الخليج: الكثير من الرحلات الطلابية تستهدف مؤسسات حكومية، وشركات خاصة، بها عدد كبير من الموظفين والأقسام والفروع والإدارات، كي تكون وجهتها، لتعريف الطلاب بها .
هذه الزيارات الهادفة من قبل المؤسسات التعليمية، بجميع مراحلها، تقلل الهوة الواقعة، بين المجتمع والمؤسسة التعليمية، وبين ما يدرسه الطالب، من جهة، وما يتعلمه، وبين ما سيقدمه مهنياً في المستقبل القريب، والتعرف إلى الوظيفة التي تناسبه، لتصبح متعة وهدفاً يرنو للوصول إليه، ويرى نفسه، جالساً على المقعد الذي يجلس عليه ذلك الموظف، في الهيئة التي زارها، ويرسم بمخيلته حلماً، لن يمر الكثير ليحققه، بإذن الله .
في هذا التحقيق نرى الأحلام التي راودت طلاب المدارس، حول عملهم المستقبلي، وتأثير الرحلات إلى جهات العمل في تغيير وجهة نظرهم أو تمسكهم بحلمهم، كي يكون واقعاً في المستقبل القريب .
مرام أحمد (مشرفة أنشطة) تقول إن الزيارات التي تحرص عليها المؤسسات التعليمية، ولاسيما إلى الهيئات الحكومية والمؤسسات والشركات الكبيرة، توجه الطالب نحو السعي المستمر إلى تحقيق أحلامه، ووضع الرؤية الصحيحة لمستقبله، وكذلك تصوره على النهج الصحيح .
وتضيف أحمد أن “الطلاب يمكن توجيههم، نحو هدف بعينه، ربما لا يكونون منتبهين إليه، من خلال زيارة أحد الأماكن الذي يعجب الطالب فيه، والعمل به مستقبلاً، ما يجعله متطلعاً إلى القيام بهذه الوظيفة دون غيرها من الوظائف وأن يسعى جاهداً للوصول إلى هدفه المنشود” .
وترى أحمد أن زيارات المدارس إلى هذه المؤسسات ورؤية الموظفين يؤدون أعمالهم يولد الرغبة في الطلاب نحو المزيد من العمل الجاد والاجتهاد في المذاكرة والتفوق .
وتضيف: “نحن كمشرفي أنشطة ورحلات نهتم باختيار الأماكن التي تناسب ميول الطلاب والطالبات وتعرفهم بالدور الذي يقوم به هؤلاء في خدمة الوطن” .
كما أنها تخدم المساقات الدراسية، خاصة زيارة الهيئات المتخصصة والتي تضع المادة العلمية بين يدي الطالب من خلال الممارسة العملية .
تقول عذراء يوسف: “استفدت الكثير من الخبرات خلال زيارة عدة أماكن، منها البلدية، في زيارة نظمتها المدرسة، وتعرفت إلى الكثير من الأعمال التي يقوم بها الموظفون، واستمتعت بأجواء العمل، وشاركت الموظفين في الهيئة أنشطتهم اليومية، وتعلمت كيفية التعامل مع المراجعين وتقديم الخدمة لهم” .
وأضافت يوسف: “تعرفت إلى كيفية القيام بالعمل الذي أقدمه في المستقبل، وكيف تسير الأمور في أروقة الهيئات والمؤسسات، ولم يبخل علي المرشد الذي لازمنا خلال زيارة المكان بشيء، وشرح لي وزملائي الكثير، منها أقسام الهيئة وعمل كل موظف والدورة التي يمر بها طلب المراجعين” .
وأضافت: “من خلال زيارتي، رسمت صورة في خيالي للعمل المستقبلي الذي سأقوم به، ما أعطاني دافعاً كبيراً للتعلم وبذل الجهد الكبير في التحصيل الدراسي، كي أستطيع تحقيق حلمي المستقبلي” .
أما فاطمة عباس فتقول: اكتسبت الكثير من الخبرات، من خلال زيارات أعدتها المدرسة للهلال الأحمر، وتعلمت التواصل مع الآخرين، وكيفية توظيف ما نتعلمه في الوظيفة التي نسعى للعمل بها .
