الخليج: اشتمل ملتقى الجاليات الذي أقيم، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس جامعة الشارقة، في المبنى الرئيسي، في حرم الجامعة، الأسبوع الماضي، على مشاركات 37 جالية، مُثلت كل منها نادياً طلابياً في الجامعة .
واختلفت طلاب الجاليات في التعبير عن مفاهيم انتماءاتهم الوطنية عبر منصة هذا الملتقى، فمنهم من عبر عن وطنه وفخره وحنينه إليه، بتزيين ركنه بالعلم، وتعليق صور تحكي عن حضارة وطنه الثقافية والتاريخية والجغرافية، كما لجأ الآخرون إلى الرقصات الفولكلورية، أو الأبيات الشعرية، أو الرموز الوطنية، والأغاني التراثية، أو حتى تقديم أكلات وأطباق شعبية، أعدتها عائلات تمثل هذه الجاليات في الإمارات، ليقدموها للجمهور، إضافة إلى العديد من من التصميمات والطرق التي ابتكرها الطلاب، بتعاون من رؤساء الأندية، وأعضائها، وعمادة شؤون الطلاب في الجامعة، للخروج بهذا الملتقى في دورته العاشرة، بأجمل وأبهى حُلة، تترك أثراً راسخاً، لطالما اعتاد الملتقى أن يبقيه، عند إحيائه طوال السنوات السابقة، في نفس الطالب والزائر .
من ركن الجالية الجزائرية، كانت انطلاقة الزيارة، وبدأ أعضاء النادي بالحديث عن الأكلات الشعبية التي تفوح رائحتها الطيبة والشهية بين أرجاء المكان، إذ أخذت نفيسة بن صحراوي تُعرف بتلك الأصناف، التي تمثل واحداً من معالم الحضارة الجزائرية في الوطن العربي، وبين بلاد المغرب العربي على وجه التحديد، وقامت بإعدادها للملتقى عائلات جزائرية، نظراً لعدم وجود مطاعم أو مطابخ تقدم الأكل الجزائري في الدولة، ومن أصناف الحلويات، اشتمل الركن على: البقلاوة، والمبرجة، والمشوك، والقريوش، وتشاراك، وتضيف ابن صحراوي: “الملتقى يُمكن الطلبة من الخروج على جو الدراسة، والمحاضرات الصفيّة” .
وتقول فاطمة فرجاني، عضو في النادي الجزائري، إن الركن لم يقتصر على تقديم المأكولات التي تمثل الجزائر وتشترك فيها أغلب الولايات والمناطق، مثل: الكسكسي، وبغرير، وتليتلي، بل اشتمل أيضاً على تجميع مفردات الحياة اليومية وأدواتها، والتي تستخدم في غربي وشرقي الجزائر، مثل: الفخاريات والنحاسيات، بالإضافة إلى اللوحات الصوريّة، التي تدخل في تصميم الركن وديكور جدرانه، وتعرض أبرز وأعرق المعالم الجزائرية، مثل: قسطنطينة، وشارع القصبا في العاصمة الجزائر، والمرسى، الذي يمتاز بثقله التاريخي والحضاري .
تشير عائشة غربي، مشرفة الجالية الجزائرية، إلى أن الإصرار على التعريف بلباس الشدة في هذا الملتقى، العائد بتاريخه إلى القرن الحادي عشر، كوجه من أوجه الحضارة والثقافة الجزائرية، لأنه لباس تقليدي مشهور في مدينة تلمسان، تتزين به العروس يوم زفافها، ويصل وزنه إلى 15 كلغ، نظراً لترصيعه بالكثير من المجوهرات والخيوط الذهبية، وتتابع: “من مزايا هذا اللباس أنه يجمع بين حضارات عدة تعاقبت على مدينة تلمسان، وشكلت في نهايتها الشدة التلمسانية، واستطاع الزي الاحتفاظ بكل هذه المكونات، بين خيوطه وتقسيماته” .
