الخليج: يعد التعليم القاعدة الأساسية لتقدم الأمم ونهضة المجتمعات، إذ إن تطوير مساراته يفرز منظومة تعليمية متطورة ومتجانسة مع النُظم العالمية، فضلاً عن أنه محرك أساسي يقاس من خلاله تطور ونماء الشعوب، لاسيما
أن المتغيرات المتسارعة في المجالات كافة، فرضت سياسة التطوير، لمواكبة مسارات التنمية المستدامة التي تحاكي المستقبل.
اليوم ونحن نودع عام 2016، نجد أن الإمارات تطوي صفحات هذا العام بتطوير منظومة التعليم، حيث ركزت ضمن خططها المستقبلية واستراتيجياتها على بناء الأجيال في المرحلة المقبلة، فجهود الدولة مضيئة ومشرقة في هذا الشأن، ودعم القيادة الرشيدة لرفعة التعليم وتطويره وتحقيق نقلة نوعية، تحاكي الاتجاهات الحديثة عالميا، أمر مشهود، فمسارات التطوير النوعية والمتنوعة في هذا القطاع «شاهد عيان»، على تلك الجهود العظيمة.
ولاشك أن القيادة الرشيدة للدولة نجحت في وضع سياسة جديدة، رسمت من خلالها مستقبل الإمارات لعصر ما بعد النفط، مرتكزة على تطوير التعليم ومساراته في الوصول إلى اقتصاد فاعل مستدام، قوامه التنوع والابداع والابتكار، وسلاحه «المعرفة»، فضلاً عن بناء أجيال المستقبل المتسلحة بالعلم والمعرفة.
وأجمعت الآراء على أن مسارات التطوير تحمل في طياتها تغيرات جذرية وتطويرية لمستقبل التعليم ومخرجاته في المدرسة الإماراتية، وجسدت خطوات فاعلة وواثقة نحو مجتمع المعرفة، إذ تضمنت تطوير مناهج الصفوف الدراسية كافة، واستحداث مواد علمية جديدة، وتطوير مرحلة رياض الاطفال كنواة لأجيال المعرفة، فضلا عن الاتجاهات الحديثة التي تتعاطى مع الطلبة وفق مهاراتهم واحتياجاتهم، فضلاً عن وضع آليات تقييمية تبلور الواقع الحقيقي لمستوياتهم العلمية، وإعداد معلمين يدركون لغات ميادين المعرفة.
وقال محللون وخبراء، إن الإمارات وضعت أسسا ممنهجة للتحول من الاقتصاد الذي يعتمد على النفط والغاز والقطاعات التقليدية، إلى اقتصاد المعرفة الذي يعتمد على إنتاج المعارف من خلال الابتكار وريادة الأعمال، إذ أدركت الحاجة إلى مهارات المستقبل الجديدة وأهمية مواكبة الواقع المعرفي المتغير والمتسارع عالمياً.
«الخليج» رصدت بعض مشاهد مسيرة التعليم التنموية في الدولة خلال عام 2016، في محاولة لتجسيد التغيرات الجذرية والتطورات التي شهدها ذلك القطاع الاستراتيجي، وهو العمود الفقري لنهضة البلدان ورفاهية الشعوب.
وتجسد أول مظاهر تطوير قطاع التعليم في دمج وزارتي «التربية والتعليم» و«التعليم العالي»، في وزارة واحدة، ليكون لها 3 وزراء، ومؤسسة تدير مدارسها، ومجلس أعلى للتعليم يشرف عليها، ويتابعها مجلس الوزراء، لتسجل الدولة أكبر تغيرات يشهدها قطاع التعليم خلال هذا العام، حيث وضعت في مسيرتها نحو بناء مجتمع المعرفة واقتصادها، سياسات وبرامج ممنهجة ترمي إلى إصلاح التعليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع الاستمرار في تطوير التعليم وربطه بالمتغيرات السريعة والمتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات الحديثة، ليسير الركب نحو مرحلة أكثر ديناميكية تحقق طموحات المستقبلية.نظرة استشرافية
البداية كانت مع تصريحات حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، الذي أكد أن التعليم يتصدر اهتمامات القيادة، وهو ما اتضح جلياً في التشكيل الوزاري الأخير والهيكلة الحكومية، التي تدل على النظرة الاستشرافية للمستقبل مقرونة بأدوات عصرية، قوامها التخطيط السليم، والتغيير الايجابي، وضخ دماء شابة جديدة في أوصال العمل المؤسسي الحكومي، ما يسهم في تجويد الخدمات وتحقيق السعادة والرخاء للجميع.
