زهرة المفرجية: «تجارتي الرابحة» لمساعدة الطلاب المعسرين بوجبة يومية

عمان: فازت زهرة بنت محمد المفرجية من ولاية بهلا بمحافظة الداخلية بالمركز الثالث في الدورة الخامسة لجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي على مستوى الأفراد عن مشروع (تجارتي الرابحة).
ويعد مشروعها الرائد (تجارتي الرابحة) مشروعا قائما على إيجاد مصدر دخل لأسر ذوي الدخل المحدود في مدرسة بهلا من خلال جمع تبرعات مالية تذهب لشراء مستلزمات ليتم بيع هذه المستلزمات في المدرسة وريعها يستفاد منه في مساعدة طلاب المدرسة من أبناء أسر الدخل المحدود، وفكرة هذا المشروع خرجت عن المألوف لإيجاد حل لمشكلة تعاني منها فئة معينة ذات حاجة.
(مرايا) اقتربت أكثر من الفائزة زهرة المفرجية للحديث عن مشروعها الرائد (تجارتي الرابحة).

فكرة المشروع
بداية عبرت زهرة المفرجية عن سعادتها الغامرة بما حققته من مركز متقدم في جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي على مستوى الأفراد، مشيرة إلى أن الفوز بهذه الجائزة يعد شرف كبير وحافز نحو تحقيق المزيد من الأعمال التطوعية والخوض في مجال التطوع وخدمة المجتمع.
وعن فكرة مشروعها الفائز بالمركز الثالث قالت زهرة المفرجية: حبي للعمل التطوعي بدأ منذ نعومة أظافري ونشأت في أسرة متعاونة وفي مجتمع يعاون بعضه البعض يتصف بالإيثار كل يساند جاره ويعاونه، لذلك فالعمل التطوعي مترسخ في مجتمعنا وما نقوم به من عمل خيري هو جزء أساسي في حياتنا.
وأشارت المفرجية إلى أن فكرة مشروع تجارتي الرابحة انطلق كحل لمشكلة قائمة، حيث إنه ومع بداية العام الدراسي 2013/‏‏‏‏2014 وكالعادة بصفتي رئيسة مجلس الأمهات بمدرسة سور بهلا، كنت أزور المدرسة باستمرار لأقوم بواجبي الذي أحببته وانغمست فيه بمجلس الأمهات ومساندة المدرسة في دورها التربوي، وفي ذلك اليوم ذهبت للمدرسة وبينما كنت بجوار مكتب الأخصائية الاجتماعية بالمدرسة إذ بصوت الأخصائية يطرق مسامعي وهي تقول: نحتاج إلى أن نجمع تبرعات من الهيئة الإدارية والتدريسية لعدم كفاية المبلغ المتبرع به من خارج المدرسة للتغطية.
شدني ما سمعت وتوجهت إلى مكتبها ووجهت لها سؤلا: لمن هذه التبرعات؟ وما حاجتكم لها؟ فقالت بكل أسى: نريد أن نجمع تبرعات لنحصل على مبلغ يكون مصروفا يوميا للطلاب المعسرين بالمدرسة والذين لا يتمكنون من شراء الوجبة من المقصف المدرسي، والمبلغ الذي تم تجميعه لا يكفي حتى لنهاية العام الدراسي. فوجهت لها سؤالا آخر: ألا يوجد حل آخر غير جمع التبرعات؟ فقالت: لا أظن، فقد كانت سابقا مؤسسة بهوان الخيرية تدعم هذا المشروع وتصرف على هذه الفئة، وحاليا لا يوجد لدينا أي حل سوى جمع التبرعات، وأحيانا بصعوبة نحصل على متبرعين، وإذا وجدنا لا نحصل على المبلغ المطلوب لسد مصروفهم لعام دراسي كامل.
وأضافت زهرة المفرجية: خرجت من مكتب الأخصائية لتدور في عقلي أفكار كثيرة، أليس من حل آخر غير جمع التبرعات؟ وفي ذلك اليوم طرحت المشكلة على مجموعة عضوات مجلس الأمهات، وبدأت المناقشات بكل حماس في هذا الموضوع، لتقوم العضوة نصرة بنت عبدالله الربخية بطرح مقترح قائلة: «لماذا لا نفكر بمشروع استثماري خاص لهذه الفئة كمشروع تجاري؟» لمعت الفكرة في رأسي وقلت: بالفعل مقترح جميل جدا، ففي التجارة تسعة أعشار الرزق، ولكن من أين لنا برأس المال؟ وبعد تفكير عميق اقترحت ان نرسل رسالة لأمهات المدرسة بفكرة المشروع لمن يحب التبرع والمساهمة في الخير، وبالفعل كتبت رسالة معبرة وشارحة للمشروع وأهدافه وتم إرسالها في مجموعات أمهات المدرسة، ليكون بحمد من الله في يدنا في صباح اليوم التالي 500 ريال، فجزاه الله كل خير من جادت نفسه بسخاء لهذا المشروع وكانت بداية حكاية المشروع.
وأردفت المفرجية قائلة: في اليوم الثاني من تجميع المبلغ توجهت مباشرة إلى أسواق بيع الجملة للملابس لشراء بضاعة لملابس جاهزة بالمبلغ نفسه الذي تم تجميعه، في البداية واجهتنا صعوبة لعدم معرفة الأماكن ومعرفة المحلات المناسبة، ولكن مع البحث والسؤال الحمد لله تسهلت الأمور.
وبعد عودتنا قمنا بمهمة تسعير الملابس وتمت الاستعانة بمن لديها الخبرة في أسعار السوق، وقد احتاج تسعير الملابس لجهد ووقت كبيرين، ولكن الحمد لله انتهينا والسعادة تغمرنا، وجاء دور الإعلان، فكتبت إعلان لبيع هذه البضاعة والريع الذي يعود منها لصالح تنفيذ هذا المشروع، وتم في الإعلان شرح فكرة المشروع والهدف منه، وأرسلناه في مجموعات النساء على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم عرض البضاعة.
وتابعت قائلة: وبحمد الله تم بيع البضاعة كاملة وخاصة في مناسبات الأعياد، وتضاعف المبلغ إلى الضعف ليصل إلى ألف ريال، مما شجعنا لشراء بضاعة أخرى من جديد لكي لا ينقطع عطاء المشروع، وبحمد من الله يخدم المشروع سنويا ما بين 50 إلى 60 طالبا، فيكون جزء منه لاحتياجات الفئة المستهدفة وجزء لشراء البضاعة.
وتوالت الأرباح بفضل من الله ليحقق المشروع هدفه الذي وضع من أجله سعيا لإيحاد مصدر دخل مستمر لا ينضب لهذه الفئة من الطلاب، والاستمرارية في العطاء من اجل إدخال السعادة في قلوب طلابنا، فمن خلال هذا المشروع التجاري يتم كل يوم صرف بطاقة شراء بقيمة 200 بيسة لكل طالب ليشتري وجبته اليومية من جمعية المدرسة، ليكون هو وزملاؤه المقتدرون سواسية لا يشعر بالفرق المعيشي الذي بينهم.
وأوضحت المفرجية: ومما لا شك فيه أن المشروع أبرز بصورة واضحة أهمية تفعيل مجالس الآباء والأمهات ليقوم بواجبه على أكمل وجه، وذلك من خلال التعاون مع المدرسة في الأزمات والصعوبات التي يواجهها المجتمع المدرسي، ويعمل على نشر ثقافة حب الخير للغير، وإننا بالتفكير السليم نجد الحلول وبالتعاون تتيسر الأمور، وهذا ما كان في عضوات المجلس، فقد كن سندي في عرض البضاعة جزاهن الله كل الخير، ولا أنسى فضل زوجي الذي كان الداعم الأكبر لي بتشجيعه ووقفته معي في هذا المشروع، فهو له الدور الكبير في إنجاح هذا المشروع، حيث كنا نذهب لشراء البضاعة.

