الإمارات: طلاب يحولون الجانب النظري إلى عملية مبدعة

دار الخليج: من خلال اللعب والمسابقات وتدوير النفايات وتحويلها إلى وسائل تعليمية، من أجل تبسيط المنهاج الدراسي، وتغيير نمطه بحيث يعتمد على الفهم والتحليل والاستنتاج والربط، يقوم طلاب مدرسة التفوق للتعليم الأساسي ح2 في العين بتلقي علومهم الجغرافية بطريقة حولت العلم الجاف إلى مادة محببة ومشوقة بعد أن تلمسوا كل أسرارها، بل وصلوا إلى مرحلة سمحت لهم باختبار بعضهم بعضاً على خلفية من الفهم المعمق للمادة الدراسية المقررة عليهم تحت إشراف معلم الجغرافيا أحمد مصبح خليفة النعيمي

المشرف على هذا المشروع ومنسق مادة الدراسات الاجتماعية والمشرف البيئي بالمدرسة، وهي الفكرة التي بدأت منذ 6 سنوات تقريباً وأصابت هدفها بين الطلاب، من خلال الفوز في عدد من المسابقات والمشاركات في المعارض التعليمية على مستوى الدولة ومن خلال استيعاب أكبر لعلم الجغرافيا .

يقول الطالب سلطان خليفة النعيمي (الصف التاسع): إننا نتلقى الجغرافيا بأسلوب مختلف، فالجميع في الصف يشارك في إعداد المادة مع المعلم قبل دراستها، ونقوم بتجسيد كل عناصرها من خلال أدوات وخامات متاحة لنا في المنزل بعد مناقشة الأمر بالطبع مع المدرس في نهاية الحصة الدراسية لما سنفعله، حيث يقترح كل منا اقتراحاً لتجسيدها، ومن ثم نبدأ بالعمل، حيث يتشارك الجميع في الحصة في تحليل واستنتاج ما تحتويه اللعبة من عناصر وتطبيقها على الواقع، كأننا قمنا بتصغير الواقع إلى مجسم صغير نراه ونربط بين عناصره ونستنتج الكثير، مما يسهل من أمر استيعاب الدرس، وقد دعانا معلمنا أيضاً إلى إطلاق خيالنا في إلقاء الأسئلة التي تقيس درجة الفهم، ومن ذلك ما قدمته من طريقة تتلخص في تصميم لعبة باسم السمكة الجغرافية التي تحمل فيها كل سمكة رقماً وكل رقم يعني سؤالاً يجيب عنه الطالب، ولعبة أخرى يقوم الطالب فيها بإصابة الأهداف الموضوعة على اللعبة، وكل هدف يقابله سؤال مرتبط بالمنهج الدراسي . ويتابع الطالب سيف العميمي: شاركنا في العديد من المعارض وأهمها العام الماضي بمعرض المدن المستدامة بجامعة الإمارات، حيث اختارت الجامعة مشروعنا تحديداً لعرضه، ولم يشارك أي مشروع مدرسي آخر، وهناك تم تكريمنا من مدير الجامعة، حيث نال المشروع إعجاب الزوار وتلقينا كلمات كثيرة مشجعة أكدت لنا أننا تميزنا بعملنا هذا، كما شاركنا في ورشة أخرى عقدها قسم التخطيط الحضري وتعلمنا منها الكثير مما أفادنا في مشروعنا .

أما الطالب هزاع السريحي، فيؤكد أن تحويل الدراسة إلى نوع من اللعب والمسابقات حوّل المفاهيم إلى أكثر سلاسة وأكثر استيعاباً .

ويقول: “ساعدتني هذه الطريقة في شرح المادة على تطوير مهاراتي في الأنشطة اللاصفية وإثارة دافعيتي في المشاركة الصفية وتقديم اعمال مماثلة من خلال تصميم العاب تعليمية والربط بين المدرسة والمجتمع المحلي، حيث صممت لعبة ترتبط بالبيئة المحلية، وهي عبارة عن صندوق يحتوي على شخصيات المسلسل الكرتوني “فريج” ويحتوي على شخصيات المسلسل التي تقوم بطريقة مبسطة بتوجيه أسئلة للطلاب خاصة في الجزء الذي تم إنجازه من المنهج، ولأن الطلاب يحبون هذه الشخصيات فإنهم يشعرون بسعادة ولا يواجهون خوفاً من مجرد طرح الأسئلة” .