وقال إن مسارات التعليم ومخرجاته واتجاهاته وفق التوجيهات الأخيرة، تجسد مرحلة جديدة في تاريخ الإمارات، ونقلة نوعية تؤكد عزم وإصرار القيادة الرشيدة للدولة، على النهوض بالتعليم، والارتقاء به مجتمعيا ومهنيا إقليميا وعالميا، لما له من دور جوهري في إحداث طفرة تنموية، لمواكبة مستجدات النمو الاقتصادي والمعرفي والتكنولوجي الذي يشهده العالم.
وأشار إلى أن الوزارة وتحقيقاً لهذا التوجه وضعت الخطة الشاملة لتطوير التعليم 2015-2021، لتحقيق الريادة التعليمية عبر إجراء تغييرات جذرية وفعلية في نظام التعليم بالدولة، حيث استندت مساراتها إلى الانفتاح على مؤسسات المجتمع وأفراده المعنيين والمتخصصين، وتكوين شراكات مسؤولة، ليكون المجتمع مزيجا متناسقا يعمل بقلب واحد، وفق منهجية وأساليب جديدة للوصول إلى نظام تعليمي رفيع المستوى، ومخرجات تكون الأولى بنبوغها وإبداعاتها.
وأفاد بأن التغيرات وأعمال التطوير، شملت البينة التحتية للمدارس ومرافقها المتعددة، لاسيما المختبرات والمكتبات ومراكز مصادر التعلم، فضلا عن خطة لتكون المدارس الحكومية بيئة محفزة للتعليم والتعلم والإبداع، من خلال توفير أساليب تعليمية مبتكرة، وكوادر تدريسية مدرّبة على أعلى مستوى.
الهيكل التنظيمي
وأضاف أن التطوير شمل عناصر العملية التعليمية ومكوناتها من المناهج والمقررات الدراسية، وأساليب التدريس الحديثة، ونظم التقويم والامتحانات، وتطوير أداء أعضاء الهيئات الإدارية والتدريسية والفنية، ولم ترتكز عملية التطوير على مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي فحسب، بل طالت مرحلة رياض الأطفال، لما لها من خصوصية في تشكيل وعي وفكر أبناء الدولة.
وأشار إلى أن الهيكل التنظيمي الجديد للوزارة، جاء انعكاسا لقرارات قيادة الدولة وتوجهات الدولة في دمج وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي تحت مظلة واحدة استشرافاً للمستقبل وتسريعا لوتيرة تحديد أهداف الوثيقة الوطنية في الدولة للتعليم عبر التركيز على أحكام التناغم بين التعليم العام والتعليم العالي، حيث سيسهم الهيكل في تحقيق أداء مؤسسي فعال لرسم سياسات التعليم بكافة مستوياته وتنفيذ استراتيجية الوزارة في الارتقاء النوعي بالتعليم سواء العام أو التعليم العالي.
رياض الأطفال
نظرا لأهمية مرحلة رياض الأطفال، بادرت وزارة التربية والتعليم بتطويرها، وأدخلت عليها تغيرات جذرية، تهدف إلى بناء أجيال تواكب تطويرات المستقبل، وجاءت تفاصيل التطويرات التي تم إدخالها على تلك المرحلة في عامها الأول تحت مظلة الوزارة، لتقسمها إلى مستويين ، الأول والثاني، واعتمدت 7 مواد دراسية لطلبة كل منهما، بإجمالي 22 حصة أسبوعياً لكليهما، ضمن الخطة الدراسية المطورة لرياض الاطفال للعام الدراسي 2016-2017.