المشاركة في المسابقة
وعن حكاية المشاركة في جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي على مستوى الأفراد، قالت زهرة المفرجية: مشروع «تجارتي الرابحة»: قائم منذ خمس سنوات، ولم أفكر يوما الاشتراك في أي مسابقة، ولم يكن لدي علم بأن باب التسجيل مفتوح لمن يرغب بالمشاركة في الجائزة، ولكن شاءت الأقدار أن أكون في جمعية المرأة العمانية ببهلا- بصفتي عضوة في الجمعية- وتم ذكر المسابقة، فطلبت مني عضوة الجمعية كاذية بنت محمد اليحيائية أن أشارك في هذه المسابقة لأهميتها من خلال مشروعي «تجارتي الرابحة».
في بداية الأمر عارضتها قائلة: هذا مشروع تطوعي ولا نبحث فيه عن مقابل مادي، وبعد أخذ وجذب أقنعتني بالمشاركة، فكنت آخر من تم تسجيله في قائمة التسجيل، وهذا ما عرفته فيما بعد من إحدى الأخوات القائمات على المسابقة، ولقد كان الفوز مفاجأة كبيرة لي لم أتوقعها وهذا فضل من الله.
وأشارت زهرة المفرجية الى خططها المستقبيلة قائلة: هذا الفوز هو الداعم الكبير لمواصلة المسير وتطوير المشروع، وبإذن الله سوف أوسع المشروع ليكون له محل خاص تكون أرباحه لهؤلاء الطلاب، فأدعو الله التوفيق.
وآخر كلماتي: شكرا لك زوجي على جهدك ووقفتك معي لإنجاح هذا المشروع، وشكرا إدارة وعضوات مجلس الأمهات بمدرسة سور بهلا على تعاونكن الدائم معي، وشكرا لجمعية المرأة العمانية ببهلا على تشجيعها الدائم لي، وأخص بالشكر مريم بنت راشد المشيقرية رئيسة جمعية المرأة العمانية ببهلا، وشكرا لكل أم ساهمت بالشراء من بضاعة تجارتي الرابحة لوعيها ونيتها الصادقة بأن هذا هو الخير الذي ستجني منه الأجر العظيم، وشكرا كبيرا لصاحب القلب الكبير الذي أوجد هذه المسابقة ليغرس فينا حب العطاء، شكرا لك أبي قابوس، حفظك الله ورزقك الصحة والعافية والعمر المديد.

Image