وتضيف عباس: “كانت تجربة مثيرة وجميلة، وجديدة بالنسبة لي، فللمرة الأولى أزور مؤسسة، وأرى الموظفين عن قرب، وكنت مستمتعة أكثر من الرحلات إلى الملاهي، وأشعر بالطمأنينة في المستقبل إذا التحقت بإحدى هذه المؤسسات التي قمنا بزيارتها” .
وتضيف عباس: “تعرفت إلى الكثير من خطوات العمل ومراحله التي يمر بها، وعشت أجواء لم أكن أتخيلها من خلال الرحلة، وأنا أمر بين الطرقات، وفي جوانب المكان، تخيلت نفسي جالسة هنا إلى أحد المكاتب، وأمامي أحد المراجعين، وأقوم بتوجيهه إلى المكان الصحيح بعد إنهاء معاملته” .
أما حمد يوسف فيقول: “كنت حريصاً على المشاركة في الزيارة التي أعدتها المدرسة إلى الشرطة، لأتعرف عن قرب إلى العمل الشرطي، الذي أسعى أن أكون أحد منتسبيه في المستقبل، وتعرفت عن قرب إلى العمل الشرطي بإدارة المرور والدوريات وكيفية مخالفة المركبات الخارجة على قوانين السير” .
ويضيف يوسف: “شرح لنا الموظف المختص عمل كل إدارة، والتخصصات المختلفة في المكان، ودفعتني الزيارة إلى حلم الالتحاق بالشرطة في المستقبل .
رانيا قاسم أحست بأنها قريبة من المجال الذي تحب العمل به مستقبلاً حين زارت مع زميلاتها في رحلة مدرسية هيئة البيئة والمياه .
وتقول قاسم: “أحب العمل في مجال البيئة والمحافظة عليها، لأنها تحتاج منا إلى الوعي الكامل بأهميتها، وأنا أحب هذا النوع من العمل والاشتراك في أنشطة وأعمال تتصل بها، والتطوع في خدمة الآخرين” .
وتضيف: “اشتركت في الزيارة التي نظمتها المدرسة، وكنت حريصة على التعرف إلى أهم الأعمال التي يقوم بها الموظفون لحماية البيئة والتشجيع على المحافظة عليها، ومن خلالها تعرفت إلى ميولي وقدراتي العملية وحددت ما يمكنني القيام به مستقبلاً” . وترى قاسم أن الزيارة كانت ضرورية للتعرف إلى كيفية التعامل الصحيح مع موارد البيئة من خلال شرح لأحد الموظفين، وهذه الزيارة شجعتني على المزيد من الأنشطة التطوعية لخدمة البيئة .
عبير تحسين ترى إن زيارتها لبينالي الشارقة حببها في الاستمرار بممارسة هوايتها المحببة، ولاسيما أنها تهوى الاشتراك في المعارض الفنية ورسم لوحات تعبر عنها .
وتقول تحسين: “هواية الرسم التي أحبها دفعتني إلى الاشتراك في الرحلة المدرسية لبينالي الشارقة، ورأيت الكثير من الأعمال التي حاولت تقليدها والاستمتاع بها، ولاسيما أنني أنوي العمل مستقبلاً في هذا المجال” .
وتضيف تحسين: “كانت الزيارة السبب في اكتشاف موهبة الرسم والتعرف إلى أصدقاء جدد يترددون على المكان نفسه، لتبادل الخبرات وزيادة المعارف واكتساب مهارات جديدة، مرتبطة بالمنهاج الدراسي” .
وتضيف تحسين أن زيارة بعض الأماكن تشجع على الالتحاق بأعمال مستقبلية، ففيها يكتشف الطالب قدراته .
وزارت نوارة صباح معرض الكتاب في زيارة مدرسية له ورأت الإقبال القوي على شراء الكتب، ما شجعها على اقتناء الكتب والروايات وشجعها على المطالعة المستمرة .