واعتمدت الوزارة «سياسة تقييم جديدة»، لطلبة تلك المرحلة، فضلاً عن تدريب تخصصي مستمر للمعلمين، حيث ركزت السياسة على جمع معلومات دقيقة حول تقدم الأطفال، من خلال استخدام أدوات تقييم متعددة، لتحسين نوعية البرامج التعليمية، وملاحظة تطور نمو الطفل في الجوانب العاطفية والمعرفية والاجتماعية، فضلاً عن مشاركة نتائج التقييم مع أولياء الأمور، كجزء من عملية مستمرة، يلعب فيها الآباء والأمهات دوراً فاعلاً، فضلاً عن تحليل مستويات التحصيل والتقدم، ووضع خطط التطوير لمساعدة الأطفال على تحقيق التطور المطلوب عبر الأنشطة المتنوعة، بالإضافة إلى توفير سجلات متابعة إلكترونية لأداء الطفل.
تطوير المناهج
المشهد المشرق في عملية تنمية التعليم خلال عام 2016، جاء يحاكي تطوير مناهج الصفوف الدراسية كافة، في أقل من عام، ضمن خطة الوزارة التطويرية الشاملة، التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، حيث يعد إنجازاً وطنياً كبيراً، يستحق الثناء والتقدير، لاسيما أن المناهج المطورة تحمل في مضمونها مسارات متنوعة للمستقبل، وتركز على الابتكار والمهارات الحياتية والتكنولوجيا والعلوم والرياضيات.
وجاءت المناهج المطورة في شكل حقائب معرفية متنوعة، في المدرسة الإماراتية، يحملها الطلبة بعلومها ومعارفها، من مرحلة دراسية لأخرى، بدون عناء أو تراجع، ليسبحوا في فلك منظومة تعليمية مطورة متناسقة، لبناء الانسان الإماراتي وفق معايير التعليم العالمية.
وشهد التطوير استحداث وحذف ودمج مواد دراسية في جميع الصفوف، من الرياض إلى 12، لتواكب رؤية الدولة 2021، وتحقق خطوات فاعلة نحو الاقتصاد المعرفي القوي والمتنوّع، وتمكن المتعلمين من مهارات القرن 21، التي تضم ركائز العمل الجماعي، وحل المشكلات، والتفكير الناقد، وصنع القرار، وتعويدهم على مهارات البحث المستقل، والقيام بأدوارهم من خلال التواصل واستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، ومواكبة المستجدات العلمية على الصعيد العالمي وحاجات سوق العمل على الصعيد الوطني.
واشتملت المناهج المطورة على 6 مواد مستحدثة، تتمثل في التصميم والتكنولوجيا باللغة الإنجليزية للصفوف 4-9، والإرشاد والعلوم الصحية «إناث»، والمهارات الحياة للصف 9، التصميم الإبداعي والابتكار باللغة الإنجليزية 10 و11 للمسارين «العام والمتقدم»، إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية للصفوف 10 و11 و12 المسار العام
«النخبة والتشعيب»
وفي إطار تطوير منظومة التعليم، تم استحداث مسار «النخبة»، الذي جاء يحاكي في مضمونه النوابغ من الطلبة، ويتم تطبيقه للمرة الأولى، على طلبة الصف السابع عام 2016، ويستهل مرحلته الأولى ب 1600 طالب في 13 مدرسة حكومية، بواقع 4 مدارس في كل من دبي ورأس الخيمة، و2 في كل من الشارقة وعجمان، ومدرسة واحدة في أم القيوين، ويتم إخضاع صف دراسي جديد كل عام، وفق برنامج يعمل بخطة دراسية محكمة، ركزت في محتواها على ماهية المواد الدراسية وعدد الحصص الاسبوعية، وتستمر لمدة 6 سنوات، وبدأت من العام الدراسي 2016-2017 إلى عام 2021- 2022.
وفي سياق متصل تم تطبيق نظام المسارين «العام والمتقدم»، الذي وضع نهاية نظام التشعيب «الأدبي والعلمي»، لمواكبة الميول العلمية للطلبة، والمساهمة في سد الفجوة في المخرجات، ويعد العام الدراسي 2016-2017 مرحلة انتقالية من نظام التشعيب في العلمي والأدبي إلى المسارين العام والمتقدم، حيث درس طلبة الصف العاشر على النظام القديم والصف الحادي عشر كمرحلة انتقالية، كما في الصف الثاني عشر، أما طلبة العام المقبل 2017-2018، فيكونون قد درسوا الصفوف الثلاثة الأخيرة من العاشر وحتى الثاني عشر، حسب نظام المسارين العام والمتقدم.