ويمتاز الجناح التونسي بأبيات أبي القاسم الشابي، التي خُطت على واجهته، وتعبر عن حب التوانسة لوطنهم واعتزازهم فيه، حيث يقول فيها:
أَنَا يَا تُوْنُسَ الجَمِيلَة فِي لُجِّ
الهَوى قَدْ سَبَحْتُ أَيَّ سِبَاحَهْ
شِرْعَتي حُبُّكِ العَمِيقُ وإنِّي
قَدْ تَذَوَّقْتُ مُرَّهُ وَقَرَاحَهْ
لا أبالي . .وإنْ أُريقتْ دِمائي
فَدِمَاءُ العُشَّاق دَوْماً مُبَاحَهْ
وتُبدي خلود الحفصي، رئيسة النادي التونسي، فرحتها التي لا يصفها الكلام، لتمثيل تونس ولأول مرة في الملتقى في هذه الدورة العاشرة، وذلك بسبب العدد الطلابي القليل للتونسيين في الجامعة، والذي يبلغ ثمانية طلاب فقط، منوهةً إلى استخدام اللونين الأبيض والأزرق في تصميم الجناح، حيث يمثل الأبيض طيبة قلب التونسيين وبياض سريرتهم، ويوحي الأزرق بصفاء البحر ولونه الآخاذ، مع شهرة الدولة بأنها “تونس الخضراء”، لكثرة الاخضرار والطبيعة فيها، وتستطرد: “استوحينا فكرة ديكور الركن بأكمله من فكرة البيت العربي التونسي القديم، وما يمتاز به من قفص سيدي بو سعيد”، الذي يزين مداخل الجناح ويلفت الأنظار بجمال تكوينه وبساطته التراثية .
وبالإضافة إلى تصميم الجناح، جمعت مكونات تشتهر بها تونس الخضراء في صحرائها وساحلها، لتعريف الزوار بها، مثل السجادة من الساحل، والقفة المتواجدة في الساحل والصحراء، ويتم استخدامها لوضع الحاجيات والأغراض بها، وجهاز الفضة للعروس، ووردة العنبر .
وتُعلق حنين عساف، زائرة، على الملتقى الذي اعتادت زيارته في كل عام، قائلةً إنه في مثل هذه الملتقيات لا يهمها إحضار شيء جديد، بِقدر ما يعنيها الاستمتاع بما يقدم، من عرض ممتع وشامل لكافة ملامح الحياة التي تخص كل ثقافة وجالية مُمثلة في الملتقى، وتضيف: “الجميل في الملتقى أنه يعرف الجمهور بثقافات لم يسبق وأن سمعنا عنها، كجالية بوركينا فاسو” .
وباسم هذا الركن، يقول رئيس نادي بوركينا فاسو أبو بكر ميجا إن دافعهم لتمثيل بلدهم جاء من عدم وجود سفير وقنصلية لبلدهم في أغلب البلدان، ولهذا قرروا التعريف ببلدهم من خلال هذا الملتقى، ولفت الأنظار إليه، بإعطاء الجمهور نبذة عن موقعه الجغرافي، الواقع في وسط غرب قارة إفريقيا، والإشارة إلى المناطق الطبيعية فيه، ومعالم الجذب السياحي، والمهن اليومية لشعبه، كزراعة القطن وتعدين الذهب، والصناعات الوطنية، إلى جانب التعريف برؤساء بوركينا فاسو الثمانية المتوالين على حكمها منذ بداية الاستقلال .
تتربع صورة حنظلة، وكنيسة القيامة على مخرج الجناح الفلسطيني، الذي ترى فيه، لانا ثروت، نائبة رئيس النادي الفلسطيني، فرقاً كبيراً عما كان عليه في الدورة السابقة، حيث أُضيفت له هذا العام فكرة البيت الفلسطيني، وتم اعتماد شاشة تعرض فيديوهات عن مناظر وقرى فلسطينية، حتى تشعر المشاهد بواقعيتها وكأنه يتجول بين جنباتها .
أما آلاء محمد، مساعدة في الركن الفلسطيني بقسم المسابقات، تقول إن كشك التصوير المجاني للزوار يُمكن زائري الملتقى والجناح الفلسطيني على وجه التحديد، من التقاط صورة حرفيّة في قالب يحمل صورة بطاقة الهوية الفلسطينية، وإعطائه الصورة كتذكار من الجالية ودورة الملتقى، بالإضافة إلى قالب انستغرام، الذي اعتمدته أكثر من جالية في أكشاك تصويرها، لتصوير الأشخاص بصور تحمل طابع الاستمتاع والبهجة .
وتضيف أنسام سمحه، مساعدة في الركن الفلسطيني بقسم المسابقات، إلى أن هدف المنافسات وبشكل أساسي معلوماتي، يتمثل في تزويد الجمهور بمعلومات وتعريفهم بمناطق وشخصيات فلسطينية مشهورة، إلى جانب تحريك الجو وتوفير جو من المنافسة والاستمتاع، وترك بصمة فلسطينية بَحتة، في ذهن كل زائر، نظراً لحب الفلسطينيين لكل ما يذكرهم بهويتهم ويرجعهم إليها، من خلال الرمزيات والمنشورات .
