ثورة العقاب المدرسي

يشتكي الكثير من المعلمين من طلاب هذا الجيل لما يبدر منهم من سلوكيات مسيئة لمجتمع المدرسة وللمعلم بشكل شخصي أو لزملائهم الطلاب، كما انهم غير راضيين عن أساليب العقاب أو أنها غير كافية ويطالبون بإجراءات أكثر ردعاً. لذلك يثير مفهوم العقاب والثواب داخل المدارس جدلاً بين المعلمين والمجتمع بشأن أشكال العقاب التي يجب استخدامها لردع هؤلاء الطلبة.

في البداية يجب معرفة الأسباب التي أدت إلى هذا السلوك ومعالجتها قبل حدوثها، فالملاحظ أن سلوك الطلبة أختلف كثيراً بين هذا الجيل والأجيال السابقة وهذا أولاً انعكاس لعصر الإنترنت والتطور السريع الذي نشأت معه تغييرات سلوكية ليست دائماً ايجابية. كما أن الضعف الدراسي أحد أهم هذه الأسباب، فالطالب الذي يجد صعوبة في التركيز وفهم ما يقوله المعلم أثناء الدرس يعمد كثيراً إلى اثارة الشغب والفوضى داخل الصف، فهم ينشدون العقاب لتحقيق غاية معينية فيقومون بالسلوك الذي يستدعي العقاب آملين الحصول عليه. فهم يرون أن العقاب يحقق لهم أهدافاً أكبر ألا وهي جذب انتباه الآخرين و إشعارهم بأنهم أشخاص ذو شأن كبير ، وذلك لأن الفئة التي تلفت أنظار المعلم عاده هي الفئة المتفوقة و هذا ما يجعل الطالب الضعيف دراسياً يحول هذا الاهتمام إليه بدلاً من زملائه المتفوقين . و هنا يأتي دور المعلم بأن يتصرف بحكمة وذكاء وذلك بإشراك هؤلاء الطلبة وعدم إهمالهم و العمل على تنمية قدراتهم العلمية.

ولي الأمر في المنزل هو أحد أهم هذه الأسباب فتجد بعض أولياء الأمور يقلل من شأن المعلم أو المدرسة ككل في ذهن ابنه فيعمد الآخر على إثارة الفوضى لأنه يجد ولي أمره في صفه بكل صغيرة وكبيرة سواء أكان الحق معه أو عليه فيتمادى الطالب أكثر ” من أمن العقاب أساء الأدب”. بالجانب الآخر يمارس بعض أولياء الأمور الشده على أبنائهم فيلجأ الطالب على تنفيس هذه الشدة فالمدرسة فتظهر على شكل سلوك عدواني يمارسه الطالب على زملائه و مدرسيه. لذلك دور أولياء الأمور محوري جداً لمعالجة سلوكيات الطالب فهناك من يتعاون مع المدرسة وهناك من لا يبالي. فالأسر التي لها خلفية عن أساليب الثواب والعقاب التربوي و التي تتواصل باستمرار مع مدارس أبنائها يكون لها دور ايجابي بمساعدة المدرسة على تعديل سلوك الأبناء.

بالإضافة إلى أن إهمال بعض إدارات المدارس و المعلمين تعريف الطلاب بلائحة الثواب و العقاب في المدرسة أدى إلى تمادي بعض الطلبة و عذرهم الدائم هو عدم معرفتهم بالقواعد والسلوكيات التي قد تؤدي على العقاب . لذلك يجب على المدارس أو المعلمين الذين يريدون استخدام العقاب كوسيلة من وسائل التربية يجب علية أولاً أن تعريف الطالب بالأشياء التي تستوجب العقاب مسبقاً. أي أن يتم تحذير الطالب بأن هناك قواعد معلنة و أن من يتجاوزها سوف يعرض نفسة للعقاب . فالمعروف أنه من المستحيل أن تحافظ أي مؤسسة تربوية على الانضباط الذي يساعدها على تحقيق رسالتها التربية من دون أن يعرف المرتبطون بها لوائحها التنظيمية و السلوكية.

أما عن أشكال العقاب في المدارس ، فهناك أنواع عديده وكل نوع له هدف و وظيفة ، وتنوع العقوبات يعكس تنوع السلوكيات في المجتمع . حيث أن المعلم يتعامل مع طلاب يندرجون من عوائل مختلفة و بالتالي أكثر من مزاج و ثقافه في آن واحد. ولكن إذا حصرنا هذه الأنواع تحت عنوانين رئيسين سيكون هناك العقاب المعنوي وهو الأكثر تأثيراً في الطالب مثل حرمانه من الأشياء التي يحبها وعقابه بمنعه من ممارسة الرياضة المدرسية لمدة أسبوع مثلا أو بنقلة من المقعد الذي يفضله أو خصم الدرجات .أما العقاب جسدي المتمثل بالضرب الذي ينتشر بكثرة في صفوف الحلقة الأولى من المدارس أكثر من غيرهم من الطلاب ف الحلقة الثانية فهو الأقل تأثيراً و الأكثر نبذاً من المجتمع . وعلى العموم فإن ممارسة أي نوع من أنواع العقاب ستكون لها آثار على شخصية ونفسية الطالب لذلك يجب التنويه أن العقاب يجب أن يكون إصلاحياً لا انتقاميا ، و أن يكون في مصلحة الطالب لا في مصلحة المعلم ، كما أنه يجب أن يستوعب المعلمين أن ما يستدعي العقاب هو السلوك وليس الفشل الدراسي.

أخيراً إن استخدام المعلم لأساليب التوجيه و التبصير والتحفيز و الثواب قبل استخدام اساليب العقاب سيكون له مردود ايجابي افضل من استخدام اسلوب العقاب مباشرة . و ما أراه اليوم أن المدارس تحتاج الى تعاون بين البيت و المدرسين للرقي بالسلوك الاجتماعي و تطوره لأن المدرس يجب ان يشعر بالمتعة في عمله والا سيرتد ذلك سلباً عليه و على العملية التعليمية.

خولة بنت خميس الشكرية

Image
مقالات ذات العلاقة