تطوير أساليب التقويم
وعلى جانب آخر أدخلت وزارة التربية والتعليم مسارات جديدة مطورة، على آليات وأساليب التقويم في المراحل الدراسية كافة، حيث يعدُّ التقويم وسيلة مهمة يُقاس من خلالها مدى النجاح الذي تحقق من وراء العملية التعليمية التي تضم «المنهج ومحتواه وأهدافه»، أو«الطرق والأساليب» التي اختارها المعلم لتنفيذ مفردات المنهج.
وكانت أولى خطوات تطوير التقييم «إلغاء النجاح التلقائي» في المرحلة التأسيسية، فيما عدا الصفين الأول والثاني، ليبدأ الصف الدراسي الثالث وباقية صفوف التأسيسية، مرحلة جديدة في قياس مهاراتهم العلمية وقدراتهم الفكرية، تحت مظلة سياسة التقييم الجديدة، تطبق «الرسوب والبقاء لإعادة الصف» على الصفوف «3 – 12».
وطال تطوير عملية التقييم طلبة المرحلة الثانوية بكل صفوفها «10و11و12» إذ تم توحيد درجة النجاح من 50 إلى 60 في صفوف 10 و11، لتبدأ أيضا تلك المرحلة مسار جديد في التقييم.
9 مرتكزات
وحددت الوزارة 9 مرتكزات للتطوير التقييمي، منها تقييم نواتج التعلم للصفوف «1 -2 »، من خلال 3 أوراق اختبارية تستهدف مواد اللغة العربية والرياضة والعلوم واللغة الانجليزية، وتطبيق نظام التقييم المستمر على الصفوف 1-12، وفق استراتيجيات التقييم الحديثة في الفصول الدراسية الثالثة على مستوى المدرسة، ويخضع طلبة تلك الصفوف إلى اختبارات مركزية «منتصف الفصل، ونهاية الفصل، ونهاية العام الدراسي»، بحسب الخطة المعتمدة لكل صف دراسي.
واستندت إلى 4 استراتيجيات للتقويم، ضمت «الأداء والورقة القلم والتواصل وانعكاس الذات»، في وقت صنفت تقويم الطلبة إلى نوعين هما التقويم المستمر (التقويم التكويني)، والامتحانات (التقويم الختامي).
واعتمدت 5 أنواع من الامتحانات المركزية خلال العام الدراسي، تتمثل في «امتحان منتصف الفصل»، و«امتحان نهاية الفصل»، والنوع الثالث «امتحان نهاية العام الدراسي»، وامتحان «الإعادة»، وأخيراً امتحان «المؤجل»، ليعقد للطلبة الغائبين بعذر مقبول عن امتحان نهاية العام الدراسي للصفوف 1 – 12.
وفي سياق متصل اعتمدت «نظام التعليم المستمر المتكامل»، بديلاً عن نظام «تعليم الكبار»، إذ جاء يضم 4 مسارات، تتمثل في «محو الأمية، والدراسة المنزلية، والتعليم المستمر بمساريه الأكاديمي والمهني»، وتم تطبيقه عام 2016، في خطوة جديدة ضمن الخطة الشاملة لتطوير التعليم.
اختبارات دولية
تصدرت الإمارات قائمة الدول العربية بحصدها المركز الأول في تقييم PISA بدورته الأخيرة 2015، في مجالاته المتنوعة بمواد الرياضيات والعلوم والقراءة، بمشاركة 15 ألف طالب وطالبة، موزعين على مدارس الدولة الحكومية والخاصة، ومن مختلف المناهج الدراسية، كما تفوقت الدولة على جميع الدول العربية المشاركة في تقييم TIMSS الذي عقد في عام 2015 بشكل عام، إذ ارتفع ترتيب الدولة على سلم التقييمات الدولية، محرزة تقدماً ملموساً في التقييم ما جعلها من أكثر 15 دولة تقدماً في هذه الدورة قياساً بالدورة السابقة 2011.
وفي هذا الصدد تقول جميلة المهيري وزيرة دولة لشؤون التعليم العام، إن تقييم PISA، غير مرتبط بمنهج دراسي محدد، كون طبيعة التقييم وهدفه يتمثلان في قياس جاهزية الطلبة ليكونوا فعالين في الحياة العملية عبر اكتساب مهارات حياتية عديدة منها مهارات التفكير العليا، وأن يكونوا قادرين على تطبيقها ضمن سيناريوهات الحياة المتنوعة ليصبحوا عناصر فاعلة في المجتمع.