ويشير محمد موسى، زائر، يرتدي الكوفية الفلسطينية على امتداد كتفيه الصغيرتين، إلى إعجابه بالجانب الصوري في الجناح الفلسطيني، ويبدي إعجابه الأكبر بالركن الياباني، حيث يكاد لا يحرك ساكناً أمامه، وبالتحديد عندما رأى شخصية الأنمي الروحية، “No Face” في قسم يابان الجديدة .
ومن داخل هذه الشخصية مجهولة المعالم والتي يغلب السواد والغموض عليها وعلى ردائها، تكشف سارة يونس، عضو في النادي الياباني، عن ملامحها وتعرفنا إلى هويتها، فتقول “اعتمدنا الأنمي في تصميم الجناح بشكل عام، لكون الثقافة اليابانية الحديثة تشتهر به عالمياً، واخترت تمثيل شخصية “No Face” بالتحديد والمُقتبسة من فيلم “Spirited Away” لأنها تمثل رمزاً، وتقوم بتوزيع هدايا من ذهب، لأن وحدتها تزعجها، وترغب في تقريب الناس إليها وجذبهم نحوها بأيّة وسيلة كانت، لتخرج من شرنقة عزلتها، ولكن يُكتشف في النهاية أن هذه الهدايا ليست ذهبية” .
وعن تصميم الجناح، تلفت ندى عبدالرحمن، عضو في النادي الياباني، أنه مقسم إلى أربعة أجزاء رئيسية، اليابان الحديثة، اليابان القديمة، وأخلاق اليابانيين وصلتهم بالإسلام، والركن الأخير يتمثل في الأكل والضيافة، مشيرةً إلى أن السفارة اليابانية دعمتهم بالمنشورات التعريفية عن الدولة والمقاصد السياحية فيها .
وتضيف صبا أحمد، رئيس النادي الياباني، أنه تم اعتماد لباس الياكوتا الياباني لتمثيل ثقافة البلد عن طريق الأزياء، وإضافة بعض شخصيات الرسوم المتحركة الشهيرة، واعتماد عدد من الألعاب اليابانية الحديثة والتقليدية .
ومن دول الخليج، يتألق الجناح السعودي بتصميمه، وتموره، ورائحة بخوره، يؤكد رئيسه عبدالعزيز بن صالح القنيعير أن أوجه الثقافات، التي تناولها الجناح أبرزت الثقافة السعودية في الحاضر والماضي، وتم التطرق إلى قيم اجتماعية عدة، لتكثيف وتنمية حضور الطلاب في هذا القسم من الملتقى، وصنع الألفة والمحبة فيما بينهم، لكون هذا الملتقى أكبر حدث يُقام في الجامعة، ويجمع أكبر عدد من الطلاب والطالبات السعوديين، إضافة إلى ذلك فإنه تم تسليط الضوء في هذا الجناح، إلى عدة جوانب، ابتدأت بالقرآن الكريم، والملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمة الله عليه، وعرض ثقافة تمور المملكة، ثم انتقلنا إلى إبداعات الطلاب السعوديين وابتكاراتهم العلميّة، بما فيها من صناعة للأفلام القصيرة، ودعم وتعزيز وعلاج المشاكل الاجتماعية عبر حلقات اليوتيوب، من قناة “Exit14” الصاعدة، سواء أكانت بأسلوب كوميدي أو درامي، حيث تم تصوير أغلبها في الإمارات، وواحدة في جدة .
ويتميز الجناح اللبناني، على حد قول عضوته فاطمة القدسي، بثقافته ورموزه الفنية، المُتمثلة بجبران خليل جبران، وفيروز، وزياد الرحباني، إلى جانب شجرة الأرز، التي ينفرد بها العلم اللبناني عن غيره، وتضيف ريم فحص، عضو في النادي، أن الملتقى استطاع أن يوحد الثقافات والطوائف والأديان المتنوعة، ويجمع الطلاب تحت سقف واحد .
وعن تصميم الجناح، تلفت أميرة عبدالله، عضو في النادي اللبناني، إلى أنه تم تزيين جدران الجناح بصور أشهر الأماكن والمناطق السياحية، كبيت الدين، ومغارة جعيتا، والروشة، وقصر موسى .
