وتضارب الأطر الزمنية لدى صانعي السياسات. أما بالنسبة للعاملين في التعليم، فإن التحدي مختلف تماما. ليس لدى معظم المعلمين الكثير من الوقت للانخراط في البحث بأنفسهم، لذا فإن تفريغ معلم واحد للقيام بذلك نيابة عنهم يمكن أن يساعد على تجاوز هذا التحدي. لهذا السبب، فإن وجود رواد البحث نيابة عن المعلمين الآخرين يجعلهم يتعاملون مع الأدلة في المدارس، وهي آلية واعدة إذا ماتم تطبيقها في المدارس. فإذا ما اعترفت السياسات التعليمية بدور رواد البحث هؤلاء (على سبيل المثال عن طريق تقليل عبء التدريس)، فستكون لها فعالية كبيرة في استخدام البحث التربوي. ولسوء الحظ، فإن حوالي 20% من الأنظمة التعليمية لديها هذه الآلية.
هل نحن بحاجة إلى آليات أفضل؟
تعتبر مبادرة أبحاث التعليم والتعلم في نيوزيلندا مثالاً على آلية تستخدم البحث كمكون أساسي. إنه صندوق حكومي تأسس في عام 2003 للبحث التعاوني حول التدريس والتعلم في قطاعات الطفولة المبكرة والمدارس والتعليم العالي. وهي تضم أكثر من 400 باحث وممارس يعملون في مئات المشاريع المختلفة ونشر مطبوعاتها. وقد أظهرت التقييمات تغييراً عميقاً وإيجابياً في ممارسات التدريس.
الآليات القائمة على المشاريع مثل تلك المذكورة أعلاه، تشجع على التفاعل وبناء العلاقات بين الباحثين والمعلمين وصانعي السياسات، وهي الأكثر استخدامًا ودعما للبحث التربوي في المنظومة التعليمية. ومع ذلك، لا يزال غياب العلاقات الجيدة بين هذه المجموعات يمثل حاجزًا رئيسيًا في العديد من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لأن العديد من الآليات المعمول بها إما أنها ليست مصممة لزيادة استخدام البحث، أو أنها لا تؤدي الأداء الجيد.
ولامتلاك الآليات الصحيحة، من المهم فهم ما يمكن أن يجعلها أكثر فعالية. هناك حوالي نصف دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لديها وكالات محددة لتسهيل استخدام البحوث التربوية من خلال تحسين الوصول إليها وجعل نتائجها واضحة ومفهومة. وهناك القليل منها معروفة منذ القدم على نطاق واسع مثل مؤسسة الوقف التعليمي في المملكة المتحدة. والبعض الآخر جديد تمامًا، مثل منظمة أبحاث التعليم الأسترالية التي تأسست في عام 2020. فقط 3.5٪ من مبادرات التعليم كهذه معلنة ومتاحة للجمهور.
هناك مجال كبير لتحسين هذه الآليات والعمل على تقويتها. ومن خلال فهم ما كانت ناجحة من هذه الآليات يمكننا تصميم آليات جديدة ذات فعالية أكبر.لقد حان الوقت لتقييم هذه المبادرات من خلال إجراء المزيد من التحليل العالي الجودة. وحتما عندما ننظر إلى السنوات العشرين القادمة فهل “البحث حول استخدام البحث” في التعليم سيجعل معلمو عام 2042 يرونه “ضروريا” للغاية كما نراه اليوم؟
نشرت من قبل: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية باللغة اﻹنجليزية – الترجمة: موقع مدارسنا دوت نت