وذكرت أن التقييم يكتسب أهمية خاصة نظراً لأنه يدخل ضمن قائمة الأجندة الوطنية، التي ترسم ملامح مستقبل الدولة، وتضع الخطوط العريضة للمستهدفات العامة، ومن ضمنها أن تكون الدولة ضمن أفضل 20 دولة على مستوى العالم في تقييم PISA بحلول عام 2021.
بلوغ الأهداف
وشددت المهيري على أن الإمارات مصممة على بلوغ الأهداف الموضوعة لحصد مركز متقدم في تقييم PISA، وفق رؤية الدولة 2021، لتكون ضمن أفضل 20 دولة عالمياً، مشيرة إلى أن التحدي كبير، ولكن بالعمل والتخطيط والمتابعة يمكننا تجاوز العقبات، وصولاً إلى تحقيق نتيجة مرضية وملبية للطموحات.
وأوضحت أن الوزارة اتخذت عدداً من الخطوات الداعمة للجهود التي تصب في هذا الاتجاه، إذ عملت على توحيد الرؤية وخطط العمل بينها وبين مجلس أبوظبي للتعليم، وهيئة التنمية والمعرفة البشرية في سبيل تحقيق أهداف الأجندة الوطنية، ووضع هدف لكل جهة، وآخر للدولة ككل، وإعداد وتنفيذ حملة وطنية للطلبة وأولياء الأمور، والعاملين في سلك التعليم، والمجتمع المحلي.
ووضعت أهدافاً فردية لكل مدرسة في الدورات المقبلة في تقييم PISA، وإصدار تقارير مدرسية ذكية تؤهل المدارس لتحليل نتائجها في التقييم، وتنفيذ برنامج تدريبي شامل لجميع المدارس في الدولة لتحسين الأداء المدرسي، موضحة أنه لا يفصلنا في تقييم TIMSS سوى دورة واحدة فقط، ستنطلق في عام 2019 لتحقيق الأجندة الدولية المتمثلة بأن تكون الدولة ضمن قائمة أفضل 15 دولة في هذا التقييم.
أداة مهمة
واعتبرت أن التقييمات الدولية أداة مهمة في تقييم التعلم المستمر، حيث تركز على تقييم مهارات الطلبة في تطبيق المعرفة، فضلاً عن تقديم نتائج دراسية واقعية، ما يجعلها مقياساً ومؤشراً مهماً في الأداء وسبل تجويد التعليم بالدولة، وتزويد متخذي القرار في الوزارة بمعلومات حول جودة التعليم في الإمارات، واتخاذ قرارات التطوير المناسبة، ووضع النظم والآليات لقياس القدرات والمهارات عبر مقارنة أداء الطلبة بنظرائهم على المستوى العالمي في مواد مختلفة، فضلاً عن تزويد معدي المناهج بمعلومات حول التغييرات المطلوبة في المناهج الدراسية وتطويرها.
وأكدت أن قطاع التعليم يمضي نحو المستقبل برؤية ثاقبة للقيادة الرشيدة تدفع نحو تكامل الجهود الوطنية لبلوغ أهداف الأجندة الوطنية لدولة الإمارات 2021، فضلاً عن التأسيس لمرحلة جديدة قوامها جيل مبتكر قادر على تلبية التطلعات المستقبلية لوطنه.
واقع التعليم العالي
وفي وقفة مع التطوير المشهود في قطاع التعليم العالي، أكد الدكتور أحمد بالهول الفلاسي وزير دولة لشؤون التعليم العالي، أن واقعه يشهد تغييرات للأفضل، بناء على استراتيجيات وخطط تعليمية محكمة، ومتماسكة بين التعليم العام والعالي، حيث تمتاز بأطر أكثر وضوحاً وديمومة وواقعية ورسوخاً.
وأشار إلى أن هذه التغييرات تهدف إلى تجسير الهوة بينهما، وتحسين مخرجاتهما، وهي السمة التي ستميز المرحلة المقبلة من العمل المخلص، لتحقيق مجتمع الاقتصاد المعرفي القائم على الابتكار، وتخريج جيل يتمتع بخبرة ودراية علمية عالية.