وتقول صباح: “تعودت على المطالعة وتخصيص وقت لها يومياً، وبدأت في كتابة أولى قصصي القصيرة والاشتراك في المسابقات الثقافية التي تنظمها المدرسة، وأنوي في المستقبل أن أصبح كاتبة أو صحفية” .
وتقول صباح إن الكثير من المواد الدراسية والدروس تحتاج إلى دعمها من خلال زيارات لمثل هذه الجهات والأماكن التي تعمق فهم المادة الدراسية .
د . شيرين موسى: عوامل محددة لاختيار الوجهة
د . شيرين علي موسى أستاذ الإعلام المساعد بكلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية، بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، ترى أن هذه الزيارات، تكون غالباً، ضمن المساقات الدراسية التي يدرسها الطلاب، للتعريف بطريقة العمل على أرض الواقع من ناحية وأيضاً في إطار الاتفاقات المبرمة بين المؤسسات التعليمية، وجهات العمل لأغراض التدريب، واكتساب الخبرة في هذا السياق، والتعاون المتبادل بين الجهات المختلفة .
وعن مدى توافر المعايير المناسبة، للأماكن التي تتم زيارتها من قبل الطلاب، واستراتيجية اختيارها من قبل المختصين من مشرفين وأساتذة تقول موسى إن توفر الأقسام والفروع والتباين النوعي بين أنشطة المؤسسة، ومدى ثرائها النوعي، وإمكانية إفادتها للطلاب وإكسابهم الخبرات المناسبة والتي تناسب تخصصهم، بجانب الجدول الزمني الذي تمنحه الجهة للطلاب الزائرين، والأماكن المتاح التعرف إليها أثناء الزيارة ومدى التعاون المطروح والممكن للجهة التي يزورها الطلاب، عوامل توضع في الاعتبار عند تحديد الوجهة التي نزورها .
أما ما يخص الطلاب من إبداء رأي بعد الزيارات، فتقول موسى: “إننا ننتظر من الطلاب طرح الكثير من التساؤلات والاستفسارات، ورصد المؤسسة، والتطورات والمعلومات حول المكان الذي نزوره لمعرفة المزيد عنه، ولرصد التطور الممكن الذي يمكن أن تقوم به المؤسسات وإمكانية الممارسة الحقيقية للعمل، ولاسيما للطلاب الجدد وفي الفرق الأولى من الدراسة” .
وتضيف موسى إن الكثير من وجهات نظر الطلاب، تتغير بعد هذه الزيارات، ما يدل على إمكانية تغيير وجهات النظر حول وظيفة بعينها أو عمل كان ينوي العمل به .
وتضيف: لم يتوقع الكثير من الطلاب حجم التطور الذي تشهده المؤسسات في الدولة، ما غير وجهات نظرهم نحو بعض الوظائف التي يتطلعون إليها، وهذه الزيارات، مؤشر قوي للتقدم الذي تشهده الدولة من ناحية ولما يتطلع إليه الطلاب وحاجة سوق العمل الذي يتعرف إليه لطلاب عن قرب، وأيضاً إمكانية تغيير الوظيفة، من ناحية أخرى .
على الرغم من الآثار الإيجابية التي تتركها الزيارات، إلا أن هناك بعضاً ممن يغيرون وجهات نظرهم نحو وظيفة المستقبل، حسب موسى، فتقول: “يشعر الطالب بالمسؤولية التي ستلقى على عاتقه، فيفضل الأعمال الإدارية والمكتبية ويصر على ذلك، بعد أن يرى بعينه الموظف في المكان” .
وتضيف: “تعرف جهات العمل والمؤسسات المختلفة إلى الطلاب والكوادر الجديدة في الجامعات والمدارس، ومن لديهم ميول نحو العمل في هذه الجهات، يوثق الصلة ويدعم وسائل التواصل المتنوعة، فيما بعد بين الطرفين، ويوفر الاحتياجات اللازمة لكل جهة من ناحية أخرى” .
– See more at: http://alkhaleej.ae/supplements/page/481c0003-3c11-4a44-942f-54fa55e701c1#sthash.sEwjNHpF.dpuf