ويضيف هادي طنوس، مشارك في الجالية اللبنانية، إلى أن المأكولات تضيف واحداً من أوجه الحضارة على كل ركن في الملتقى ولا يمكن غض الطرف عنها، أو التكلم عن ثقافة ما، من دون إيراد أشهر المأكولات والأطباق فيها، كالتبولة، والمعجنات، وورق العنب، والكبة في لبنان، والتي يتم عرضها من خلال هذا الركن وتقديمها للزوار .
وتؤكد حنين طلال وشذى خالد، زائرتان، أن الملتقى فاق توقعاتهما، من حيث الإشراف، والإدارة، والتنظيم، منذ سلكتا أولى خطواتهما لدخول، معبرين عن حماسهما وتوقهما الشديد لزيارة كل أقسام الجاليات، خاصة التي تمثلهما، وقضاء متسع من الوقت بين أركان الجناحين اللبناني والسوري .
ويشير محمود الشيخ، عضو منظم في اللجنة المنظمة في الجناح الموريتاني، إلى أن الملتقى، وبالإضافة إلى تعريفه بالتنوع الثقافي الحضاري للبلدان، فإنه ركز على غرس بعض المهارات الأساسية في نفوس الطلاب، كحسن الإدارة، والقيادة، والتخطيط، والعمل بروح الفريق الواحد، وتقسيم المهام والوظائف، وفتح المجال أمام الطلاب الموريتانيين، بالرغم من عددهم القليل في الجامعة، للاجتماع والتحاور، وتبادل الأفكار ومناقشتها وتطويرها، للخروج بها بهذا الشكل النهائي .
وتضيف آمنة الصوفي، رئيس النادي الموريتاني، أنه تم الاعتماد في تصميم ديكور الجناح على الدمج ما بين شنقيط، التي تعتبر أشهر منارة في موريتانيا، وزخرفة منطقة ولاتا، لتعريف الناس بهما مجتمعتين، والإشارة إلى أهميتهما الثقافية والتاريخية في موريتانيا، وتتابع: “زودنا الجناح من الداخل بمخطوطات قديمة لتزيينه، وإعطائه الروح الموريتانية الحضارية، بوجود مخطوطة الفقه المالكي، والمصحف القديم المكتوب بالخط الكوفي، من خلال تذويب الفحم بالماء والاعتماد على المواد الطبيعية، كالزعفران لتلوين بعض الأحرف والحركات” .
ومن بلاد الرافدين، يقول مصطفى الشبوط، رئيس النادي العراقي، إنه تم اقتباس فكرة استوديو بابل، لتمثيل الاستوديو التصويري الذي تواجد في بغداد قديماً، حيث يعمل من خلاله على تصوير الزوار صوراً تذكارية بخلفية، نسجت عليها خريطة العراق، وكانت نتاج عمل يدوي اشترك فيه كل أعضاء النادي العراقي، ووضعوا عليه معالم ثقافية بارزة .
من جهتها، ترى مريم غانم، رئيس النادي العراقي، إلى أن الطلبة العراقيين والأعضاء في النادي، اشتركوا جميعهم، لاختيار الأغاني التراثية العراقية، التي تصدح في الجناح، ويغنيها أشهر الفنانين العراقيين، من أمثال: ناظم الغزالي، وعفيفة اسكندر، وإلياس خضر، وتمثل ثقافة الجناح بشكل أو بآخر، إضافة إلى سلة تحوي قصاصات ورقية، كُتبت عليها أبرز الكلمات والعبارات العراقية المتداولة، مثل: “شكو ماكو”، و”أحبه كُلش” .
عمادة شؤون الطالبات
تؤكد فرح اليوسف، فنانة تشكيلية ومسؤولة المرسم الجامعي، أنه يتم تنفيذ جدارية عن ملتقى الجاليات، ضمن مشروع جداريات بالسيراميك والفسيفساء، ويفعل هذا المشروع خلال اليومين اللذين ينطلق فيهما ملتقى الجاليات، بحيث تشارك كل الجاليات الممثلة في الملتقى في هذه الجدارية وتصميمها، حتى وضع الرتوشات واللمسات النهائية عليها .
وعن المهارات التي يكتسبها الطلبة والمشاركون في هذه الجدارية تقول اليوسف: “تعلمهم مهارة العمل الجماعي، وتترك أثراً في نفوس الطلبة، باعتبار أن الجدارية عنوان يمثل الملتقى في كل عام حتى الدورة التي تليه” .
– See more at: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/b6a98a5f-864c-48a6-8b12-4b68abd82e44#sthash.O7J8tTFp.dpuf