وقال إن أبرز نقاط التطوير نشهدها في نظام «الابتعاث»، والتخصصات الجديدة لبرنامج بعثات الطلبة إلى الخارج التي تخدم توجه الدولة المستقبلي، وتعزز مكانتها في مؤشرات التنافسية العالمية، والتركيز على الابتعاث لدراسة درجة البكالوريوس في التخصصات الطبية والهندسية والتقنية.
رفع عدد المبتعثين
تتمثل أهداف الوزارة على هذا الصعيد رفع عدد المبتعثين للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه خلال الأعوام ال 5 المقبلة 50%. وتشمل التخصصات التي تركز عليها الوزارة 9 مجالات بحثية هي الابتكار، واستشراف المستقبل، وعلوم الفضاء، والطب والعلوم الصحية، ومصادر المياه، والطاقة البديلة والمتجددة، والاستدامة والتكنولوجيا النظيفة، والزراعة ونظم الأغذية، والنقل والمواصلات والبنية التحتية، وعلوم البحار والمحيطات.
وفي ما يخص التسجيل والإرشاد الطلابي تتولى إدارة التسجيل والإرشاد الطلابي مسؤولية الإشراف على عمليات تسجيل الطلبة في مؤسسات التعليم العالي الحكومية وفقاً لمعايير وأسس تتسم بالعدالة والشفافية، وتوفير الإرشاد والتوجيه للطلبة، عن طريق التنسيق مع الجهات المعنية بشأن سياسات قبول الطلبة ومعايير توزيعهم على التخصصات المختلفة في مؤسسات التعليم العالي في الدولة بما يتناسب وحاجة المجتمع المشاركة.
معدلات القبول
وتقوم الوزارة بتحديد معدلات القبول في مؤسسات التعليم العالي وأعداد الطلبة لكل مؤسسة ضمن معايير تتوافق مع متطلبات واحتياجات التنمية الشاملة وقدرات هذه المؤسسات، والتخصصات الجامعية المتاحة، تم تطويرها بشكل ممنهج، لتشمل تخصصات جديدة، فضلا عن مواءمة تخصصات الخريجين مع متطلبات سوق العمل، وتوظيفها في المناهج الدراسية، فعلى سبيل المثال تخصص تكنولوجيا المعلومات، تنبثق منه تخصصات جديدة مثل الأمن الإلكتروني أو البرمجة، وكذلك تخصص إدارة الاعمال، الذي ضم تخصصات جديدة مستقلة مثل دراسة المحاسبة وغيرها من التخصصات التي تلتصق مع التخصص الأصلي.
وأفاد بأنه تم تطوير معايير الاعتماد الأكاديمي في الجامعات الخاصة، للارتقاء بمستوى المخرجات بما يواكب متطلبات المستقبل، فضلا عن ربط التخصصات الجامعية بمتطلبات سوق العمل، إذ تضم مفاهيم الابتكار والتسامح والسعادة، والتركيز على ريادة الاعمال، والاستناد إلى التغذية الراجعة للاستفادة منها في صناعة القرارات وبناء الاستراتيجيات.
وأكد أن البحث العلمي أحد أهم المرتكزات التي تستند إليها الوزارة، لبلوغ أهداف الأجندة الوطنية، لاسيما أن المجال مفتوح بدرجة كبيرة في تطوير مفاهيم ومسارات البحث العلمي في الإمارات، فضلاً عن التحول والتركيز أكثر على البحوث التطبيقية، إذ إن البحث التطبيقي قادر أكثر على استقطاب الدعم الخارجي من القطاع الخاص، وأسرع وصولاً.
وبين أن هناك 3 ركائز لخدمة ودعم اقتصاد ما بعد النفط، تتمثل في تعزيز مسارات تطوير التعليم العالي، ودور البحث العلمي في دعم التخصصات التي تعزز توجهات الدولة، وأخيراً تضافر جهود القطاعين الحكومي والخاص، في التعليم والبحوث وشتى المجالات الأخرى.