ويضيف الطالب سالم الكعبي: “لقد علمتنا هذه الطريقة في الدراسة أساليب تنظيم الوقت، بحيث نؤدي كل الواجبات المطلوبة منا في المنزل بطريقة منظمة ومبكرة لكي نتفرغ لمشروع الجغرافيا الذي تساعدني على تصميمه أسرتي بالأفكار والأشياء، ولا أضطر مطلقاً إلى التوجه إلى المحال التجارية أو المكتبات لشراء مشاريع جاهزة مكلفة، فكل شيء متاح أمامي في المنزل، وما عليّ إلا استخدام ذكائي ومهاراتي لتجسيد الشرح النظري إلى تطبيقي، فالجبال يمكن تجسيدها بالقطن الملون، والبحار يمكن تجسيدها بالإسفنج بعد معالجته، وغيرهما الكثير، وهي أمور علمتني كيف أحوِّل الأشياء غير النافعة إلى أشياء يمكن استخدامها في تقريب المعلومات لأذهان الطلاب” .

ومن جانبه، يقول الطالب عبدالله الظاهري: “قمت بتصميم أوراق عمل تحتوي على مهارات وألعاب تعليمية عدة مثل طريقة السلم والثعبان والبحث عن الكلمة المفقودة كإحدى وسائل إلقاء الأسئلة على نمط برامج المسابقات التي تعرض في التلفزيون التي تجعل كل الطلاب في الحصة في حالة من الشغف المستمر” .

اكتشاف المواهب

يقول أحمد مصبح خليفة النعيمي، مقدم مشروع التعلم ومعلم الجغرافيا ومنسق الدراسات الاجتماعية عن طريق اللعب: “يسعى المشروع الذي يتم تطبيقه منذ 6 أعوام بنجاح باختصار إلى استكشاف مواهب الطلاب، وتقديم المنهاج المدرسي بصورة محببة ومشوقة للطلاب، واستثمار الطاقات الطلابية، بأسلوب يخرجنا من الإطار النظري للمنهاج المدرسي وتحويله إلى جوانب عملية مبدعة، من خلال استغلال الخامات المتوفرة في البيئة، وتحويل الدروس إلى تصاميم متميزة من ألعاب وأشكال تعليمية يصممها الطلاب تحت إشراف المدرس، سعياً إلى إثراء العملية التعليمية، وتشجيع العمل المهني لدى طلابنا، لمحو الصورة المرتبطة بالعمل المهني من ناحية، وتشكيل وسائل تعليمية من صنع الطلاب تساعد على تثبيت المعلومة من ناحية أخرى” .

ويتابع: “في سبيل الوصول إلى تجسيد هذه الفكرة في مراحلها الأخيرة بدأت بمطالعة كل مواقع الإنترنت التربوية التي تعنى بهذا الجانب، ومن ثم تواصلت مع مؤسسات المجتمع المحلي بهدف الاطلاع على تجارب المؤسسات والتواصل معهم، مثل جمعية أصدقاء البيئة، وجمعية أصدقاء النخلة، ومجموعة الإمارات للبيئة وغيرها، كما سعيت إلى إشراك الطلاب في فعالياتهم المختلفة وأنشطتهم، والمسابقات التي تطرحها، بهدف الكشف عن مواهبهم وإبرازها، وفي المرحلة التالية قمت بتوصيل الفكرة بعد أن تحمس لها مدير المدرسة بكل الوسائل المتاحة من إعلانات وطابور صباحي وغيره، ومن ثم بدأت بالتطبيق العملي لها مع تلامذتي بالاطلاع على أفكارهم ومبادراتهم” .

Image