وأطلقت الوزارة «مبادرة شورك» التي تعد منصة إلكترونية تفاعلية تتيح لطلاب الثانوية العامة الراغبين في الدراسة خارج الدولة، إمكانية الحصول على المشورة حول أفضل التخصصات الأكاديمية والجامعات، من خلال التواصل المباشر مع الطلبة المبتعثين، لتحقيق التميز المعرفي، والارتقاء بجودة التحصيل العلمي بما يضمن تخريج كفاءات وطنية واعدة قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل في القطاعين العام والخاص.
وفي سياق متصل تتجه وزارة التربية والتعليم إلى تحقيق مفهومي السعادة والايجابية في مختلف مفاصلها وبين أوساط طلبة مدارسها ومناطقها التعليمية وموظفيها، للنهوض بمخرجات المدرسة الإماراتية، نظراً للدور المؤثر للسعادة في الأداء الأكاديمي للطلبة، عبر إيجاد نموذج جديد يستند إلى الرفاه والسعادة، مدعوماً بحزمة من المبادرات والبرامج الفاعلة التي تصب في هذا السياق.
تدريب المعلمين
قررت وزارة التربية والتعليم، ربط برامج تدريب المعلمين مع المناهج المطورة والمقررات الجديدة، بحسب خطة التطوير التي تنتهجها الوزارة حالياً، وتضم حقائب تدريبية متطورة، تعتمد في مضمونها على معايير تخدم المعلمين والمناهج وما تأتي به التغذية الراجعة من ملاحظات أو مقترحات.
مجمع زايد التعليم
وكان الإعلان، عن إنشاء مجمع زايد للمدارس، أبرز مشاهد تطوير منظومة التعليم في الدولة خلال 2016، حيث يضم في مرحلته الأولى 4 مدارس بمواصفات 7 نجوم تستوعب 2500 طالب وطالب؛ ويتضمن إجمالي المشروع 79 مدرسة، ويتم تنفيذه على مدار 7 سنوات، موزعة على المناطق التعليمية، وتشمل المرحلة الأولى دبي والشارقة ورأس الخيمة وأم القيوين، ويتكون المشروع من مبنى يشمل الحلقتين الثانية والثالثة، ويضم المبنى 76 فصلاً دراسياً، و13 مختبراً، ومركزي مصادر تعلم، ومرافق رياضية، ومصليين، وعيادة طبية، وحضانة أطفال، وإجمالي مساحته 26 ألفاً و705 أمتار مربعة.
إلغاء رسوم النموذجيات
أعلن حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، عن إلغاء الرسوم الدراسية في المدارس النموذجية على مستوى الدولة، بداية من العام الدراسي الجاري، في أعقاب التغييرات الأخيرة التي شهدها قطاع التعليم في الإمارات، ودمج وزارتي التربية والتعليم العالي، ووجود مؤسسة الإمارات لإدارة المدارس الحكومية وفق صلاحيات مستقلة شبه كاملة، وتشكيل مجلس أعلى للتعليم والموارد البشرية.
ريادة الأعمال
طرحت وزارة التربية مجموعة من المواد الاختيارية لطلبة المسار العام في الصفوف 10و11و12، ومادة ريادة الأعمال تعد أول مادة تطرح خلال عام 2016، إذ ترتبط هذه المواد في مجملها بمسارات مهنية، ما يمكن الطلبة من تكوين رؤية واضحة لدراستهم الجامعية مستقبلا، ويتم تأهيل وإعداد طلبة «المتقدم» بشكل مكثف في المواد التي تضمن لهم الالتحاق بمساقات الهندسة والطب والعلوم.
وأعدت الوزارة مادة التربية الاخلاقية، التي وجه بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث تطبق على 20 مدرسة حكومية وخاصة على مستوى الدولة خلال المرحلة الاولى.
مدارس عالمية المواصفات
لعل من أبرز مشاهد التطوير التي جسدتها الإمارات، للولوج إلى مجتمع المعرفة، تتمثل في خطة التطوير والإحلال التي ستشهدها مدارس الدولة خلال السنوات المقبلة، إذ تشتمل على إضافة 78 مدرسة جديدة، وإحلال 286 مدرسة من أصل 417 مدرسة قائمة حالياً، ليصبح المجموع النهائي من المدارس على مستوى الدولة 209 مدارس، وتدخل الخدمة أول مجموعة من المدارس الجديدة بحلول عام 2019-2020.
وفي نظرة ثاقبة لمسارات خطة تطوير التعليم الشاملة، نجد أن «علوم الكمبيوتر والبرمجة»، احتلت حيزاً كبيراً، على خريطة تلك الخطة، من خلال منهاج دراسي مقرر ومتسلسل.
السمات المتوقعة للمواطنين
رصدت وزارة التربية السمات المتوقعة لخريجي المدرسة الإماراتية في نهاية الصف الثاني عشر، وجاءت متمثلة في الاعتزاز بالهوية الوطنية، ثنائيي اللغة، ملمون بأحدث التقنيات وقادرون على توظيفها توظيفاً مهنياً وتوظيفها بشكل فاعل، يتمتعون بقيم واضحة من المسؤولية والنزاهة والشفافية والعمل الجاد، وقادرون على ريادة الأعمال، مبتكرون، مفكرون ناقدون وقادرون على حل المشكلات.
وأصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قرار مجلس الوزراء رقم 8 لسنة 2016 بإنشاء مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، والأهلية القانونية اللازمة لمباشرة كافة الأعمال والتصرفات التي تكفل تحقيق اختصاصاتها وتلحق بمجلس الوزراء، ويكون مقرها الرئيسي في دبي ويجوز بقرار من مجلس إدارتها إنشاء فروع أو مكاتب أخرى لها داخل الدولة.
مجلس التعليم والموارد البشرية
اعتمد مجلس الوزراء إنشاء مجلس التعليم والموارد البشرية برئاسة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ويركز عمل المجلس على مواءمة سياسات التعليم والموارد البشرية في الدولة، لضمان توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل والتوجهات المستقبلية، بجانب إبداء الرأي والمشورة في مشروعات القوانين والسياسات ذات الصلة بالعملية التعليمية والموارد البشرية المواطنة، واقتراح برامج لإعداد جيل مؤهل، وتعزيز التنسيق بين وزارتي التربية والتعليم والموارد البشرية والتوطين والجهات المحلية والخاصة المعنية.
مسار مهني للطلبة
استحدثت وزارة التربية والتعليم ضمن مسيرة التطوير، مساراً للتعليم المهني ضمن التعليم المستمر، الذي يبدأ من الصف السادس، وبعد اجتياز الطالب للاختبار التشخيصي، يدرس عددا من المقررات وفق المرحلة الدراسية، تتمثل في المبادئ الأساسية في الصيانة والإلكترونيات، وتقنيات اللحام، والتصميم الجرافيكي، والهندسة المدنية، واللغة الإنجليزية، والعربية، والتربية الإسلامية، والرياضيات، ومهارات الحاسب الآلي، وعمليات إنتاج النفط والغاز، ومهارات الحاسب الآلي، وإدارة الأعمال، والموارد البشرية، والسفر والسياحة.
ونظراً لضرورة إيجاد قنوات متنوعة لتبادل الثقافات والعلوم بين شعوب العالم في ساحات العلم، حرصت المدرسة الإماراتية، من خلال خطة تطوير التعليم الشاملة، على مواكبة التطورات العالمية في هذا الجانب، وجعل التعليم «ثنائي اللغة»، على أن يطبق تدريجياً، في مادتي اللغة العربية والإنجليزية، لتمكين الطلبة من توظيف اللغة وفنونها ومهاراتها في التحليل العلمي، وحل المشكلات والتفكير الناقد، الذي يؤدي إلى تعزيز مهارات الاتصال والتواصل «اجتماعياً وأكاديمياً».
تغييرات هيكلية تواكب العالمية
جاءت التغييرات الهيكلية التي شهدها قطاع التعليم، تواكب تجارب الدول الكبرى على مستوى العالم، مثل ألمانيا، والسويد، والنرويج، وهولندا، وإيطاليا، والنمسا، والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تهدف تلك الانظمة إلى تقليل مركزية الإدارة وإعطاء مزيد من الاستقلالية، وحققت نجاحاً مشهوداً في مخرجاتها ومجتمعاتها المعرفية.
ووضعت الوزارة معايير جديدة لتصاميم المباني المدرسية لكي تتواكب مع التطوير الجاري للمنظومة التعليمية بشكل عام في الدولة، وإيجاد بيئة تعليمية محفّزة للطالب.